#الثائر
الخبير في الشؤون العسكرية والقانون الدولي اكرم كمال سريوي .
الشرق الأوسط الجديد، الذي بدأت تتكشف معالمه، والذي تحدث عنه الأميركيون، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، لا يهتم بسوريا، بقدر تركيزه على إيران. وكان نتنياهو قد أعلن ذلك بصراحة، عندما تحدّث عن الاتفاق مع حزب الله، وقال: بأن الجهد المستقبلي ينصب على الصراع مع إيران.
لماذا إيران؟؟؟
لا ثروات هامة في سوريا، إذا تمت المقارنة مع ثروات إيران.
تفيد التقارير، أنه في إيران تم اكتشاف أكثر من 57 مليار طن من الاحتياطيات المعدنية، من أنواع متعددة، منها؛ الذهب، والفضة، والنحاس، والحديد، والتيتانيوم، الاحجار الكريمة وغيرها، ومنها أيضاً 36 الف طن من أحجار اليورانيوم.
أمًا الثروة النفطية، فتحتل إيران المرتبة الرابعة عالمياً، باحتياطي مؤكد يقدّر بأكثر من 137 مليار برميل (11% من الاحتياط العالمي)، والثانية عالمياً بعد روسيا في احتياطي الغاز، الذي يُقدّر بأكثر من 41 ترليون متر مكعب.
ولقد قفز سعر الغاز في نوفمبر الماضي في أوروبا، ليصل إلى 521 دولاراً لكل الف متر مكعب، (1000 متر مكعب تحتوي على 36 مليون mmPTU). وبحسب هذا السعر، نرى أن ثروة ايران الغازية، تُقدّر بأكثر من 21 ترليون دولار.
ويمكنكم أن تتخيلوا حجم هذه الثروة!!!!!
حتى اليوم تم اكتشاف 145 حقل هيدروكربوني في إيران، منها 102 نفط، و 43 غاز طبيعي. و كذلك تم اكتشاف 297 خزان، منها 205 نفط، و 92 غاز. وتم منذ عام 1995 اكتشاف مساحة تضم حوالي 84 مليار برميل من النفط، وقرابة 6 مليار متر مكعب من الغاز، في مناطق زائروه وأحواض الخليج، وهناك 23 حقل هيدروكربونية تتقاسمها إيران مع دول الجوار؛ الكويت، العراق، البحرين، المملكة العربية السعودية، الامارات العربية المتحدة، وتركمانستان.
وتملك إيران 50% من حفل غاز روم الشمال، الذي تتقاسمه مع قطر، ويُعتبر من أكبر الحقول، ويُقدر مخزونه بحوالي 51 مليار متر مكعب.
منذ أن اكتشف البريطانيون النفط في إيران عام 1908، بدأت شركاتهم تعمل على استخراجه، وسيطروا على انتاجه حتى عام 1951، عندما قام رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق بتأميم القطاع، لكن المخابرات الامريكية والبريطانية دبرت انقلاباً ناجحاً ضده عام 1953 ، في إطار التوجّه الأمريكي لمحاربة التيارات القومية في المنطقة، لكن هذا التوجّه ساعد في بروز موجة الدين السياسي، بالتفريغ السلبي، في معظم دول الشرق الأوسط.
وعادت بعد الانقلاب، الشركات الأمريكية والبريطانية لتتقاسم السيطرة على الانتاج، مع الشركات الايرانية، واستمر ذلك حتى سقوط الشاه، حيث قامت الثورة الاسلامية بإلغاء اتفاقات النفط الدولية، وسيطرت الشركات الوطنية وحدها على الإنتاج.
فرضت الدول الغربية بعد الثورة عقوبات على إيران، فتراجع انتاج النفط الايراني، الذي كان قد بلغ 6.6 مليون برميل يومياً عام 1974، لينحدر إلى أقل من مليوني برميل يومياً بعد العقوبات.
عمدت إيران إلى الالتفاف على العقوبات الأمريكية، لكنها أُنهِكت جراء حرب الخليج مع العراق، ولم تنتعش سوى بعد توقيع الاتفاق النووي، بحيث عاد الانتاج إلى الارتفاع نسبياً، وبلغت عائدات إيران من النفط حوالي 100 مليار دولار سنوياً، لكن في عام 2018 انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق، وأعاد فرض العقوبات على إيران، فانخفضت عائداتها النفطية عام 2019 إلى نحو 54 مليار دولار سنوياً، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
لا قيمة فعلية كبيرة لبرنامج إيران النووي، من ناحية الخطر على الولايات المتحدة الامريكية أو على أوروبا، أو حتى على إسرائيل. فحتى لو انتجت إيران قنبلة نووية، ستكون مجرد باكستان ثانية ليس أكثر من ذلك، ولن تكون قادرة على حماية أجوائها من التهديدات الأمريكية الإسرائيلية، كما يستحيل عليها استخدام سلاحها النووي ضد إسرائيل، وإشعال حرب نووية مدمرة.
تجدر الإشارة إلى أن إيران بإمكاناتها الحالية، قادرة على انتاج سلاح نووي خلال وقت قصير، قد لا يتجاوز الشهرين، وهي قد تفعل ذلك إذا وجدت نفسها في خطر كبير، خاصة إذا تكرر الهجوم الإسرائيلي عليها.
فإيران اكتشفت أن دفاعاتها الجوية ضعيفة، و سماءها مكشوفة أمام الطائرات الاسرائيلية المتفوقة، القادرة على ضرب أي هدف داخل إيران.
وصحيح أن إيران تملك ترسانة صاروخية ضخمة لكن ذلك لم يُحدث توازننا كافياً مع تفوق سلاح الجو الإسرائيلي.
لقد تحولت مسألة النووي الإيراني إلى مجرد وسيلة ابتزاز، تحاول إيران من خلالها ابتزاز امريكا ودول الغرب، لرفع العقوبات عنها، كما يحاول الغرب استخدامها حجة، لفرض المزيد من العقوبات على إيران، لغايات وأهداف سياسية واقتصادية.
لقد ساهمت العقوبات المفروضة على روسيا وايران، برفع سعري الغاز والنفط، وهذا سمح بتصدير الغاز الأمريكي إلى أوروبا، واستخراج النفط الصخري الامريكي، المرتفع تكلفة الانتاج، والذي لا يمكن الاستثمار فيه اذا تدنى سعر البرميل عن 60 دولاراً،
وبالنتيجة حققت الشركات الأمريكية أرباحاً مهمة.
من ناحية ثانية نجحت أمريكا في إضعاف الاقتصاد الروسي، وكذلك الإيراني، وتقليص نفوذهما في العالم، فوحده من يملك المال يملك النفوذ، والمال هو السلاح الأمضى للسيطرة على الأشخاص والشعوب والدول.
عمدت ايران إلى استخدام اسطول الظل، لبيع منتجاتها النفطية، وهو بحسب مصادر أمريكية، مؤلّف من حوالي 400 ناقلة، تعمل بطرق غير شرعية، ومعظم هذه الناقلات هي منتهية الصلاحية، ولا يوجد عليها تأمين من قبل الشركات العالمية، وتعمل في أعالي البحار، بحيث يتم نقل النفط من باخرة إلى أخرى، مع تغيير المصدر، وهكذا يصل النفط الايراني والروسي ايضاً إلى عدة دول في العالم، وبسعر أدنى من أسعار السوق.
يُقدر انتاج إيران اليوم بحوالي 3,3 مليون برميل يومياً، ويمثّل نحو 3,1% من الطلب العالمي، الذي يبلغ 104 ملايين برميل يومياً، منه 27 مليون برميل تمر عبر مضيق هرمز الحيوي.
في السياسة الخارجية، خطت إيران خطوة إلى الوراء، وتحاول الوصول الى اتفاق مع دول الغرب، وفي حال تحقق ذلك، ستكون بحاجة إلى الشركات الغربية لإعادة تفعيل قطاع النفط والغاز، الذي وبحسب بعض التقديرات، يحتاج إلى ما يقارب 500 مليار دولار لاصلاحه وتطويره.
من الطبيعي أن تكون عيون الغرب مفتوحة على هذه الثروات الإيرانية، وهي تحاول الوصول إليها بكل الطرق الممكنة، وأولها العقوبات والتهديدات العسكرية بالحرب، ومحاولات التخريب من داخل إيران، ولا شك أنه بعد ما حصل في فلسطين ولبنان، وسقوط النظام السوري، بات الغرب يقترب أكثر من إيران، وبقي فقط العراق، لتصبح نار النفط ورياح التغيير على عتبات طهران.
فهل حان وقت الربيع الإيراني، بعد ما شهدناه من الربيع العربي؟