#الثائر
أجرت صحيفة النهار اللبنانية حواراً مع الخبير في أسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي، رئيس تحرير موقع الثائر اكرم كمال سريوي ، حول خطر الأسلحة البيولوجية، والتهديدات المتصاعدة باستخدامها، والتحذيرات التي صدرت من عدة جهات دولية بهذا الشأن.
وتجدر الإشارة إلى أن الأسلحة البيولوجية، هي أحد الفروع الثلاث الأخطر في قائمة أسلحة الدمار الشامل التي تضم أيضاً الأسلحة النووية والكيماوية.
حاوره جاد فياض
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا، قالت فيه ان الأسلحة البيولوجية، تشكل أكبر المخاطر.
١- كونك خبير بأسلحة الدمار الشامل، ما هو السلاح البيولوجي ولماذا يثير هذا الرعب؟
السلاح البيولوجي هو استخدام العوامل البيولوجية كوسيلة من وسائل الحرب، وهذه العوامل البيولوجية هي كائنات مجهرية يتم تصنيفها إلى؛ فيروسات وهي لا تستطيع النمو أو التكاثر سوى داخل نواة الخلايا الحية للجسم، البكتيريا وهي أكبر حجماً من الفيروس وبعضها قد يكون نافعاً ويمكنها أن تتكاثر على المواد الصلبة أو السائلة، وهناك ايضاً الركتسيا والطفيليات والفطريات والسموم.
كل العوامل البيولوجية يمكن استخدامها كسلاح، ويتم ذلك عبر تعبئتها داخل القنابل، أو عن طريق تلويث المياه او الطعام او المعدات أو الهواء.
ويعتبر السلاح البيولوجي من أقدم أسلحة الدمار الشامل، التي تم استخدامها عبر التاريخ، وأبرز الأمثلة طبعاً هو الطاعون، الذي انتشر في القرن الرابع عشر في أوروبا، وتسبب بموت أكثر من 50 مليون شخص، واطلق عليه اسم الموت الأسود، واستُخدم كسلاح في الحرب العالمية الثانية، وكذلك هناك "المطر الأصفر" الذي استخدمه الجيش الأمريكي في فيتنام، و"الجمرة الخبيثة" التي انتشرت مؤخراً كسلاح بيولوجي.
٢- هل السلاح البيولوجي اخطر من السلاحين النووي والكيماوي؟
كل أسلحة الدمار الشامل خطرة للغاية، لكن لا شك أن السلاح البيولوجي يحتل المرتبة الأكثر خطورة، لعدة أسباب أهمها:
سهولة انتاج العوامل البيولوجية، قدرة انتشار واسعة بين السكان في وقت قصير، صعوبة الكشف والتشخيص الذي يحتاج إلى مختبرات ووقت طويل، خاصة أنه يتمتع بفترة حضانة تمتد لايام، وهذا يفاقم الاصابات قبل السيطرة عليها، خطورة استخدامه في أوقات السلم كما في الحرب، تكاليف وقاية عالية جداً اضافة إلى تكاليف علاج أعلى.
غالباً ما يكون سقوط أعداد كبيرة من المرضى هو الانذار المبكر الوحيد على وجود سلاح بيولوجي. كافة انتاج منخفضة، امكانية حيازته من قبل العصابات والمنظمات الارهابية. ولكل هذه الأسباب تعتبر الدول، أن الحرب البيولوجية هي العدو الأول، وهي أخطر من الحرب الكيماوية والنووية، التي يسهل كشف استخدامها بسرعة، ويمكن اتخاذ اجراءات وقاية وحماية منها.
٣- هل فعلاً قد يكون ثمة اتجاهات عند اقطاب العالم للتوجه واستخدام الاسلحة البيولوجية؟ أي هل بلغ التوتر ذروته لاستخدام هذه الاسلحة او هل الظروف مواتية؟
العالم على صفيح ساخن، والصراع الدولي لا شك بلغ مرحلة صعبة تعطلت معه الحلول عبر المؤسسات الدولية، فمجلس الأمن مُعطّل، والأمم المتحدة قراراتها لا تتمتع بقوة تنفيذية، وهناك حروب عديدة تُخاض بالطرق المباشرة أو بالوكالة، وهذا طبعاً يفتح الباب أمام استخدام كل أنواع الأسلحة وأساليب القتال، وفي مقدمتها السلاح البيولوجي، الذي يمكن نشره بسرية تامة، والقاء اللوم على أطراف آخرين، وهذا ما شهدناه عند انتشار فيروس كورونا.
فإذا كان استخدام السلاح النووي أو الكيماوي لا يمكن إخفاؤه، وسيسبب باشتعال حروب مباشرة كارثية بين الدول الكبرى، لن يكون فيها منتصر، فالأمر يبدو مختلفاً بالنسبة للسلاح البيولوجي، الذي يمكن استخدامه بسرية، وإرهاق الخصم دون المخاطرة بمواجهة مباشرة مفتوحة.
٤- هل تعني عودة الحروب البيولوجية عودة حقبة الحرب الباردة؟
الصراع لم ينتهِ، والحرب الباردة وإن كان قد هدأت لفترة من الزمن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فإنها عادت بشكل آخر، خاصة في التنافس الاقتصادي، وسباق التسلح بين الولايات المتحدة الامريكية والناتو من جهة، والصين وروسيا ودول أخرى من جهة ثانية.
تريد الولايات المتحدة الامريكية أن تحافظ على هيمنتها على العالم، خاصة ما يتعلق بسيطرة الدولار على التعاملات المالية والتجارية الدولية، وباتت تستخدم الدولار كسلاح أساسي لمعاقبة الدول المناهضة لها، وهذه السياسة دفعت بعدة دول إلى الإنضواء في مجموعة البريكس، وتحاول أن تجد وسائل بديلة، للتخلص من هيمنة الدولار، وسيطرة الولايات المتحدة الامريكية على الاسواق العالمية.
هذا الصراع الاقتصادي، يتظهّر أحياناً في مواجهات حامية في عدة مناطق في العالم، ودفع بروسيا والصين إلى التركيز على سياسة القوة وتطوير الأسلحة، التي وصلت اليوم إلى التنافس في الفضاء الخارجي، وسباق الكتروني محموم، أدخل العالم في حقبة جديدة من عصر حروب التكنلوجيا، خاصة الشرائح الإلكترونية، وستدخل قريباً تقنية النانو، التي قد تُغيّر كل مفاهيم وسائل الحرب التقليدية.
٥- ثمة اقتراح بتطوير أجهزة استخبارات بيولوجية مهمتها مراقبة كل نشاط بيولوجي مشبوه، ما رأيك بهذا الحل؟ أو أي حلول قد تقي العالم خطر الحروب البيولوجية؟
هناك عدة اتفاقيات دولية حظرت انتاج أو تخزين أو استخدام أو نقل الأسلحة البيولوجية، وفرضت تدميرها وتدمير مصادر انتاجها، ووقعت معظم دول العالم على هذه المعاهدة، التي أصبحت نافذة عام 1975، وبقيت عشر دول صغيرة لم توقّع هذه المعاهدة، منها إسرائيل وتشاد وجنوب السودان.
في الواقع لم تمنع الاتفاقيات الدولية خطر الحرب البيولوجية، وتجارب انتاج بعض الفيروسات، والتي كان آخرها فيروس كورونا، الذي بات مؤكداً أنه ليس فيروساً طبيعياً انتشر بالصدفة، بل هو نتاج عمل مختبرات بيولوجية، تبادلت دول العالم الاتهام حول مصدره، بين من اتّهم الصين، ومن اتّهم المختبرات الاميركية التي كانت موجودة في أوكرانيا، وفي كل الحالات شكّل انتشار هذا الفيروس نموذجاً لما يمكن أن يحدث للعالم، جراء عدم التقييد باتفاقيات الحظر، وخطورة حصول أي خطأ باستخدام العوامل البيولوجية سواء كان خطأً مقصوداً أم غير مقصود.
أمام هذا الواقع قد تكون فكرة إنشاء أجهزة استخبارات متخصصة ومدربة جيداً، وتطوير أجهزة كشف حديثة، مهمة للغاية، لتدارك أي كارثة بيولوجية. لكن تبقى الوسيلة الأنجع هو تفعيل اتفاقيات حظر انتاج أسلحة بيولوجية، وإنشاء فرق مراقبة متخصصة، وإجبار الدول على التصريح عن كافة المختبرات البيولوجية لديها، وعن النشاطات التي تقوم بها، والأهم طبعاً إخضاع كافة المختبرات للتفتيش من قبل لجان متخصصة، تكون تابعة للامم المتحدة، لكن العقبة الكبرى هي حتى الآن رفض الولايات المتحدة الأمريكية التصريح عن مختبراتها، أو القبول بدخول فرق تفتيش دولية إليها.
وختم سريوي بالقول: لا شك أن العالم يسير بخطى متسارعة نحو تصادم كبير، وقد تكون الأسلحة البيولوجية هي باكورة تفجير حرب كبرى، يتم فيها استخدام كافة أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة النووية.