مقالات وأراء

الحدود

2020 تشرين الأول 07
مقالات وأراء

#الثائر

- " جورج غانم "

في العام 1973 ادلى وزير خارجية الولايات الاميركية الاسبق هنري كيسنجر بحديث لمجلة الباري ماتش الفرنسية عنونته الاخيرة: "الرجال الذين يصنعون الاحداث: الحرب"، اسهب فيه كيسنجر عن ازمات الشرق الاوسط المتعددة، مقترحًا حينها حلولًا تبدأ بالتطبيع ولا تنتهي بتقسيم دول المنطقة الى دويلات مذهبية ضعيفة يخدم وجودها الواهن دولة اسرائيل القوية. هل بدأت اميركا تنفيذ هذه الخطة؟

على مشارف نصف قرن من هذا المقال الذي مازلت احتفظ بنسخة عنه، وفي ظل اجواء اتفاق الاطار حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل الذي اعلن عنه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مؤخرًا باشراف الامم المتحدة وبرعاية اميركية واضحة وفق ما اعلن الرئيس بري عن اعادة طرحه للموضوع على وزير الخارجية الحالي مارك بومبيو خلال زيارة الاخير لبنان.

ويضاف الى الموضوع الرعاية الاميركية لعملية التطبيع بين اسرائيل وكل من دولتي الامارات العربية المتحدة والبحرين، اضافة الى جهوزية العديد من الدول العربية للقيام بالخطوة عينها في اقرب فرصة ممكنة، وكأن الجزء الاول من نبؤة كيسنجر يتحقق بانتظار الجزء الثاني وهو الاخطر.

ها ان العراق اصبح جاهزًا لاعلان حلول ثلاث دول بدلًا من الدولة الواحدة، وسوريا على قاب قوسين او ادنى من اتمام الامر عينه بحلول ثلاث دول بدلًا من الدولة المركزية، فيما فلسطين تتحلل رويدًا رويدًا لتستقر اسرائيل على كامل الاراضي فيما الفلسطينيون يفتشون عن الوطن البديل الذي سيكون حتمًا على حساب الدول المجاورة، وذلك بعد ان خفتت الاصوات المطالبة بعودة الاراضي الفلسطينية لأهلها وعودة اهلها اليها والصمت المطبق حول رفض التوطين، واعادة الفلسطينين والسوريين من لبنان الى بلادهم.

وبالعودة الى لبنان نعيش حال الانقسام الفعلي غير المعلن، بحيث كل جماعة تنغلق على نفسها وتعلي الصوت للمطالبة بحقوقها ولو كانت على حساب البقية من دون ان يرف لها جفن. ومن خلال مراجعة تاريخية بسيطة لمسار هذا البلد، نكتشف انه لم يتمكن من المحافظة على وحدته لفترات طويلة، بالرغم من الجهود التي بذلها السياسيون المتعاقبون على السلطة لايجاد حلول مستدامة نظرًا للكم الهائل من الافكار المتناقضة التي تعيشها مختلف المذاهب التي انتجت الحرب الاهلية، حيث ظهرت حقيقة الانقسامات تحت نار المدافع، ولم تنفع معها الاتفاقات التي اعقبت الحرب على رأب الصدع العامودي بين مكونات الشعب.

وما كان مؤخرًا يعول عليه كبارقة امل "ثورة 17 تشرين" قد سقط في متاهات السياسة الهوجاء وضاع، حيث لم تتمكن هذه "الثورة الامل"من ايجاد اطار تنظيمي لها تنضوي تحته كافة تيارات المجتمع المدني، وبقي كل منها ينادي: "على ويلاه، وعلى ليلاه"، بالرغم من توهجها في البداية لتسقط بضربة السلطة القاضية، بسبب عجزها عن تقديم نموذج جديد ومتماسك للبناء عليه فتقاذفتها المذهبية وبدل ان "تثورن السلطة" تمكنت الاخيرة من "لبننة الثورة"، فقضي عليها.

وعلى مشارف الذكرى السنوية الاولى لانطلاقتها، وعلى ضعفها تركت ندوب واضحة في جسد السلطة التي تعاني انشقاقات عامودية بارزة، ومن الصعب اعادة لحمها على وقع المشاريع المختلفة التي تحاول الاطراف الداخلية تنفيذها لمصالحها . كما ان الجوع يتسرب وينقض على العائلات الفقيرة المنتظرة ايقاف دعم المواد الاساسية لتعلن بدورها ورقة نعيها بنفسها. يُضاف اليها العقوبات الاميركية على الوزراء فيما ينتظر آخرون بخوف دورهم الآتي، ليستكمل باعلان مموه لفشل الوساطة الفرنسية في ظل انكفاء جميع المسؤولين عن المشهد السياسي بعد جلسة البرلمان الاخيرة، وكأنهم اخذوا استراحة المحارب بانتظار نتائج الانتخابات الاميركية التي لن تتغير بعدها السياسة الخارجية المرسومة منذ زمن بعيد.

وفي ضوء ما ورد، ونحن في اقصى درجات الضعف والتشتت وغياب حس المسؤولية عند اهل السلطة، نخشى بقوة ان تستغل هذه اللحظات التي تعتبر مناسبة جدًا للآخرين بغية التحكم بمصيرنا واعادة رسم حدود تناسب وتريح كل من حولنا وتحولنا الى "قطع حلوى" يتناولها المشاركون في رسم الخرائط وصناعة مستقبل الشعوب القاصرة في حفلات تقاسم الغنائم بين الرابحين والاقوياء، لكن كبارقة امل وحيدة مضاءة في هذه الظلمة الدامسة يعول عليها، وهي قيادة الجيش التي ستقود مفاوضات الناقورة للوصول بهذا الوطن الى بر الامان وإلا على لبنان السلام.

اخترنا لكم
رسالة من نصرالله الى خامنئي...هذا مضمونها
المزيد
قربانٌ على مذبحِ مَنْ؟
المزيد
كل التفاصيل عن مادة PETN وطريقة تفجير إسرائيل لأجهزة البيجر في لبنان!
المزيد
عودةٌ إلى الوراءِ!
المزيد
اخر الاخبار
بو حبيب ونظيره المصري يدعوان إلى وقف القصف الإسرائيلي واحترام سيادة لبنان
المزيد
غوتيريش: دعم حماس كان من إسرائيل نفسها
المزيد
مصدره العدو الاسرائيلي.. مكتب وزير الإعلام يتلقى اتصالاً تحذيرياً لاخلاء المبنى!
المزيد
بالصورة - الطيران الحربي الاسرائيلي يستهدف لأول مرة جرود جبيل!
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
وزير الصحة: النتائج الفعلية للاقفال تتضح نهاية الأسبوع ولقاح كورونا مرتقب في الربع الأول من العام المقبل
المزيد
قبل الرحيل.. ترامب يجري تغييرات "مريبة" في وزارة الدفاع
المزيد
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الثلثاء في 17 أيلول 2024
المزيد
دراسة: كورونا يمكنه البقاء 28 يوما على الأوراق النقدية وشاشات الهواتف
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
اتفاقية تعاون بين جمعيّتي "غدي" و"الملكية الاردنية لحماية الطبيعة" الناصر: حماية الطبيعة لا تعرف حدود، فهي مثل الطائر الذي يطير وينتقل من مكان إلى آخر غانم: نؤمن أن التعاون هو أرقى أشكال التطور
بيان للدفاع المدني بعد الانتهاء من عمليات إطفاء مطمر برج حمود
شكوى بجرائم بيئية ضد الدولة اللبنانية امام مجلس حقوق الانسان الدولي
محمية أرز الشوف في المنتدى الإقليمي للحفاظ على الطبيعة لدول غرب آسيا، هاني: نعمل مع شركائنا لزيادة المناطق المحمية
لجنة البيئة تواكب حريق المكب وتدعو لإقفال المطامر الشبيهة.. وياسين يعتذر
فياض: تنظيف مجاري الأنهر بمزايدات لتفادي الفيضانات وحماية البنى التحتية