#الثائر
رئيس تحرير موقع "الثائر" اكرم كمال سريوي -
في حوار على شاشة MTV لبرنامج "صار الوقت" قال وزير الداخلية بسام مولوي ، أن انتخاب قائد الجيش يحتاج إلى تعديل الدستور، لكن انتخاب المديرين العامين لا يحتاج الى ذلك، ويحتاج فقط إلى تعديل قانون الانتخاب، الذي يوجب في المادة الثامنة منه، استقالة المديرين العامين من وظائفهم، قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي بستة أشهر.
وقصد الوزير مولوي أنه في حال استقال مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري الآن، فهو لا يحتاج حتى إلى تعديل قانون الانتخاب، لأن الاستقالة تكون قد حصلت، قبل أكثر من ستة أشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي.
لا نستغرب فتاوى وآراء السياسيين (الذين لم يدرسوا القانون) في القانون والدستور، لكن من المستغرب أن يصدر هذا الموقف عن قاضٍ، له خبرته القانونية، وهو الآن وزيراً للداخلية.
ولذا سنذكر ما ورد حرفياً في المادة 49 من الدستور، حول شروط انتخاب رئيس الجمهورية.
"ولا يجوز انتخاب احد لرئاسة الجمهورية، ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة، وغير المانعة لاهلية الترشيح.
كما انه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الاولى, وما يعادلها في جميع الادارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الاشخاص المعنويين في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم، وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليا عن وظيفتهم، او تاريخ احالتهم على التقاعد."
وهنا لا بد من ايضاح بعض النقاط:
١- هناك فرق بين الترشح للنيابة، والترشح لرئاسة الجمهورية، وكذلك بشروط وطرق الطعن أمام المجلس الدستوري، بالانتخابات النيابية، والانتخابات الرئاسية.
٢- شروط الترشح للنيابة يحددها قانون الانتخابات، اما طريقة وشروط انتخاب رئيس الجمهورية فهي محددة بالدستور، ببنود أساسية، إضافة إلى شروط أهلية الترشح للنيابة، والتي هي شروط عامة.
٣- الدستور أعلى مرتبة من القوانين، ولا يجوز لقانون الانتخاب أو لأي قانون أن يخالف الدستور، وإلا سيكون عرضة للابطال بسبب عدم دستوريته.
٤- الشروط التي تنص عليها المادة 49 في منع انتخاب موظفي الفئة الاولى (ومنهم المدراء العامون)، يجب الالتزام بها كما وردت في الدستور، ولا يجوز احالتها إلى قانون الانتخابات النيابية، وبشكل أوضح فإن مهلة الاستقالة والانقطاع عن الخدمة، يجب أن تكون قبل سنتين من الانتخابات الرئاسية، وليس قبل ستة أشهر من انتهاء ولاية مجلس النواب.
ما أوردناه في هذا المقال هو من ناحية قانونية متجردة، وحفاظاً على الشفافية والمهنية في مقاربة الدستور والقانون، وهذا ليس من باب مواقف سياسية، او اي انتقاص من كفاءة اي مرشح، خاصة قائد الجيش العماد جوزيف عون، والمدير العام للامن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، فكلاهما يملك كل الصفات الوطنية والقيادية، ويمكن أن يلعب دوراً ايجابياً مهماً، فيما لو وصل إلى سدة الرئاسة.
نهيب برجال القانون، التدقيق الكامل في النصوص، قبل اطلاق مواقف وتفسيرات قد تؤخذ عليهم بشكل سلبي، ونأمل من وزير الداخلية مراجعة موقفه لجهة تفسير الدستور وتحديداً المادة 49 منه.
في أحدى المرات، طلب الرئيس رفيق الحريري من الدكتور خالد قباني رأياً قانونياً، حول مسألة كانت عالقة حول الصلاحيات بينه وبين رئيس الجمهورية، وتفاجأ الرئيس الحريري يومها، أن رأي الدكتور قباني جاء ليصب في مصلحة رئيس الجمهورية، وعتب يومها الحريري على الدكتور قباني، لكنه بعد مدة عاد واتصل بالدكتور قباني، مثنياً على مهنيته ومصداقيته ونزاهته، رغم أن التفسير للدستور، الذي قدمه قباني، لم يصب في مصلحة رئيس الحكومة.
كل التحية والتقدير للدكتور خالد قباني، وأمثاله من رجال القانون، الذين يحرصون كل الحرص على الدقة والشفافية، في التعاطي مع الدستور والقانون.