#الثائر
رأى العميد الركن المتقاعد والخبير في الشؤون العسكرية بهاء حلال في حديث إلى «الأنباء» أن ما تقوم به إسرائيل من قتل وتفجير وتجريف للمنازل منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ هو انتهاك وخرق فاضح للاتفاق.
وقال: «تستغل وقف إطلاق النار للتوغل أكثر، في محاولة منها لتكريس عرف عملاني تستطيع من خلاله فرض واقع خلال هذه المهلة، والقيام بما تقوم به للوصول إلى مناطق لم تتمكن من الوصول إليها خلال فترة الـ 66 يوما من الحرب.
وتريد أن تفرض على اللجنة المعنية بمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار واقعا عملانيا يستبق قراراتها ويعطلها، لتصبح إسرائيل قادرة على حرية الحركة في جنوب لبنان».
وأضاف حلال: «كذلك تريد إسرائيل القول إنها المنتصر وأن جيشها قادر أن يحقق عمقا إستراتيجيا في شمال فلسطين المحتلة من أجل تأمين عودة المستوطنين الذي وعدت به في فبراير 2025.
وتسعى إلى تأمين عمق استراتيجي يبدأ من نقاط ومرتفعات متواصلة، انطلاقا من القطاع الأوسط مرورا بالقطاع الشرقي في جنوب لبنان، وتحديدا في تلة المشروع في بلدة الطيبة وتلة العويضة في بلدة العديسة وفي مارون الراس في القطاع الأوسط. عمق يربطها بمرصد جبل الشيخ بعد احتلاله عند سقوط النظام السوري، وهي فرضت وجودا عسكريا فيه.
وتكون بذلك قد حققت حسب زعمها موضوعا استراتيجيا تحمي من خلاله حدودها بشكل أعمق مما هو الخط الأزرق، وبالتالي السيطرة بالنار على الليطاني وعلى مياهه، تحضيرا لما سيتأتى فيما بعد من تطورات ميدانية متوقعة ومتفق عليها مع الرئيس دونالد ترامب».
وأكد حلال أن إسرائيل لم تتمكن خلال فترة الحرب من الوصول إلى بلدة الخيام أو الدخول إلى الناقورة، كما لم تستطع تحقيق شيء باتجاه وادي الحجير أو البياضة أو الوصول إلى شمع.
وقال: «تذهب لأن تأخذ في أيام السلم هذه المرتكزات لتكريس هذا العرف العملاني بوصولها إلى أمكنة إما مباشرة أو بتأثيرها، لأنه في الاستراتيجيا حيثما يصل نارك يصل تأثيرك، وجيشها ذهب منذ أيام باتجاه وادي الحجير وعاد وخرج. ولا أستبعد أن يكون قد زرع أجهزة تجسسية أو أمور إلكترونية أخرى، وهو لم يثبت مراكز له في جنوب لبنان».
وعن الحديث من أن الاتفاق منح إسرائيل حرية الحركة في جنوب لبنان، اعتبر حلال أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 من نوفمبر الماضي «هو تطبيق القرار 1701 الذي يقول بوقف العمليات العدائية وليس وقف إطلاق النار، وانسحاب إسرائيل وراء الخط الأزرق، وانسحاب حزب الله مع سلاحه إلى شمال الليطاني، وتسلم الجيش اللبناني مقاليد الأمن بمساعدة قوات اليونيفيل، على أن تناط السلطة الأمنية في هذا الموضوع للجيش اللبناني فقط، وأن ينشر 15 ألف جنديا. والاتفاق الذي حصل أسمي آلية تنفيذ القرار 1701 التي شكلت لجنة خماسية ترعى تنفيذه».
وكشف حلال أن آلية تنفيذ الاتفاق باللغة الإنجليزية مختلفة عنه في اللغة العربية، وهذا موجود على الصفحة الرسمية للإنترنت للموفد الأميركي أموس هوكشتاين والذي يقول بنسخته الإنجليزية في البند الأول بمنع كل العمليات العدائية من حزب الله وبشكل عام من لبنان ضد إسرائيل. والبند الثاني منع العمليات العدائية الهجومية الإسرائيلية باتجاه الأراضي اللبنانية.
وهنا فرقت إسرائيل ما بين العمليات الهجومية والعمليات الدفاعية. ونلاحظ أيضا أنه مع كل عمل تقوم به ويطال العمق اللبناني في البقاع وبعلبك وشمال الليطاني وجنوبه من تدمير القرى وتجريفها، تقول إسرائيل بأنه عمل دفاعي وفقا للبند الثاني، وهذا أمر خطير يعطيها حرية الحركة تحت ستار الدفاع».
وأشار حلال إلى أن إسرائيل تحاول القول إنها ستحقق أهدافا تكتيكية واستراتيجية في مهلة الـ 60 يوما. «وإذا استطاعت تمديد هذه المهلة مرة ثانية فلم لا طالما الأميركي يدعمها؟ والدليل أن الضابط الأميركي رئيس اللجنة الأمنية التي تشرف على تنفيذ الاتفاق تجتمع مرة في الشهر.
ولا يعتقد أحد أن خروج الجيش الإسرائيلي من وادي الحجير قد تم بطلب من رئيس اللجنة. ولا أستبعد أن يكون قد زرع أجهزة تجسسية في وادي الحجير، وما يفعله اليوم ليس ليعيد الحرب فهو مرتاح بهذه الطريقة».
وتابع حلال: «الجيش الإسرائيلي هو جيش في العام 2050 أي بعيد عنا 25 سنة. لذا هو يقاتل خارج حدوده ووفقا لإستراتيجيته التي فقدها مع طوفان الأقصى، ويحاول أن يعيد إليها الحياة وأن يأخذ خط أمام الخط الأزرق، من أجل مناقشته على الخطوط التي يأخذها الآن للعودة إلى الخط الأزرق الذي يعتبره خط الحدود، وبالتالي رفضه التراجع إلى خط الهدنة».
وسأل عن موقف الدولة اللبنانية و«حزب الله» والقوى الراعية للمفاوضات عن استمرار الخروقات بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوما وعدم عودة الأهالي إلى قراهم الحدودية.
وقال: «علينا أن نراقب هذا الموضوع والى أين ستصل الأمور مع الزيارة المرتقبة للمفاوض الأميركي هوكشتاين الذي قد يطرح تمديد مهلة الـ 60 يوما.
ورأى حلال أن القرار 1701 يقول بانسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية، أي حدود اتفاق الهدنة وليس الخط الأزرق، لكنها تضرب بعرض الحائط كل الاتفاقات، ويفترض في فترة الـ 60 يوما أن تنسحب تدريجيا إلى ما وراء الخط الأزرق وأن تنهي وجودها في جنوب لبنان في 27 من يناير. وهي اليوم لم تنسحب إلا من الخيام ثم دخلت وادي الحجير وخرجت وحذرت قوات اليونيفيل انه لا يمكنها التحرك بالياتها في محيط بلدة الطيبة.
وتحاول من خلال إعلامها ومعها الإعلام الأميركي القول أن الجيش اللبناني بطيء في الانتشار، وهذا التباطؤ ناجم عن نقص العدة والعديد، ولا يقولون إن هم من يعرقل الانتشار والسعي إلى إطالة مدة بقائها وتكريس وجودها العملاني ومنع أهالي القرى الحدودية من العودة إليها. كل ذلك بهدف إيجاد وصلة تربط ما بين الجنوب وما يحدث في سورية، لأن الجيواستراتيجيا تغيرت بانتظار ما سيحدث على الحدود العراقية واليمنية حتى تسلم الرئيس ترامب مقاليد السلطة، وهو الذي شرع لإسرائيل احتلال الجولان ونقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس المحتلة».
وأكمل حلال: «إذا أردنا أن نعرف ما سيحصل لاحقا علينا متابعة الإعلام الأميركي والإسرائيلي والمقربين من دوائر القرار الأميركي، كيف يتحدثون عن بطء الجيش اللبناني، وهم يضغطون اليوم لعدم حصول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في التاسع من يناير. وفي حال حصل انتخاب رئيس سوف يتم إحراجه إذا لم تنسحب إسرائيل من جنوب لبنان، وبالتالي الذي يدفع باتجاه انتخاب رئيس هو الطرف الآخر لمحور المقاومة ومن مع الرئيس نبيه بري.
وهذا الضغط سنراه في جلسة الانتخاب، وما سينتج عنها يعطي فكرة ماذا سيحصل في الموضوع المتعلق بجنوب لبنان والمنطقة وزيارة هوكشتاين وجلسة الانتخاب وتسلم الرئيس ترامب صلاحياته في 20 يناير، وتاريخ 27 هو آخر يوم في مهلة الـ 60 يوما لانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان».
اتحاد درويش - الانباء الكويتية