#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
انتهت الدورة العادية الثانية للمجلس النيابي مع انتهاء العام المنصرم، والدورة الجديدة تُفتح يوم الثلاثاء 18 آذار المقبل.
أمّا فتح دورة استثنائية للمجلس، فيحتاج إلى مرسوم من الحكومة، إما بناءً على قرارها كونها تمارس صلاحيات رئيس الجمهوري، أو استجابة لطلب نصف أعضاء المجلس النيابي المحال إليها.
يمكن تعديل الدستور في حالتين:
١- وفقاً للمادة 76 من الدستور: يمكن إعادة النظر في الدستور بناء على اقتراح رئيس الجمهورية، فتقدم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب.
٢- اما وفق المادة 77 من الدستور، فلا يمكن لمجلس النواب تقديم اقتراح تعديل الدستور، خارج العقد العادي للمجلس، ويجب أن يُقَر اقتراح التعديل، بأكثرية ثلثي الأعضاء الذين يتالف منهم المجلس قانوناً (86 نائباً في المجلس الحالي).
مع هذه التعقيدات بات واصحاً أنه لا يمكن تعديل الدستور في وقت قريب، أما الكلام عن عدم الحاجة لتعديل الدستور لانتخاب أحد موظفي الفئة الأولى، وأن الفراغ يُسقط المهل، فهو كلام سياسي، وفي غير محله من وجهة نظر قانونية، لأن سبب منع انتخاب موظفي الفئة الأولى، يقوم على منع الاستغلال الوظيفي، وهذه العلة لا تسقط بوجود فراغ في سدة الرئاسة، مهما طال امد الفراغ.
يتمسك بعض النواب بالدستور، ويرفضون أن يبدأ العهد الجديد في لبنان بمخالفة الدستور، وهذا موقف سليم من ناحية قانونية ودستورية، لكن ربما يريد البعض (وليس الكل) من خلال هذا الموقف، التعبير عن معارضتهم لانتخاب شخصية عسكرية، وتحديداً قائد الجيش العماد جوزيف عون.
من ناحية أخرى، فإن انتخاب قائد الجيش أو أي موظف من الفئة الأولى ب 86 صوتاً أو أكثر، لا يُمكن اعتباره تعديلاً للدستور، أو كما يصفه البعض بأنه تعديل ضمني، فهو في الحقيقة يبقى مخالفة للدستور، لكنه يمنع إمكانية الطعن بالانتخابات الرئاسية، لأن الطعن أمام المجلس الدستوري بانتخابات الرئاسة، يحتاج إلى طلب موقّع من ثلث أعضاء المجلس النيابي أو أكثر.
لا يمكن للمخالفات الدستورية التي حصلت سابقاً في لبنان، بانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، أن تتحول ألى قاعدة دستورية أو تصبح مبرراً لهذه المخالفات وتكرارها، والأجدر بالمجلس النيابي، أن يذهب إلى تعديل صريح لنص المادة 49 من الدستور، إذا كان يرى ذلك ضروريًا ومناسباً.
أما في الحقيقة، فإن انتخاب الرئيس ليس مرتبطاً بتعديل الدستور أو عدمه، بل بشيء آخر، جعل انتخاب الرئيس العتيد رهين المحبسين، وهما شبيهان بمحمبسي أبو العلاء المعري.
فالمحبس الأول موجود لدى الأمريكي، الذي لم يُفرج حتى الآن صراحة عن اسم الرئيس، وفي حال فعل ذلك، فستسقط عندها كل الحجج الدستورية والقانونية، ويصبح لدينا رئيس للجمهورية خلال أيام.
أمًا المحبس الثاني، فهو العمى الذي أصاب غالبية القيادات السياسية اللبنانية، بحيث باتت لا ترى مصلحة البلد، ولا تتحسس سوى مصالحها الخاصة، وتريد رئيساً يلبي لها هذه المصالح، ويضمن لها حصة وازنة في الحكم.
يتحدثون عن رئيس قوي وسيادي، وفي الحقيقة يريدونه ضعيفاً وتابعاً لهم، ومنفذاً لرغباتهم وقراراتهم، وكل فريق يريد ذلك على طريقته الخاصة، وهذا المنطق منع منذ أكثر من سنتين، وما زال يمنع، انتخاب رئيس للبنان.
تنتخب دول العالم رئيساً، استناداً إلى برنامج انتخابي، يُعلن عنه المرشح عند ترشحه للانتخابات.
لكن في لبنان لا قاعدة للترشح، ولا حاجة لبرنامج يضعه الرئيس، فيكفي أن يجول المرشح على بعض المرجعيات، ويقدم لها أوراق اعتماده، ليحظى بدعمها، وعندما تنتهي المحاصصة، يفوز المرشح بالكرسي واللقب، ويفوز الآخرون بالحصص.
أزمة الحكم في لبنان ليست جديدة، ولكن أسوأ ما فيها، أن غالبية زعماء البلد اليوم، باتوا رهينة للخارج بشكل غير مسبوق، يخدمون مصالحه ومآربه، وكذلك مصالحهم الشخصية، دون التفات إلى مصلحة لبنان.
الرئاسة اليوم رهينة المحبسين، والأمور مُعلّقة بانتظار الفرج الخارجي، والافصاح عن الاسم العتيد، الذي لن يغيّر في المشهد اللبناني، سوى صورة قصر بعبدا، ويبقى الباقي دون تعديل.