#الثائر
-" الهام سعيد فريحة "
يدخلُ لبنانُ اليومَ عامهُ الاولَ منْ الفراغِ الرئاسيِّ منْ دونِ أنْ يرفَّ لاحدٍ جفنٌ، ومنْ دونِ أنْ يتحرَّكَ ايُّ طرفٍ سياسيٍّ للنزولِ عن الشجرةِ والبدءِ بتقديمِ تنازلاتٍ لمصلحةِ وطنٍ في الهاويةِ، وشعبٍ يُنازعُ ومؤسساتٍ مفلسةٍ وقطاعاتٍ تنزفُ...
ويزيدُ في الطينِ بلَّةً ما نعيشهُ من قلقٍ حيالَ ايِّ تطوُّراتٍ دراماتيكيةٍ يُمكنُ أنْ تنجرَّ إليها البلادُ،
رغمَ انَ الناسَ تعيشُ الحربَ وتوتُّراتها وتوقفتْ عنْ التفكيرِ في الغدِ،
وكلُّ منْ ارادَ ان يستثمرَ بقرشٍ خبأ اموالهُ وينتظرُ...
وها هي شركاتُ الطيرانِ تُعلنُ إنهيارَ حجمِ اعمالها باتجاهِ لبنانَ، كما انَ اصحابَ الفنادقِ يُطلقونَ الصرخاتَ لالغاءِ ثلاثةِ ارباعِ الحجوزاتِ التي كانتْ مقرَّرةً منْ الانَ وحتى نهايةِ العامِ،
فضلاً عن أنَ متعهدي الحفلاتِ الفنيةِ يخسرونَ اليومَ الافَ الدولاراتِ نتيجةَ قيامِ عددٍ كبيرٍ من الفنانينَ الاجانبَ بالغاءِ حفلاتهمْ في لبنانَ..
هذا جانبٌ منْ الإنهيارِ المتأتِّي عنْ حربِ غزة وتداعياتها في لبنان...
***
ولكنْ ماذا عن الإنهيارِ المتأتِّي عن الفراغِ الرئاسيِّ في عامهِ الاولِ؟
ماذا عنْ سقوطِ المفاهيمِ الدستوريةِ لتحلَّ مكانها خزعبلاتُ حكومةِ "النجيبِ" وفذلكاتُها الدستوريةُ الخارجةُ عن المألوفِ؟
وماذا عنْ خفَّةِ الاطرافِ المقاطعينَ، وكأنَ البلادَ في حالةِ نعيمٍ؟
وإذا أنتقلنا إلى ضفةِ التشريعِ.. ومع احترامنا لموقعِ الرئاسةِ الاولى وضرورةِ الاولويةِ لانتخابِ الرئيسِ ..
ماذا فعلَ النوابُ بعدَ عامينِ منْ انتخابهمْ...؟
لا شيءَ، والقوانينُ الاصلاحيةُ التي يطالبُ بها صندوقُ النقد الدوليِّ ( مع تحفُّظنا على عملهِ) نائمةٌ في الجواريرِ، والموازناتُ تنسخُ بعضها البعضَ وتسرقُ ما تبقَّى منْ جيوبِ الناسِ ضرائبَ ورسوماً.
امَّا عنْ الاستحقاقِ الرئاسيِّ بحدِّ ذاتهِ... فأيُّ استحقاقٍ وقد نسيَ الناسُ أنَ البلادَ بلا رئيسٍ، وأنَ النكاياتَ تتحكمُ باطرافِ السياسةِ الذينَ يقرِّرونَ .. وكأنَ الجميعَ يريدُ لهذا النظامِ أنْ ينهارَ ليُبنى على الشيءِ مقتضاهُ...
***
نظامٌ اخرُ؟ صيغةٌ اخرى؟ مثالثةٌ؟ ثنائيةٌ؟ تقسيمٌ؟ فدرالياتٌ لا احدَ يعرفُ..
نسيَ الجميعُ مفهومَ التسوياتِ التي بنيَ عليها لبنانُ منذُ ولادته.. منذُ لبنانَ الكبيرِ ... أوليستْ صيغةُ 43 تسويةً؟
أوليسَ الطائفُ تسويةً؟
أوليستْ الدوحةُ تسويةً؟
صحيحٌ أنها تعيدُ اطلاقَ الحروبِ لكنها تُعطي البلادَ سنواتٍ منْ الاستقرارِ..
فما الذي كانَ يمنعُ على مدى عامٍ ان يتنازلَ فريقٌ للآخرِ طالما الجميعُ يعرفُ أنَ لا احدَ بإمكانهِ كسرُ الآخرِ..
والفريقانِ لديهما قوةُ التعطيلِ في الدستورِ والنصابِ وحتى على الارضِ...
اضعنا سنةً في النكاياتِ والتمريكِ والمرشحينَ البدائلَ لنصلَ في آخرِ جلسةٍ انتخابيةٍ الى الحقيقةِ المرَّةِ... لا احدَ بأمكانهِ كسرُ الآخرِ..
وها هي البلادُ ستدخلُ سنةً ثانيةً في الفراغِ الرئاسيِّ والجمهوريةُ تُنازعُ..
ولا أملَ بضوءٍ في آخرِ النفقِ في هذهِ الظروفِ!