#الثائر
«وكأنه لم يَأت». هكذا وصف مرجع سياسي لـ«الجمهورية» خلاصة زيارة موفد الرئيس الفرنسي وزير الخارجية الفرنسي السابق جان ايف لودريان للبنان وجولاته على القيادات اللبنانية المتمترسة خلف مصالحها وحساباتها الذاتية والمعطلة لانتخاب رئيس للجمهورية بدون حوار ولا أفق، علماً انّ مروحة الافرقاء المؤيّدين لمبادرة الرئيس نبيه بري بالدعوة الى الحوار ازدادت توسعاً.
ورداً على سؤال عن نتيجة اجتماعات لودريان، اجاب المرجع: لا شيء. على الارجح أنّ الموفد الفرنسي «لَحّق حاله» بعد مجيء الاميركي والايراني الى لبنان، فأتى الى بيروت قبل موعده الذي كان محدداً في آخر أيلول الجاري. وبالتالي لا يمكن وصف الزيارة بأكثر من «جولة علاقات عامة».
وكشف المرجع انّ هناك أربع نقاط تختصر حركة لودريان، وهي:
اولاً، تبيّن ان لا خطة فرنسية واضحة المعالم حتى الآن.
ثانياً، كرر الموفد الفرنسي انه يتحرك بتأييد من اللجنة الخماسية.
ثالثاً، أوحى بمعادلة انّ الفرصة للمرشحين الحاليين أصبحت صعبة، وسأل عن امكانية البحث عن خيار ثالث.
رابعاً، تبين انه تكلم مع كل فريق سياسي بما يحلو له أن يسمع.
وفي السياق، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الموفد الفرنسي الذي وضعه في اجواء لقاءاته، وأبدى رأيه في آليات تحريك الملف الرئاسي وضرورة احترام الآليات الدستورية «الضمانة الوحيدة لمنع قيام ما يؤدي الى الفوضى التي تُدار من خلال منطق فائض القوة»، بحسب ما نقل عنه.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان لودريان كان واضحا وصريحا أمام الراعي، خصوصاً عند طرحه لبعض الخلاصات الاولية التي انتهت إليها مساعي لقاءاته التي أجراها حتى الاجتماع في بكركي. وتوقف عند بعض الأفكار التي تلقاها سواء من الاجابة على مجموعة الرسائل التي وجّهها الى النواب ومختلف الافكار الأخرى، مؤكداً انه لم يَستخلص بعد كامل النقاط التي ستسمح له بأي اقتراح.
كما أطلع لودريان الراعي على مجموعة الاجتماعات المقررة في الايام المقبلة، لا سيما تلك التي ستعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة لممثلي الخماسية الخاصة بلبنان وما سيقوم به من اتصالات بوجوده هناك.
من جهتها، أشارت "الاخبار" الى ان زيارة لودريان انتهت أمس، بإعادة تثبيت الوقائع السياسية الخاصة بالملف الرئاسي على ما كانت عليه منذ أشهر. إذ لا خرق حصل على أيٍّ من الجبهات. وبدا مرة جديدة أن لا تبديل في الموقف السعودي، وأن توافقه مع الجانب الفرنسي لم يتجاوز حد اعتبار أن الأزمة الرئاسية تحتاج الى مناخات مختلفة لبنانياً وإقليمياً ودولياً، وهو ما جعل الجميع على اقتناع بأن الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مرهون بالاجتماع المقبل لممثلي اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قبل نهاية هذا الشهر.
وكانت خلاصة زيارة الموفد الفرنسي، كما المداولات التي يجريها السفيران السعودي والقطري في لبنان، قد انتهت الى تثبيت مواقف الجميع. فلا أنصار السعودية وجدوا ما يدعوهم الى تغيير تحركاتهم، ولا حلفاء المرشح سليمان فرنجية يجدون أيّ سبب لتغييرات جوهرية في الموقف أو حتى في التكتيك، مع العلم أن هناك من يراهن بقوة على نتائج الحوار المستمر بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والذي يتعلق بشكل أساسي بالملف الرئاسي.
لودريان اختتم جولته الثالثة بزيارة منزل السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة، على هامش لقاء تكريمي لمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، دعي إليه النواب السنّة.
وبدا لقاء اليرزة مع «الشرعيتين الدينية والتمثيلية» للسنّة في لبنان خطوة مقصودة للإشارة إلى تفعيل حضور المملكة العربية السعودية في الملف اللبناني. وبعد خلوة لنصف ساعة، ضمّت البخاري ودريان ولودريان والسفير الفرنسي هيرفيه غارو، انتقل الجميع الى قاعة كبيرة حيث كانَ في انتظارهم النواب السنّة (باستثناء: إبراهيم منيمنة، أسامة سعد، جهاد الصمد، ينال الصلح، ملحم الحجيري وحليمة القعقور). وقالت مصادر نيابية إن لودريان والبخاري أوحيا بأن «انتخاب رئيس للجمهورية ليس قريباً»، كما حاول لودريان إفهام النواب بأن «الأمور عادت إلى النقطة الصفر»، لافتاً إلى «ضرورة البحث عن مرشحين توافقيين، حيث لا إمكانية لوصول أيٍّ من الأسماء المطروحة». ودعا النواب للذهاب الى الحوار قائلاً: إذا «كانت كلمة حوار مستفزة للبعض، فاعتبروه لقاء تشاورياً». أما السفير السعودي فأشار إلى أن «وجهة النظر السعودية هي التي أثبتت واقعيتها، لأن المملكة تملك خبرة كبيرة في الملف اللبناني»، لافتاً الى «أننا منذ البداية طالبنا برئيس على مسافة واحدة من الجميع ويرضي الجميع»، مشدّداً على «تطابق وجهتَي النظر السعودية والفرنسية تحت سقف موقف الخماسية».
وقالت مصادر نيابية، حضرت الاجتماع، إن «لودريان أكد أنه سيعود الى بيروت في جولة جديدة، وإن مهمته المقبلة في السعودية لن تشغله عن دوره في إدارة الملف اللبناني، ملمحاً الى «مبادرة جديدة».
في السياق، لفتت مصادر سياسية بارزة إلى «تناقض في المداولات التي قام بها لودريان»، كاشفة أنه «خلال لقائه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية لم يلمّح أبداً الى انتهاء المبادرة الفرنسية، بل سأل فرنجية عن الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وعن الضمانات التي يُمكن أن يقدّمها كرئيس مقبل»!
من جهة أخرى، قالت مصادر نيابية التقت لودريان لـ «اللواء»: ان الجديد الذي طرحه مفاده: انه بعد لقاءاته الداخلية والخارجية لا امكانية للسير بالطروحات السابقة ولا بد من طرح جديد وهذا الامر يحتاج الى حوارات بين كل الطراف.
واوضح لودريان حسب المصادر النيابية، انه يجمع الافكار والمقترحات النيابية لنلقها الى اللجنة الخماسية العربية الدولية، وهو ابلغ النواب انه يضع «الخماسية» بكل تفاصيل ما يقوم به، وسيحصل اجتماع لوزراء خارجية الدول الخمس في نيويورك يوم الثلاثاء المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.
اضافت المصادر: ان تحرك لودريان بالتنسيق مع اللجنة الخماسية يفتح ثغرة واسعة في جدار الازمة الرئاسية.
وبعد المعلومات التي تحدثت عن توجه الرئيس بري لدعوة لحوار بمن حضر الاسبوع المقبل، اكدت مصادر نيابية مطلعة، ان لا شيء محسوماً بعد بإنتظار انتهاء لقاءات لودريان وجوجلة مواقف الكتل النيابية التي التقاها، ويضع الرئيس برّي في اجوائها اليوم، ليبني على الشيء مقتضاه. على ان تتضح كل الامور الاسبوع المقبل لا سيما حول شكل الحوار، مَن سيديره، وحول شكل وطبيعة الجلسات الانتخابية التي ستليه.
واشارت بعض المصادر النيابية الى أن الموفد الفرنسي «قد أسقط في لقاءاته خياري فرنجيه - أزعور لمصلحة ترشيح اسم ثالث لرئاسة الجمهورية»، لكن ذلك لم يتأكد من مصادر اخرى.