#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
العالم اليوم أشبه بلوحة شطرنج، واللاعب الأساسي يُدير كل شيء، وِفق خطط مدروسة ومحسوبة سلفاً.
سمِّه ما شئت؛ الدولة العميقة، حكومة العالم الخفية، الماسونية، الإمبريالية، أباطرة المال، لا فرق، فالتسمية لن تُغيّر في واقع الأمر شيئاً.
عندما زارا الملياردير الأمريكي ديفيد روكفلير موسكو، بعد اندلاع أزمة الصواريخ النووية عام ١٩٦٢ بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية، قال : « يا سادة أنا أعلم ما هي ديكتاتورية البروليتاريا، لكن عليكم أن تعلموا ما هي ديكتاتورية البرجوازية، فنحن من يحكم أمريكا، وليس الرئيس الأمريكي أو الصحافة"
إحكام القبضة!!!
كل شيء في قبضة هؤلاء، فهم ابتكروا نظاماً لا يمكن لأحد أن يقف في وجهه، يتحكّمون بالمال والسياسة والإعلام، فصندوق النقد الدولي ليس دولياً، ولا البنك الدولي دولياً، فهاتان المؤسستان أدوات لدى المالك الأصلي للسيطرة على العالم، وتحت شعار مساعدة الدول النامية، تم إغراق هذه الدول بالديون، وبالتالي التدخل في سياساتها الاقتصادية، إلى درجة فرض الوصاية عليها، وتحديد مصروفاتها العامة، وحتى تعيين الرؤساء وتحديد حق الجلوس في مجالس وزرائها.
والأخطر من كل ذلك، أن كافة الدول النامية التي استدانت من البنك الدولي، زادت فيها البطالة، وأصبحت أكثر فقراً، وتخلّت عن القطاع العام، وسياساتها الوطنية، لصالح القطاع الخاص، فتغوّل هذا البنك وأصحابه، دفعه لدعم الشركات العابرة للقارات، ليُحكِم عبرها قبضته على معظم دول العالم.
وكذلك البنك الفيدرالي الأمريكي ليس فيدرالياً، ولا ملكاً للدولة، بل ملكاً لهم، وهو المخوّل الوحيد بطباعة الأوراق الخضراء(الدولار)، الذي تم تحريره من التغطية الذهبية، وجعلوه أحتياطاً إلزامياً، لدى كل البنوك المركزية لدول أوروبا، ثم لكافة دول العالم.
إنها مجرد أوراق خضراء لا قيمة فعلية لها، سوى ثقة العالم الموهومة بها، وحمايتها بالسطوة الأمريكية، فهم يطبعون منها قدر ما يشاؤون، ويشترون بها ثروات العالم، من؛ نفط ،وذهب، ومعادن، ومنتجات صناعية وزراعية وخدمات، وغير ذلك.
عندما حاول جون كيندي، الخروج على المنظومة، وأصدر أمراً إلى وزارة الخزانة الأمريكية، لتقوم بنفسها بطبع الدولار، تم التخلص منه، واغتيل فجأة على يد متهور مجنون، ثم جاؤوا بليندون جونسون رئيساً، وأول قرار اتّخذه، كان إلغا قرار كندي، وإعادة صلاحية طباعة الدولار إلى البنك الفيدرالي.
كما تَسْمِية الفيدرالية مُزيّفة، وتخفي خلفها الوجه الحقيقي لأصحاب القرار الفعليّين، كذلك كافة العناوين البرّاقة، كالديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان.
فبإسم هذه الشعارات يتم التدخل في شؤون كافة الشعوب، وتتم إزالة عروش، واحتلال دول، وحتى في أمريكا نفسها لم تحتمل المنظومة وجود رئيس مشاكس غير منضبط، مثل دونالد ترامب، فتمت إزاحته، وجاؤوا بجو بايدن، الرجل الذي بالكاد يتذكّر اسم وزير خارجيته أو مساعديه، ليكون حاكماً شكلياً، يُنفّذ ما يطلب منه، ولو حصل وفاز ترامب، لكان لقيَ مصير كندي على الأرجح.
قواعد اللعبة والمجازفة الكبرى!!!
يدفع اللاعب الأساسي بالبيادق إلى الأمام، في وسط لوحة الشطرنج (وأوروبا هي الوسط)، فهؤلاء لا يستطيعون التراجع، لكن يمكنه التضحية بهم، ثم يجعل حصانه يقفز إلى الشرق، ملوّحاً بتهديد قلعة الخصم وملك عرشه، في آنٍ واحد، ثم ينسحب في الوقت المناسب، ليختبئ خلف البيادق، فللحصان قدرة على التراجع والقفز إلى الوراء، عندما يشعر بخطر حقيقي على حياته.
تقتضي هذه اللعبة التضحية، وعادةً يحتفظ اللاعب الذكي بالوزير والرخ حتى النهاية، لكن الإيقاع بالخصم يتطلب ضحية دسمة، تفتح شهيته لالتهامها، ليقع بعدها في الفخ، ثم يتم الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وبضربة قاضية، ينقض عليه "كش ملك".
شبّه أحدهم غزو روسيا لأوكرانيا، بمحاولة الاناكوندا ابتلاع حيوانٍ ضخم، وينتظر الأمريكي لحظة الاختناق، ليقول لبوتين "كش ملك" وتنتهي اللعبة.
لكن في تصوّر الغرب هذا، مُخاطرة كبرى، فرغم تمكّنه من تحريك أحجاره بدقّة، وبناء جدار دفاعي وسط اللوحة، إِلَّا أنه تناسى على ما يبدو، أن خصمه الروسي يُتقن لعبة الشطرنج ببراعة لا نظير لها في العالم، فهو راح يقضم أحجار خصمه، ويفكك دفاعاته، وأرسل الفيَلة الجائعة، عبر اليمين (الأوروبي)، لتسرح خلف خطوط العدو، تدمدم وترسل نهيمها في شوارع عواصمه، محتجةً على قلّة الغذاء، وزمهرير البرد، الذي لا تحتمله أجسادها المعتادة على الدفء.
أكثر من 40 دولة باتت تتعامل مع روسيا بعملاتها المحلية، متخلّية عن الدولار، وحتى وصلت العدوى إلى الأرجنتين والبرازيل، اللتين بدأتا محادثات حول إنشاء عملة مشتركة، لتجنّب سلطان الدولار على أسواقهما، وستناقش دول البركس (روسيا، الصين، الهند، البرازيل، وجنوب أفريقيا) في آب المقبل، إنشاء عملة موحّدة، على أن تنظم إليهم أيضاً، دول الاتحاد الأوراسي الباقية، وربما تركيا أيضاً.
أما التنين الصيني العملاق، الرابض في أقصى الشرق، فهو يعلم أن دمه نفط وغاز، والنار الملتهبة في جوفه يجب كتمها الآن، فلهي إن خرجت، ستحرق كل شيء، ومشكلته أنه يتحرك ببطء، ولا تتسع له الطُرُق الضيقة، أمّا الاتوسترادات الواسعة نحو الوسط والغرب وحتى الجنوب، فيسيطر عليها خصمه، وقد عبّدها منذ عشرات السنين بدماء الفقراء، وسيحميها الآن بأظافره، ولن يسمح له باستعمالها بسهولة، لذا
فالتنين يحاول إظهار جانبه الناعم، وإخفاء حراشفه الخشنة قدر المستطاع، بانتظار اللحظة السانحة، للانقضاض على خاصرة الخصم وتهديد مَلِكه، وقد يجد فرصته في أي مكان وأي وقت، في ظل انشغال الأمركيين بتدعيم خط الوسط، المهدد بالسقوط في أي لحظة.
لقد فشل الأمريكيون في فكِّ طلاسم ورموز الحروف الرسومية القديمة، لشاتيال على طريق كاراكورام السريع في جيلجيت بالتستان الباكستانية، وتراجعوا من أفغانستان، تاركين طريق الحرير لأصحابه القدامى، الذين يجيدون فك مغزى تلك النقوش، للغات شعوب يعود تاريخها إلى ما قبل 10000 عام .
إنه زمن الألغاز، التي تحتاج إلى عباقرة، لفهمها وفكفكت رموزها والعقد. فلمن ستكون كلمة الفصل، ومن سيربح اللعبة التي شارفت على نهايتها؟؟؟
خطوة واحدة ستكون مميتة،
GAME OVER " كش ملك".