#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
في حديث إلى قناة الشرق، عبر برنامج المدار، دافع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن نفسه وسياساته المالية، ملقياً بأسباب الأزمة الاقتصادية والمالية، على كاهل السياسيين، وتحديداً حكومة الرئيس حسان دياب التي امتنعنت عن سداد الديون باليوروبوند عام ٢٠٢٠، مما أثّر على تصنيف لبنان الائتماني، وتسبب بأزمة ثقة، وتدهور قيمة العملة اللبنانية.
وعن دور المركزي، في التسبب بأزمة سيولة في المصارف، أدت إلى امتناعها عن الدفع للمودعين، أوضح سلامة: أن المركزي دفع للبنوك كامل الأموال اللازمة، ومدها بالأموال بالعملة الأجنبية أيضاً، بمبلغ أكثر من ٣٠ مليار دولار، منذ عام ٢٠١٧ وحتى عام ٢٠٢٢.
بهذا التصريح يكون سلامة قد وجه اتهاماً مباشراً الى المصارف، بأنها هي من حجب أموال المودعين، وتسبب في الأزمة، وليس المصرف المركزي.
إن كلام سلامة صحيح طبعاً إلى حد كبير، فالمصارف بعد قرار الإقفال الذي اتخذته، بعد ثورة تشرين، قامت بتنفيذ عمليات تحويل كبيرة بالدولار إلى الخارج، لكن هذه التحاويل حصلت لحساب سياسيين ونافذين لديها، وتم حجب التحاويل عن صغار المودعين، وإن هذه الوقائع تُشكّل سنداً قانونياً مهماً، بيد المودعين في وجه المصارف، عند اللجوء إلى القضاء.
فمن الواضح أن المصارف لجأت إلى الاستنسابية في التعامل مع زبائنها من المودعين، وقامت بحجز الودائع خلافاً للقانون، وتصرفت بأموالهم دون وجه حق.
وأما ما ذكره سلامة عن أن البنوك خسرت أكثر من ٣٥ مليار دولار، بسبب سداد الديون لها بالعملة المحلية بدل الدولار، على سعر ١٥٠٠ ليرة للدولار، فهذا يُشكّل ادانة له ولمن اتخذ قرار ابقاء سعر الصرف الرسمي ثابتاً بعد الأزمة، وإهدار أكثر من ٢٥ مليار دولار من احتياط مصرف لبنان، على دعم موهوم، ذهب بغالبيته إلى جيوب التجار والمهربين، وأصحاب الشركات الكبرى، وبعض زعماء الأحزاب، ولم يستفد منه المواطن اللبناني سوى بجزء بسيط جداً، وهناك من أثرى وجمع أموالاً طائلة بسبب هذا الدعم.
والسؤال المهم، لماذا يجب تحميل المودعين، عبء سداد ديون مواطنين، استلفوا من البنوك بالدولار، وانفقوا تلك الأموال او استخدموها في مشاريع خاصة، ثم أعادوها للمصارف، بالليرة اللبنانية، بعد انهيار سعر الليرة؟؟؟
قدم سلامة مطالعة دفاعية، ولم ينسَ تبرئة نفسه من شركة "فوري أسوشييتس" ، مؤكداً أن المركزي لم يدفع لهذه الشركة أي دولار، ويقول سلامة: " بالصدفة وجد أسم شقيقي رجا فيها" متجاهلاً أنه شريك (من خلف الستار) مع شقيقه في هذه الشركة، التي أوكل إليها هو بصفته حاكماً للبنك المركزي، جمع العمولات والرسوم من المصارف التجارية، التي كان قد فرضها المصرف المركزي على هذه المصارف، عند شرائها سندات حكومية لأكثر من عقد من الزمن.
ويتناسى سلامة الاتهام الموجّهة له في القضاء السويسري، بالتواطؤ مع شقيقه رجا، في عملية تبييض أموال، عبر هذه الشركة، وحصوله مع شقيقه على مبلغ ٣٠٠ مليون دولار، بشكل غير مشروع، من أموال مصرف لبنان.
لا ينفي سلامة علاقته بالطبقة السياسية الحاكمة، ويتجنب تسمية أخصامه، حافظاً معهم شعرة معاوية، وينفي رغبته بالتجديد في تموز، لكن من الواضح أنه ما زال طامحاً لست سنوات جديدة، لكن في قصر بعبدا هذه المرة، وليس بين جدران المركزي، فهل يتحقق حلمه الذي جاء لأجله إلى لبنان منذ عام ١٩٩٣؟؟؟.