#الثائر
هل أوقع “حزب الله” نفسه في ورطة التصعيد الحدودي مع إسرائيل، فحشر نفسه بسقف المهلة الزمنية التي حددها لإبرام اتفاق الترسيم البحري قبل بداية أيلول تحت طائل التهديد باندلاع الحرب واستهداف منصات الغاز والنفط الإسرائيلية؟ سؤال بات مطروحاً بقوة في الكواليس السياسية والأمنية مع ضيق الهامش الزمني المتاح بموجب هذه المهلة لإنجاز المسودة النهائية للاتفاق الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل قبل نهاية آب الجاري، الأمر الذي يضع “حزب الله” أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإما يتراجع عن مهلته وتهديده و”يكسر كلمة” أمينه العام، أو يبقى ملتزماً المهلة والتهديد ويخوض غمار “المخاطرة العسكرية المحسوبة” التي أعلن عنها السيد حسن نصرالله مع ما يستتبعها من تداعيات غير محسوبة العواقب على ساحته الداخلية، خصوصاً في ظل تهديد المسؤولين الإسرائيليين بـ”مسح الضاحية بأكملها” في حال إقدام “حزب الله” على أي عمل عسكري ضد إسرائيل.
وبين ضفتي التهديد والوعيد، يقف لبنان الرسمي في وضعية “انعدام توازن” واضحة على أرضية مفاوضات الترسيم بانتظار عودة الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين الموعودة إلى بيروت، كما يلاحظ كل من يراجع المسؤولين المعنيين بالملف مستفسراً عن مستجداته، فلا يلقى إلا أجوبة رمادية وأجواء ضبابية تعكس حالة “الضياع” الرسمي، فلا أحد يعلم “أين هوكشتاين الآن ومتى يعود” بحسب تعبير مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن”، مشيرةً إلى أنّ “التقديرات الرسمية أصبحت تميل إلى ترجيح عدم حصول أي شيء جديد في مفاوضات الترسيم قبل أيلول”.
وإذ أكدت أنه “لا موعد محدداً لغاية اليوم بالنسبة لتاريخ عودة الوسيط الاميركي إلى بيروت”، كشفت المصادر أنّ “الدوائر الرسمية لم تتبلغ منه أي جديد سواءً بالنسبة إلى الجواب الإسرائيلي النهائي المرتقب على الطرح اللبناني للترسيم، أو بالنسبة لموعد زيارته التالية إلى لبنان، فهو غادر من هنا الى إسرائيل ومن هناك إلى الولايات المتحدة ومنذ ذلك الحين لم يعد إلى المنطقة”، وأردفت تعليقاً على التقارير الإعلامية الإسرائيلية التي تحدثت عن تواجده في الآونة الأخيرة في إسرائيل بالقول: “الجميع يعلم أنّ هوكشتاين إسرائيلي الأصل وهو يمتلك “فيلا” في إسرائيل وبالتالي من الوارد أن يزورها ليمضي إجازة صيفية هناك في أي وقت بمعزل عن أجندة مفاوضات الترسيم”.
وتكشف المصادر نقلاً عن أحد المسؤولين اللبنانيين الذين تواصلوا مؤخراً مع الوسيط الأميركي أنه سمع منه كلاماً مفاده أنّ “الأمور لا تزال على المسار الإيجابي نفسه لكن مستجدات غزة الأخيرة فرضت نفسها في إسرائيل وجمّدت عملية المفاوضات بشأن الترسيم البحري مع لبنان”. وفي هذا الإطار، رشحت معلومات تؤكد تعرّض الحكومة الإٍسرائيلية لضغوط داخلية رفضاً لإبرام أي اتفاق حدودي مع لبنان تحت ضغط تهديدات “حزب الله”، خصوصاً بعد النتائج العسكرية التي اعتبرها الإسرائيليون ناجحة وفعالة في مواجهة “حركة الجهاد” في غزة، وتساءلت المصادر في ضوء ذلك: “هل ستتحمل الحكومة الإسرائيلية وزر الخضوع لتهديد “حزب الله” وإبرام الاتفاق مع لبنان تحت ضغط المسيّرات أمام الرأي العام الإسرائيلي الداخلي عشية الانتخابات المقررة في تشرين الثاني المقبل؟”.
وفي المقابل، جدد “حزب الله” خلال الساعات الماضية تمسكه بالمهلة الزمنية التي وضعها لتلقي الجواب الإٍسرائيلي النهائي وحسم مصير اتفاق الترسيم البحري بصيغته النهائية قبل حلول شهر أيلول موعد بدء إسرائيل باستخراج الغاز من حقل كاريش، فأكد على لسان عدد من قيادييه على وجوب “أن يحصل لبنان على حقوقه في المهلة المحددة” كما عبّر نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أمس، وأضاف في تغريدة على “تويتر”: “لسنا معنيين بظروف الحكومة الإسرائيلية والانتخابات في الكيان، و”حزب الله” قوة داعمة للدولة لاسترجاع الحقوق بالترسيم والحفر والاستخراج من دون تسويف أو مماطلة”.
وكذلك، جاءت الرسالة حازمة على لسان رئيس كتلة “حزب الله” البرلمانية النائب محمد رعد في مسيرة مركزية حاشدة في النبطية استعرض خلالها ألويته وسراياه وراياته تحت صور عملاقة مرفوعة للإمامين الخميني والخامنئي والسيد نصرالله، فقال رعد: “على مستوى ترسيم الحدود البحرية، ننتظر لكن ليس إلى وقت مفتوح إجابات العدو لنبني على الشيء مقتضاه… وعلى العدو الإسرائيلي أن يفهم أن حسابنا معه سيبقى مفتوحاً إلى أن يتحقق التحرير الكامل لأرضنا ومياهنا وجونا، واليد ستبقى على الزناد ولن تصرفنا عن حماية بلدنا إغراءات أو وعود”.
المركزية -