#الثائر
بعد نحو 8 سنوات من الهدوء النسبي، هزت سلسلة من الانفجارات قاعدة "ساكي" العسكرية، غرب شبه جزيرة القرم، بالقرب من منتجعات ساحلية يرتادها السياح الروس، وبينما تحدثت روسيا عن "تفجيرات ذخيرة"، تنصلت أوكرانيا من المسؤولية.
إلا أن صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤول عسكري أوكراني كبير، مطلع على الوضع، أن قوات بلاده تقف وراء الهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية، لافتا إلى أن "هذه القاعدة الجوية كانت تقلع منها الطائرات بانتظام لشن هجمات على قواتنا في المسرح الجنوبي".
وبينما لم يكشف المسؤول عن نوع السلاح المستخدم في الهجوم، اكتفى بالقول بأنه "تم استخدام سلاح حصري من صنع أوكراني"، كما جاءت تلميحات من الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عقب الواقعة، حيث أكد أن الحرب الدائرة في بلده بدأت في شبه جزيرة القرم ويجب أن تنتهي بتحريرها.
وضمت روسيا شبه جزيرة القرم إلى أراضيها، عقب استفتاء أجري في مارس 2014، غير معترف به من قبل المجتمع الدولي.
وتقع القواعد الروسية نوفوفيدوريفكا وساكي، على بعد نحو 50 كيلومترا شمال ميناء سيفاستوبول، مقر أسطول البحر الأسود الروسي، الذي يقود حصارا على الساحل الأوكراني.
رسالة أوكرانيّة قوية
وقال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن "كل المؤشرات تدل على أنه هجوم أوكراني حتى آلة الدعاية الروسية تتحدث عن ذلك، لكنّ إعلانا رسميّا من موسكو يمثل خيبة آمال كبيرة للمواطنين وحالة إحباط جديدة من الحرب".
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الهجوم الأوكراني على القوات الروسية في شبه جزيرة القرم يمثل توسعا كبيرا في الجهود الهجومية لأوكرانيا، والتي اقتصرت في الغالب على بعض المواقع جنوب البلاد التي سيطرت عليها بعد حرب 24 فبراير.
وأوضح أنه مع بدء وصول الأسلحة الأوكرانية اختلف شكل عمليات الجيش الأوكراني، وبدأت أوكرانيا تنقل قواتها وتضرب بشكل أعمق خلف الخطوط الأمامية أكثر من ذي قبل، وكذلك الإعلان عن استعدادات كبرى لهجوم مضاد في منطقة خيرسون.
وحول أسباب تنصل أوكرانيا وتحفظ روسيا، قال رادسيوسيني إن أكثر ما كان يقلق الغرب من إرسال الأسلحة المتطورة إلى كييف هو ما حدث كونه يمثل استفزازا لروسيا، حيث آنذاك قالت الحكومة الأميركية إن أوكرانيا تعهدت بعدم استخدام الأسلحة لمهاجمة الأراضي الروسية.
ولفت إلى أن كييف لا يمكنها استخدام الطائرات بأريحية التي قد تُسقط على الفور بسبب الدفاعات الجوية الروسية الثقيلة في المنطقة، حيث تحولت القرم في السنوات الثماني الماضية من وجهة شاطئية هادئة في جنوب أوكرانيا إلى قاعدة رئيسية للعمليات العسكرية الروسية، ومنها انطلقت القوات التي سيطرت على خيرسون.
وأشار إلى أن "إعلان أوكرانيا مسؤوليتها عن سلسلة الانفجارات كان سينعكس عليها بالسلب، وفي كل الأحوال سيكون هناك تصعيد في الحرب خلال الفترة المقبلة، وهو ما عبر عنه سابقا ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، بأن هجوما أوكرانيّا على شبه جزيرة القرم سوف يستدعي رد فعل يوم القيامة ويمكن القول إننا أمام مرحلة جديدة من الحرب".
تناقضات أوكرانية
ونفت أوكرانيا القيام بأي هجوم على شبه جزيرة القرم، وأكد مساعد الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، أن كييف ليست مسؤولة عن التفجيرات.
وقال بودولياك لقناة تلفزيونية على الإنترنت ردًّا على سؤال حول الوقوف وراء التفجيرات: "بالطبع لا.. ما علاقتنا بهذا؟".
ذلك قبل أن يكتب تغريدة متناقضة على "تويتر"، قال فيها: "مستقبل شبه جزيرة القرم هو أن تكون لؤلؤة البحر الأسود ومنتزها وطنيّا ذا طبيعة فريدة ومنتجعا عالميّا وليس قاعدة عسكرية للإرهابيين.. هذا مجرد البداية".
وتجنب زيلينسكي الحديث عن التفجيرات في خطابه مساء الثلاثاء، لكنه تحدث بإسهاب عن شبه جزيرة القرم قائلا: "لن ننسى أن الحرب الروسية ضد أوكرانيا بدأت باحتلال شبه جزيرة القرم.. هذه الحرب الروسية... بدأت مع شبه جزيرة القرم ويجب أن تنتهي في شبه جزيرة القرم بتحريرها".
وتشير تصريحات زيلينسكي الأخيرة إلى أنه يعتقد أن أوكرانيا يجب أن تستعيد شبه الجزيرة قبل أن تنتهي الحرب الحالية، لكنه قال في الماضي أشياء مختلفة بشأن هذه القضية.
ففي وقت سابق، قال الرئيس الأوكراني إن كييف يمكن أن تقبل السلام إذا عادت روسيا إلى مواقعها قبل 24 فبراير الماضي، مما يعني أنه لم يضع استعادة شبه جزيرة القرم شرطا للسلام.
المصدر: سكاي نيوز