#الثائر
- " د. ميشال الشمّاعي " == خاص "الثائر"===
انتهت إنتخابات نقابة المهندسين، وصدرت النتائج بأبعاد ثلاثيّة كالآتي:
- أوّلا: حقّقت الثورة فوزًا كاسحًا.
- ثانيًا: مُنِيَت منظومة السلطة بخسارة مدوية.
- ثالثًا: حافظ حزب القوّات اللبنانيّة على رصيد نقابي من نواته الصلبة.
وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه النتائج ستترك تداعياتها في الساحة السياسيّة اللبنانيّة، لكن من المهمّ أيضًا النّظر أو البحث عن البعد الرابع الذي لم يذكره أحد بعد اليوم الانتخابي الطويل الذي قضى البارحة.
لقد أثبتت هذه الانتخابات النقابيّة أنّ اللبنانيّين قادرون أن يتحرّروا من منظومة الأحزاب التقليديّة. ومخطئ مَن يظنّ أنّ هذه الانتخابات لا تداعيات لها على الانتخابات النيابيّة المقبلة، أو أنّها لا تحمل أيّ مؤشّر للإنتخابات. فكلّ انتخابات تجري في لبنان، في أيّ مستوى كان، تحمل في طيّاتها مؤشّرات للإنتخابات الكبرى التي يترقّبها اللبنانيّون بحذر وشوق كبيرين ليسقطوا بوساطتها هذه المنظومة. وهذا ما بات قناعة راسخة لدى اللبنانيّين جميعهم، بعد سقوط قناعة التغيير بالفوضى والشارع.
وهنا يُسجَّلُ لحزب القوّات اللبنانيّة تمسّكه بمطلب الانتخابات النيابيّة المبكرة كمدخل للتغيير. وهذا ما يؤكّد عليه الأفرقاء كلّهم عند حصول أيّ ستحقاق انتخابي. ولعلّ أبرز ما أثبتته انتخابات نقابة المهندسين هو أنّ اللبنانيّين لا زالوا يملكون هذا النّفس الثورويّ التغييري. وهذه المسألة وحدها كافية لتزرع الأمل بلبنان الغد. ولقد ثبّت هذه الانتخابات هذا البعد الرابع الذي تجلّى أيضًا بفشل منظومة السلطة، أو قل الأكثريّة الحاكمة، وبالتحديد أعني هنا ح ز ب الله وما بقي من الفلول العونيّة، حيث فشلت هذه المنظومة بقتل روح الثورة لدى اللبنانيّين بعدما ألهتهم برغيف الخبز وحبّة الدّواء وتنكة البنزين.
لقد أثبت اللبنانيّون مرّة جديدة أنّهم قادرون على التغيير. لذلك، هذا يفضي إلى الاستنتاج بأنّ أبرز تداعيات هذه الانتخابات ستترجم بعمليّة تعطيليّة جديدة ستقودها هذه الأكثريّة التي أشرنا إليها لتعطيل التغيير المرجوّ. وقد تترجم ببدء العمل على تمديد لولاية المجلس الحالي. وهذا ما سيضع لبنان مجدّدًا بمواجهة المجتمع الدّولي الذي أصرّ على الانتخابات بموعدها. ولعلّ هذا أبرز ما سيرشح عن إجتماع الفاتيكان في اليومين المقبلين، أيّ المطالبة بإجراء الانتخابات النيابيّة بموعدها.
لكن من المفيد القراءة أكثر في هذا البعد الرابع الانتخابي لدى الثورويّين. ممّا لا شكّ فيه أنّ الهجانة لدى مجموعة الثورة إن لم تصل إلى مرحلة الأصالة ستؤدّي حتمًا إلى انفراط هذا العقد الثورويّ لدى الاصطدام بلعبة المصالح. ولا نخفي سرًّا إن قلنا ذلك، بل أبعد، إنّنا ننبّه هنا إلى ضرورة العمل على تأصيل الفكر الثورويّ لبنانيًّا، ليتخلّص من الهجانة التي وصل إليها. وأكثر من ذلك بعد، ليتخلّص من رواسب الأفكار اليساريّة التي اجتمعت لقصورها منفردة على تحقيق الخرق، ومن رواسب اليمينيّين الناقمين على أحزابهم التقليديّة التي تعمل على المدى البعيد، ومن المستقلّين الباحثين لهم عن حيثيّة سياسيّة تضعهم في الواجهات السياسيّة مستقبليًّا.
وذلك لن يتمّ إلا بالوصول إلى إنتاج قيادة، ولو مجلِسيّة، لتضع الاستراتيجيّات التغييريّة التي إن لم تبدأ من عمليّة استرجاع السيادة الكاملة للدولة، سوف لن تتقدّم ولو قيد أنملة. وسيقتصر فوزها على الحالة السطويّة مرحليًّا فقط، وسرعان ما سينفرط عقدها عند أوّل عقبة مصلحيّة.
ومن المفيد لهذه المجموعات الثورويّة أن تكتسب الخبرة السياسيّة من الذين يعملون وفق قاعدة المبدئيّة السياسيّة. وذلك ليستطيعوا الحفاظ على ما حقّقوه في الانتخابات النقابيّة، وكي لا تتحوّل نقابة المهندسين بنتائجها الانتخابيّة إلى فرع من نقابة المحامين، أعني انتخابيًّا. وهنا يجب إعادة النظر والقراءة بالشعارات التي طرحتها منذ انطلاقتها في 17 تشرين 2019، وذلك لتصويب الأداء نحو الفاسد الحقيقي. ولا بدّ من قول الحقيقة حتّى لو أنّ بعضهم لن يتقبّلها كي لا تنقلب هذه النتائج سلبًا عليهم. فهل ستنجح الثورة بتأصيل أفكارها الثورويّة؟ أم ستبقى مجرّد مجموعة هجينة جمعتها الأهداف وستفرّقها المصالح حتمًا؟