#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
أربعُ دقائقَ وسَبعُ ثوانٍ إختصرَ فيها رئيسُ الجمهوريةِ العماد ميشال عون معاناةَ اللبنانيينَ ومحاولاتِ إخراجهم من الأوضاعِ التي هُم فيها علماً أنه يَعرفُ ويَعرفون أنهُ ليسَ طليقَ اليدِ لأن الدستورَ يقيِّدهُ في أكثرِ من مادةٍ فيما يُطلِقُ يديْ غيرهِ في اكثرِ من مادةٍ ايضاً .
***
وسألَ فخامةُ الرئيس العماد ميشال عون كثيراً من الاصدقاءِ المتَّصلينَ بهِ بعدَ سماعَ رسالتهِ ،إذا مُورِسَ "التشويشُ التقنيُ" في مناطقهم، اثناء إلقاءِ كلمتهِ، ويبدو من تقاطعِ المعلوماتِ انه تمَّ التشويشُ فعلاً في منطقة بعبدا وصولاً الى الحازمية، لكن أُعيدَ البثُ ثلاثَ مراتٍ لتصلَ الرسالةُ.
على كلِّ حالٍ،حتى وبالتشويشِ بالامكانِ اعادةُ مشاهدةِ الكلمةِ او الاستماعِ اليها او قراءتها، فالحَجْبُ والتشويشُ غيرُ موجودينِ عبرَ حداثةِ التكنولوجيا كونَ " عقليةِ" التشويشِ لم تعدْ تنطلي على الواقعِ .
***
هكذا جَهرَ فخامتهُ بالكلمةِ التي لا تُفارقهُ منذُ ثلاثينَ عاماً واكثرَ "ما اعتدتُ الإذعانَ"، ليصلَ إلى ذروةِ المكاشفةِ مع الرئيسِ المكلَّفِ ويخاطبهُ قائلاً :
" في حالِ وجدَ نفسهُ في عجزٍ عن التأليفِ وترؤُّسِ حكومةِ إنقاذٍ وطنيٍّ تتصدّى للأوضاعِ الخطيرةِ التي تُعاني منها البلادُ والعبادُ، فعليهِ ان يَفسحَ في المجالِ أمامَ كلِّ قادرٍ على التأليفِ".
لم يَسبِق ان خاطبَ رئيسُ جمهوريةٍ رئيسَ حكومةٍ مكلَّفاً بهذهِ الجرأةِ والحسمِ والحزمِ : "إفسح المجالَ لقادرٍ على التأليفِ "!
***
ذهولٌ في بيتِ الوسط من القنبلةِ السياسيةِ المدَوِّيةِ التي وجهها رئيسُ الجمهوريةِ ، في " رمايةٍ " دقيقةٍ ، وهو المدفعي ، حققتْ إصابةً مباشرةً ، فما كانَ من الرئيسِ المكلَّفِ إلا ان ردَّ بآخرِ الطلقاتِ لديهِ "إنتخاباتٌ رئاسيةٌ مبكرةٌ".
لم يكتفِ الرئيسُ المكلفُ بهذهِ المفاجأةِ بل طالبهُ بأن "يُصارحَ اللبنانيينَ بالسببِ الحقيقيِّ الذي يدفعهُ لمحاولةِ تعطيلِ إرادةِ المجلسِ النيابيِّ الذي اختارَ الرئيسَ المكلف،
والذي يمنعهُ منذُ شهورٍ طويلةٍ عن إفساحِ مجالِ الخلاصِ أمامَ المواطنينَ،
وأن يختصرَ آلامهم ومعاناتَهم عبرَ إتاحةِ المجالِ أمامَ انتخاباتٍ رئاسيةٍ مُبكرةٍ وهي الوسيلةُ الدستوريةُ الوحيدةُ القادرةُ على إلغاءِ مفاعيلِ اختيارهِ من قبلِ النوابِ لرئاسةِ الجمهوريةِ قبلَ خمسةِ أعوامٍ، تماماً كما اختاروني رئيساً مكلفاً لتشكيلِ الحكومةِ قبلَ خمسةِ أشهرٍ."
***
هكذا باتتْ المعادلةُ واضحةً :" إستقالةٌ في مقابلِ الإعتذارِ" .
ولكن في حالِ لم يستجبْ الرئيسُ المكلَّفُ لمطلبِ الإعتذارِ، ولم يستجب رئيسُ الجمهوريةِ لمطلبِ الإستقالةِ، فماذا سيحصلُ للبلدِ ، وإلى أين سيصلُ اللبنانيونَ ؟
لو كانَ السياسيونَ يطرحونَ على أنفسهم هذا السؤالَ ، لَما وصلنا الى هنا.
لكن يبدو ان الامورَ تتسارعُ، ومكُّوكُ تقريبِ وجهاتِ النظرِ اللواء عباس ابراهيم الديناميكيِّ بامتيازٍ، لم يتوقفْ.
آملين دائماً بالخيرِ والأملِ بإيجادِ اولاً واخيراً الحلَ المناسبَ للبلدِ وللشعبِ المقهورِ بحكومةٍ تلجمُ الانهيارَ الكارثيَّ.
***
وبعد لقاءِ الرئيس العماد عون بالرئيسِ المكلف امس في قصر بعبدا، صرحَ الرئيس الحريري انه تمَ الاتفاقُ على ان تكونَ هناكَ جلسةٌ تحملُ الرقم 18،
يومَ الاثنينِ المقبلِ، حيثُ يُبنى على الشيءِ مُقتضاهُ:
إن بالتوافقِ او بالفراقِ المدَوِّي وتداعياتهِ.