#الثائر
بقلم المخرج / أحمد توفيق آدم
أهتمت الثقافة الشعبية بالعديد من الممارسات التى علقت بالشخصية المصرية وعبرت عنها وشكلت وجدانها ومن اهمها "سبوع المولود" ويعنى اليوم السابع من ولادة الطفل ، ويحرص الأفراد على الاحتفال به ، فيطبخون: (فَرْخَة بِكِشْكْ) للمدعوين ويدقون الهاون على مقربة من اُذن المولود ليعتاد على سماع الصوت القوى , ويرشون ملحاً في اركان البيت حفاظاً عليه من الحسد, يصاحب ذلك غناء : برجالاتك, برجالاتك, حلقة دهب في وداناتك , وقد أهتم المبدع السينمائى توظيف الطقس الشعبى للسبوع فى العديد من أفلامه الروائية لتخليد الطقس من الإندثار وأضفاء روح الإبداع على الظاهرة وذلك خلال أحداث فيلم الزوجة الثانية بطولة سعاد حسنى وشكرى سرحان قصه أحمد رشدى صالح وإخراج صلاح أبو سيف , وقد نجد ضمن سياق الفيلم المشهد الخاص بسبوع أبن عتمان شقيق العمدة, حيث يتسع كادر الtotal بالكثير من النساء من الجيران والمقربات لأم المولود متواجدات داخل صحن منزل عتمان, ومجتمعات أمام الغربال الموضوع بداخله المولود بزيه الأبيض الناصع وفى كادر الclose نجد السكينة على بطن المولود , تقوم الخالة نظيمة بوضْع البخور فى المبخرة متصاعد الدخان بكثافة وتأمر أم المولود بالتخطية فوقه سبع خطات فتقوم الأم برفع طرف الجلباب من على رجلها وتبدأ بالتخطية أمعاناً منها لإبراز صباها أمام جيرانها وأمام حفيظة سلفتها التى لم تنجب , ونعود لتخطية الوالده على مولودها ونسمع الخالة نظيمة : الأَوِّلَةْ بِسْمِلِّهْ، والتانية بِسْمِلِّهْ وهكذا حتى السابعة رؤية محمد ابن عَبْداللهْ. فتعلو زغاريد النسوة متجهات إلى سطح الدار ومعهم الأطفال يحملون الشموع المشتعلة حيث تقوم إحدى السيدات برش الملح باتجاه المدعوات. ونرى منضدة تتوسط صحن الدار عليها صينية مليئة بالنقل وتتوسطها صينية صغيرة بها إبريق حوله ماء. والإبريق به 4 شمعات مشتعلة.
وقد دار هذا السياق خلال أحداث الفيلم فى عقد الخمسينات بالريف , وفى حال تتبع الظاهره سينمائياً فى السبعينات من خلال فيلم الحفيد بطولة نور الشريف ومرفت أمين قصه الكاتب الكبير عبد الحميد جوده السحار واخراج عاطف سالم , وتحديداً خلال مشهد السبوع بالفيلم نجد الجدة تُمسك بيدها الهاون النحاسيّ وتدق عليه مرددة "اسمع كلام أمك وما تسمعش كلام أبوك" وبجوارها أم الزوج ممسكة بيدها صحن به ملح ترش على المدعوين وترد بعكس الكلام الذي رددته أم الزوجة، وبجوارهم أم المولود تحمله بيديها، ثم تقوم بوضعه داخل الغربال الذى تحمله إحدى المدعوات من أقارب والأصدقاء المقربين للزوج والزوجة وسط أجواء الزغاريد والموسيقى. يدخل أحدهم يحمل صينية بداخلها أكياس السبوع المليئة بالفشار والنُقل والحلوى، الأطفال يمدون أياديهم تجاه الصينية لأخذ نصيبهم من السبوع وهم يحملون الشموع المشتعلة ويلفون حول المنضدة الموجود عليها الإبريق، تقوم أم الزوجة بحمل الطفل من الغربال وإعطائه لكبار المدعوين المقربين للعائلتين بهدف رؤيته ومنحه النقوط مع ترديد أغنية برجلاتك برجلاتك حلقة دهب فى وداناتك.
ولو أكثرنا التدقيق أكثر وأكثر فى شكل الظاهره سينمائياً وتحديد خلال أحداث زمن الـ2000 من خلال فيلم عيال حبيبة بطولة حماده هلال وغاده عادل تأليف أحمد عبد الله وإخراج مجدى الهوارى ، حيث توجد منضدة تتوسط الصالة تعلوها الإبريق مُزَيَّن بالورود الطبيعية ، وحولها الأطفال يمسكون بأكياس السبوع والشموع المشتعلة، وأيضاً نجد الغربال ولكن سيوره الصلبة استبدلت بالقماش الشيفون أو النايلون لنعومته على جلد المولود. كما يوجد الهاون النحاسي مع أم الزوجة وهى تردد نفس العبارات: اسمع كلام أمك وماتسمعش كلام أبوك والعكس .. وتتم الاحتفالية فى وجود أقارب وأصدقاء العائلتين معاً.
وخلال النماذج من الأفلام التى ذكرت وكان مشهد السبوع محورى بالأحداث لإضفاء روح المصداقية للعمل الفنى وحتى لايكون بمعزل عن الواقع المعايش , كما لوحظ تَطَوَّر صاحب أجواء الأحتفال وهو استحداث وجود فرقة موسيقية تعزف موسيقى وأغاني السبوع بدلاً من الأعتماد قديماً على صوت الهاون أو الطبله مع استمرار أغنية "برجالاتك برجالاتك حلقة دهب فى وداناتك" حيث تعد من العناصر الثابتة خلال الأحتفالية مع رش الملح على المدعويين من الجيران والأقارب وأصدقاء العائلتين ووجود الأطفال حاملي الشموع ، وقد تم رصد تطور عناصر أخرى مثل استبدال سيور الغربال الحديدية بقماش الشيفون والنايلون الصناعي لحماية جلد الطفل مع تزيين إطار الغربال بالورود. كما تغَيَّر الشكل التقليدي للإبريق أيضاً فقد تم تزيينه بالورود الطبيعية والصناعية.