#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
أحياناً يفركُ المرءُ عينيهِ جيداً ليتأكدَ مما إذا كان الذي يقرأهُ صحيحاً :
قرأنا بالأمسِ أن الرئيس مصطفى أديب المكلفُ تشكيلَ الحكومةِ،
" أنهى في الأيام الماضية مرحلةَ التعارف مع القوى السياسية " ...
أعدنا فركَ العينينِ جيداً ! هل صحيحٌ ما نقرأ؟
ماذا يعني أنه أنهى مرحلةَ التعارف؟
هل يعني أنه لم يكن يعرفُ القوى السياسية ؟
دولتهُ من أين يأتي؟
هل هو كائنٌ فضائيٌ هبطَ في أرضِ لبنان ؟
هل هو مهاجرٌ كانت لديهِ اعمالٌ ولم يكن يتابعُ أخبارَ الوطن؟
ألم يسمعَ بانفجار المرفأ و"أغتيالِ" بيروت؟
إذا كانت هذه هي البدايةُ " فحرير رح نلبس ، وقمح رح ناكل "
***
دولتهُ كان مديراً لمكتب الرئيس نجيب ميقاتي حين كان رئيساً للحكومة، على مدى قرابةِ الثلاثِ سنوات ، ألم تكفِهِ ثلاتُ سنواتٍ للتعرفِ على القوى السياسية ؟
دولتهُ كان سفيراً للبنان في المانيا على مدى ستِ سنوات ، وشارك في منتدياتٍ ومؤتمراتٍ وجرت انتخاباتٌ نيابيةٌ واقتراعُ مغتربين حين كان في المانيا ، ألم يتعرف على القوى السياسية ؟
إلا إذا كان دولتهُ ، حين كان في السرايا ثم في السفارة اللبنانية في برلين يقومُ بعملٍ آخر .
تسعةُ اعوامٍ في تعاطي الشان العام ، بين مدير مكتب رئيس حكومة وسفير في واحدةٍ من أهم عواصم العالم وفيها ما يناهزُ الثمانينَ الف مغترب ، ويحتاج إلى " مرحلةِ تعارفٍ مع القوى السياسية " ؟
يا الله، ما هذا القهرُ الذي نبتلي به كل مرةٍ في لبنان؟
" الا يكفينا اللي فينا "؟
لو اعطيتم عذراً آخر عن تأخركم ، لكان الناس تفهَّموا، لكن ان تقولوا انكم في مرحلةِ تعارف، فإننا نخشى أنه في كل ملفٍ تتأخرون فيه، تتحججون بانكم : في مرحلةِ تعارفٍ له.
***
وليستِ الطامةُ الكبرى في ذرائعِ " دولتهِ " بل في هرطقاتِ " سعادتهِ :
تعاميمُ "على مدّ عينك والنظر" صدرت في الفترةِ الاخيرة عن حاكمِ مصرف لبنان،
لعل " أظرفها " التعميم 154 الذي من خلاله حضّ العملاء الّذين حوّلوا أكثر من 500 الف دولار الى الخارج بعد تاريخ 1/7/2017 على أن يودعوا نسبة 15% من هذه الاموال في حسابٍ خاص في لبنان مجمد لمدةِ 5 سنوات لترتفع النسبةُ الى 30% لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة وكبار مساهمي المصارف وعملاء المصارف المعرّضين سياسيا .
يا سعادة الحاكم، " خدنا بحلمك شوي " :
الذين حوَّلوا اموالهم هل خالفوا القوانين ولاسيما قانون النقدِ والتسليفِ ؟
بأي حقٍ ، ووفقَ اي قانونٍ ، تُصدِر تعميماً ، وتُعطيهِ مفعول الإلزام، وتطالبُ الناس بان يعيدوا بين 15 في المئة وثلاثين في المئة ؟
ولماذا حددتَ 500 الف دولار ولم تحدد دفعةً واحدة ما فوق المليار دولار؟
اذ المليار وما فوق تكون قد وصلتَ الى اهلِ الفسادِ والفاسدين، اذ والكلُ يعلم ان الدين العام وصل الى 94 مليار دولار.
لماذا التعميم منذ العام 2017 وليس من قبلُ أو من بعدٍ ؟
ماذا تُريد ان تُخبئ ؟
لماذا لا تُسمي "البعضَ" الذين ظهر عليهم الاثراءُ غيرُ المشروعِ، حيث يوجد الكثيرون وتعرفهم، وسؤالٌ آخر بسيطٌ وساذجٌ كما أنتم تظنون الشعب، هل يسري عليكم ايضاً ارجاع اموالكم، وكيف لنا ان نعرف؟
سعادتك تحاولُ خلقَ جرمٍ جزائي، ثم إعطاءه مفعولاً رجعياً، وهو ما لا تسمحُ به دساتيرُ العالم أجمع لتكون بذلك قد خالفت أبسطِ القواعد القانونية. فما هذه الهندسةُ العبقريةُ؟
***
طامةٌ ثالثةٌ لا تقلُ عبقريةً صدرت عن وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، الذي " اكتشف البارود " مغرداً:
"منذ أن بدأنا في دعم السلعِ المتعلقةِ بالإنتاج الحيواني والزراعي، لم تنخفض أسعارها بل ارتفع بعضها ضعفَ الاسعارِ السابقةِ للدعم."
يا حضرةَ العبقري الآتي من عالمِ المصارفِ والمالِ، "مرتاح ومكتّر"، هل تُلغي الدعمَ ؟ ام تُوقِفُ المخالفين ؟
***
للاسفِ ، نحن نعيشُ في كارثةٍ لأن مَن يَحكْمونَ ويتَحكّمون هم مسؤولون كارثيون .