#الثائر
اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ، أن "البعض افترض، قبل صدور حكم المحكمة، أنها مسيسة، ولكن بعد صدور حكمها والحيثيات الموجودة في الحكم وطريقة التطرق الى الجريمة، تبين بشكل واضح أنها غير مسيسة، وأنها عملت وفقا لأقصى المعايير العلمية، لذلك أقل الإيمان تنفيذ حكمها"، مشددا على أن "جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليست جريمة عادية أو بسيطة، إنها جريمة ستحفر في الوجدان الجماعي اللبناني عميقا وطويلا، لذلك تقع على الدولة، ممثلة هذه المرة بالسلطة الإجرائية أي رئيس الجمهورية والحكومة، مسؤولية هائلة، فإما تنفيذ حكم المحكمة بالقبض على سليم عياش وتسليمه للمحكمة الدولية، أو دق آخر مسمار في نعش هذه الدولة، وترك ندوب لا أدري إذا كان بالإمكان في ما بعد معالجتها، في جسد التعايش اللبناني - اللبناني، واستطرادا في وجود هذا الوطن بالذات".
كلام جعجع جاء في تصريح عقب انتهاء اجتماع تكتل "الجمهورية القوية"، الذي استغرق حوالى الساعتين وعقد برئاسته في المقر العام للحزب في معراب، في حضور نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان، النواب ستريدا جعجع وبيار بو عاصي وجورج عقيص وعماد واكيم ووهبي قاطيشا وفادي سعد وأنطوان حبشي وشوقي الدكاش وجوزيف اسحق وماجد إدي ابي اللمع وأنيس نصار، الوزراء السابقين مي الشدياق وملحم الرياشي وريشار قيومجيان وجو سركيس، أمين سر التكتل النائب السابق فادي كرم، رئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبور، عضوي الهيئة التنفيذية إيلي براغيد ورجا الراسي ومستشار رئيس الحزب سعيد مالك.
ووجه جعجع "تحية كبيرة جدا لروحي الشهيدين وسام عيد ووسام الحسن لأن أغلبية حيثيات الحكم الصادرة عن المحكمة الدولية مبنية على عملهما".
وقال: "حزب القوات اللبنانية أيد المحكمة الدولية منذ اللحظة الأولى، لذلك نأخذ الحكم الصادر منها على ما هو عليه، بكل رحابة صدر وبكل رضى إلا أن هذا الحكم وبكل صراحة هو كناية عن ربع حكم ليس لأن المحكمة لا تتمتع بالكفاءة المطلوبة أو لأن الأشخاص فيها مشكوك بأمرهم أو لأنها مسيسة أو لأي سبب من هذا القبيل، إنما انطلاقا من الظروف التي عملت فيها هذه المحكمة. فالسلطة التي كانت قائمة حين ارتكبت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تلاعبت وبسرعة هائلة بعد وقوعها بمسرح الجريمة، ومحت الكثير من الأدلة التي كانت من الممكن ان تكون ذات فائدة، كما أن نظام المحكمة وبعد التدخلات السياسية وخصوصا من روسيا في مجلس الأمن، أتى ضيقا جدا لمسألة بهذا الحجم، زد على هذا كله أن أيا من المتهمين سلم نفسه لتتمكن المحكمة من استجوابه، بالإضافة إلى أنها لم تتمكن من التحرك ولو قليلا في تحقيقاتها الميدانية من أجل تبيان الحقائق على ما هي عليه، ونذكر جميعا الواقعة عندما أرسلت المحكمة فريقا من المحققين إلى طبيبة نسائية من أجل معرفة تفصيل بسيط، وهو ما إذا حضر في إحدى التواريخ المحددة حضر شخص معين إلى العيادة مع زوجته أو لا، فلم يستطع الفريق الحصول على هذه المعلومة البسيطة، لذلك قلت أن الحكم أتى ربع حكم، انطلاقا من الظروف التي عملت فيها المحكمة. من هذا المنطلق، أي شيء أتى في الحكم لعدم كفاية الدليل، في حقيقة الأمر ليس كذلك، إنما لعدم تمكين المحكمة من جمع الأدلة اللازمة ليصبح الدليل كافيا".
أضاف: "على الرغم من كل هذه العوامل القاهرة، تمكنت المحكمة من تسليط الضوء على حقائق عدة. أولا، اغتيال الرئيس رفيق الحريري عملية إرهابية تم تنفيذها لأهداف سياسية، وفي هذا الإطار الجميع تذكر كم سمعنا من النظريات الخنفشارية في لبنان وقتها، حتى وصل الدرك في البعض إلى أن يكادوا يقولون إنها عملية انتحار، إلا أن حكم المحكمة دحض كل هذه النظريات. ثانيا، أسقطت المحكمة كل الفرضيات والسيناريوهات في ما يتعلق بالخلفيات السياسية للجريمة، وأكدت في المقابل أن الاغتيال جاء بسبب رغبة رفيق الحريري بإخراج سوريا من لبنان، وقرار الاغتيال اتخذ بعد اجتماع البريستول الثالث الذي شارك فيه تيار المستقبل وطالب بخروج الجيش السوري من لبنان. والجدير بالذكر ايضا على هذا الصعيد، اتهام الرئيس رفيق الحريري مرارا وتكرارا، بأنه هو من لعب الدور الأساسي في استصدار قرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي يدعو ايضا الى حل كل الميليشيات المسلحة خارج الدولة. ثالثا، أكد حكم المحكمة المسؤولية المباشرة لأحد كوادر حزب الله، سليم عياش، في تنفيذ الاغتيال ومشاركة عشرات من عناصر الحزب في التحضير، وبطبيعة الحال، ليس هناك أحد من بيننا، يعتقد ان السيد سليم عياش قام على نفقته الخاصة بشراء طنين من المتفجرات وشاحنة وتجنيد كل هذه العناصر والشبكات والمراقبة وكل العمل التحضيري والتنفيذي للجريمة. وهذا ما دفع الرئيس سعد الحريري إلى التصريح: المطلوب اليوم من حزب الله أن يضحي بعد أن صار واضحا أن شبكات التنفيذ من صفوفه".
وكان جعجع استهل كلمته، بتهنئة اللبنانيين برأس السنة الهجرية، قائلا: "على الرغم من كل المأساة التي نعيشها اليوم، أردت أن أوجه هذه التهنئة، إذ مهما كانت أحزاننا كبيرة، الحياة مستمرة، وعلينا ان نتحامل على أنفسنا لكي نتمكن من الاستمرار ومحاولة البناء قدر الإمكان للأجيال التي ستأتي من بعدنا. أتمنى أن يحل رأس السنة في العام المقبل علينا جميعا، بظروف أفضل من خلال عملنا وإيماننا الكبير".
وردا على سؤال عن موقف " حزب الله " من المحكمة الدولية وتسليم سليم عياش أجاب: "حزب الله يعتبر نفسه غير معني بهذه المحكمة، فيما نحن معنيون بشكل كبير جدا بها، وهذا الموقف تشاركنا به أكثرية كبيرة جدا من الشعب، وبالتالي على الناس أن تحترم بعضها البعض. أما بالنسبة إلى تسليم سليم عياش، فحقنا نحن على الدولة، نحن مواطنون لبنانيون ندفع لها ضريبة ونعيش في ظل قوانينها، لذلك يقع على هذه الدولة ممثلة بالسلطة الإجرائية، مسؤولية تسليم سليم عياش، ومن هونيك ورايح، على كل شخص أن يتحمل مسؤوليته".
وبالنسبة إلى إمكان من لم يتحمل مسؤوليته في حادثة وقعت منذ أسبوعين أن يتحمل مسؤوليته إزاء جريمة ارتكبت منذ 15 عاما، قال: "هذا كلام صحيح، ولكن ليس علينا سوى أن نطرح الأمور كما هي وكما يجب أن تكون".
ورفض الرد على سؤال عن الحكومة العتيدة، معتبرا أن "هذا الموضوع خارج السياق وأفضل ترك الإجابة عليه إلى وقت لاحق".
وعن انفجار مرفأ بيروت، جدد التأكيد أن "لا ثقة لدينا في التحقيقات التي تقوم بها لجان تحقيق محلية، لسبب بسيط وهو أن الدولة متهمة على كل مستوياتها، فكيف لها أن تقوم هي بالتحقيق؟ من جهة أخرى، لدينا كامل الثقة بالتحقيق الدولي، لذلك سنعمل جاهدين للوصول إليه وسنقوم بجمع التوقيعات على عريضة من كل المتضررين من هذا الانفجار، تطالب بتحقيق دولي، أمامنا اليوم أكبر دليل إلى نزاهته وشفافيته. ففي ظل الظروف الصعبة التي عمل بها، توصل إلى نتيجة وأشار لنا إلى الطريق، أما إذا ما أرادت الدولة سلوك هذه الطرق فهذه أصبحت مسؤولية الدولة".
وعما إذا كان يستبشر خيرا من عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الأول من أيلول إلى لبنان، قال: "الرئيس ماكرون يعمل جاهدا لمساعدة لبنان. أما إذا كان هذا الجهد سيعود علينا بالخير أو لا، فهذه المسألة مرتبطة بالشباب في السلطة عندنا، في حال تجاوبوا معه أو لا، فإذا بقوا على ما نراهم اليوم، كل واحد بعدو بموال، وهذا الذي يريد إرجاع الرئيس سعد الحريري والآخر لا يريد وهذا يحتسب مكتسباته والآخر أيضا، فماذا بإمكان الرئيس ماكرون أن يفعل؟"
وأيد جعجع موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي قال: "لا حكومة إنقاذ من دون منقذين".