تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
تحت شعار «بتحبّ لبنان، حبّ معلمينه»، إنطلقت منصّة «ضربة معلّم» في أيار الماضي. وهي مبادرة تسعى لتأمين فرص عمل لشبابٍ لبنانيين عبر إعادة إحياء المهن الحرّة مثل الدهّان، النجار، الحداد، البنّاء، السنكري، البلّاط وغيرها، وتأمين صلة الوصل بينهم وبين من يبحث عن معلّم لبناني لإنجاز ورشته. وفي هذا الإطار، تواصلت «نداء الوطن» مع مؤسّس «ضربة معلّم» سيرج خيرالله، الذي شرح ظروف إطلاق المبادرة مشدّداً على ضرورة دحض المفاهيم الخاطئة بأنّ الشباب اللبناني يرفض هذا النوع من الأعمال الحرّة التي تحتاج الى مجهود جسدي.
المبادرة حصدت آلاف المتابعين خلال أشهر قليلة. أين كانت البداية وكيف تطوّرت بهذه السرعة؟
إنطلاقة المبادرة أتت تحت هدفين أساسيين: تأمين فرص عمل للبنانيين وتغيير نظرية أنّ «اللبناني ما بيشتغل بإيده». فهناك ورش كثيرة، لكنّها خالية من المعلّمين اللبنانيين. وحين كنتُ أساعد والدي في أعمال البناء، لم أكن أرى عمّالاً لبنانيين في الورش. فحاولنا من خلال هذه المبادرة أن نجمع المعلّمين اللبنانيين تحت منصّة واحدة ونؤمّن لهم فرص عمل خلال هذه الظروف الصعبة التي نمرّ بها. كما خصّصنا حيّزاً خاصاً للاهتمام بالصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي التابعة للمبادرة، ونشر فيديوات تسلّط الضوء على عمل هؤلاء الشباب، كي نؤكّد على أنّ هذه الأعمال ليست عيباً إنما هي أعمال ممتعة وأساسية، الأمر الذي لاقى أصداءً رائعة لدى المتابعين.
علينا أن نعترف بأنّ الصورة النمطية للشاب اللبناني الذي يرفض العمل في أشغال تحتاج إلى مجهود جسدي لم تأتِ من العدم. برأيك ما الذي عزّز هذا الانطباع؟
أظنّ أنّ هذه الفكرة تبلورت منذ فترة طويلة، حين كان تحصيل الشهادات الجامعية صعباً نوعاً ما، إذ لم يكن التعليم متاحاً للجميع، خصوصاً على سكّان القرى بسبب الأوضاع المادية. فكان معظم الشباب يلجؤون الى الأعمال المهنية، أما المحظوظون فكانوا يدرسون الهندسة أو الطبّ أو المحاماة... ومنذ ذلك الحين يقال إنّ من يعمل بيده هو إنسان غير مثقّف، وهذا بالتأكيد ليس صحيحاً أبداً.
اللافت أنّ معظم الشبان الذين انضمّوا إلى المبادرة هم طلاب أو خريجو جامعات. كيف يساهم ذلك في تغيير الصورة النمطية التي تحدّثت عنها؟
نحن نستعين بمواقع التواصل الإجتماعي للتأكيد على أنّ هناك شبّاناً وشابات لبنانيين حائزون على شهادات جامعية (وأحياناً أكثر من شهادة واحدة)، وفي الوقت نفسه يعملون في مهنٍ يدوية. على سبيل المثال، معنا شابة تدعى هبة، هي مهندسة مدنية وتعمل في الهندسة، كما في النجارة بدوامٍ جزئيّ. شاب آخر يدعى داني، درس إدارة الأعمال مع اختصاص آخر، ويعمل أيضاً في الحدادة. نحاول إذاً أنّ ندحض النظرية التي تربط بين المهن اليدوية وعدم الثقافة، فهي فكرة خاطئة جداً. هناك الكثير من الشباب المثقّف والمتعلّم، لكنّه يمارس المهن اليدوية لأنّها ممتعة وأساسية.
ما الشروط التي يجب أن تتوافر لدى الشبان أو الشابات للإنضمام إليكم؟
الشرط الأول أن يكون المنتسب لبنانياً. كما نطلب منه تزويدنا بصورٍ عن أعماله أو الأشغال التي شارك في تنفيذها في السابق. وحيث أننا نحاول رفع مستوى العمل الذي نقدّمه، نوقّع مع المنتسب عقداً يوضح فترة تسليم العمل للزبائن ضمن الوقت المتّفق عليه، إضافة الى نوعية العمل والموادّ التي سوف يستعملها، كي يكون ذلك واضحاً أمام الزبون منذ البداية. إضافة أنّ هناك مهندسين يشرفون أيضاً على العمل في الورش، تجنّباً لأيّ خلاف أو سوء تفاهم.
من المعروف أنّ العامل الأجنبي يتقاضى أجراً أقلّ من العامل اللبناني. على أيّ أساس تحدّدون أسعار الخدمات؟
تقاضي بدل الأتعاب يعود الى كلّ معلّم. لكن أودّ أن أوضح سبب ارتفاع أجر المعلّم المحلي مقارنة مع نظيره الأجنبي. فالمعلّم اللبناني لا يجد من يؤمّن له طبابته أو تكلفة تعليم أطفاله، بينما الأجنبي يحظى عموماً بالمساعدات. لذلك من الطبيعي أن يتقاضى أجراً أعلى.
في إطار مبادرة «ضربة معلّم»، كيف انطلق أيضاً مشروع «من جيل لجيل»؟
أطلقناه ضمن إمكاناتنا المتاحة، كي نتيح المجال أمام الشبان والشابات اللبنانيين لتعلّم المهن اليدوية. ففي لبنان من الصعب تعلّمها حيث أنّ معظمها لا يندرج ضمن الإختصاصات الجامعية، وبعضها غير موجود حتى في المعاهد أو المدارس المهنية. من هُنا، نحاول أن نكون صلة وصلٍ بينهم وبين المعلّمين من الجيل الأكبر، فيعملون معهم ويتعلّمون منهم الخبرة والمهارات وأصول التنفيذ.
إنطلاقتكم كانت من كسروان. كيف توسّعت المبادرة نحو جميع المناطق اللبنانية؟
في البداية قمتُ بجولة فردية على المخاتير والبلديات في قرى كسروان لتسجيل أسماء المعلّمين. وبصراحة لم نكن نتوقّع تحقيق هذا النجاح السريع. فبعد الإعلان عن المبادرة، توسّعت بسرعة وشملت فوراً كل المناطق. واليوم يمكن لمن يبحث عن معلّم لبناني لورشته في أيّ منطقة لبنانية، أن يتواصل معه من خلال تطبيق «ضربة معلّم».
بعد إطلاقك لهذه المبادرة التي لاقت نجاحاً سريعاً، ماذا تقول للشباب اللبناني الذي يشعر أنّه على وشك اليأس؟
لا شكّ في أنّ الوضع صعب جداً علينا جميعاً كشباب لبنانيّ. لكن كما أننا قادرون على تحقيق النجاح في بلدان الإغتراب، يمكننا أن نفعل ذلك أيضاً في وطننا حتى في أصعب الظروف. مبادرة «ضربة معلّم» هي البداية، وسوف تليها مبادرات ومشاريع كثيرة. فنحن نعيش اليوم في زمن التطوّر التكنولوجي السريع والذكاء الإصطناعي، وهذا من شأنه أن يسهّل على الجميع أن يطلق المبادرات.