تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
«ضارة» الأزمة المالية والإقتصادية التي تسببت بارتفاع الفقر الى 75%، وانهيار العملة الوطنية أكثر من 95%، وضياع جنى عمر اللبنانيين في المصارف ، وارتفاع التضخم أكثر من 1000%... قابلتها «منفعة» واحدة هي تهاوي قيمة الواردات اللبنانية الى13.64 مليار دولار في العام 2021 من 19.23 مليار دولار في2019، وتحول الإقتصاد شيئاً فشيئاً من ريعي الى اقتصاد منتج ولو بنسبة معينة. فالصادرات تتّخذ منحى تصاعدياً رغم الصفعة التي تلقتها من الدول الخليجية العام الماضي، لا سيما من السعودية من خلال قرار وقف الإستيراد من لبنان. هذا الأمر دفع بالصناعيين والمزارعين الى البحث عن أسواق جديدة لتصريف صناعاتهم المحلية. علماً أن استهلاك المنتج المحلي تعزّر مع ارتفاع أسعار السلع المستوردة وارتفاع أسعار المحروقات والشحن، تزامناً مع عدم قدرة المصدرين في بداية الأزمة على تحويل مدفوعاتهم الى المستوردين في الخارج.
ويضمّ القطاع الصناعي اللبناني نحو 21 قطاعاً كما اوضح وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان لـ"نداء الوطن". أبرز الصناعات المصدرة هي «صناعات الذهب والمواد الغذائية، والمشروبات مثل النبيذ والعرق والمعدات الكهربائية والصناعات الكيميائية كالدهان وغيرها»، مشيراً الى أن «قيمة الصادرات اللبنانية تصل الى نحو 4.16 مليارات دولار».
الدول التي تتجه اليها الصادرات
أما في ما يتعلق ببلدان المقصد التي تتجه اليها الصادرات اللبنانية، فقال بوشكيان «إنها عديدة كدول أفريقيا واوروبا وأميركا الشمالية. والآن يتم التوجّه نحو أميركا الجنوبية لاسيما فنزويلا، إضافة الى الدول العربية. علماً أن قيمة الصادرات الى العراق تسجّل زيادة كبيرة وتضم العصائر والمواد الغذائية والآلات الكهربائية والعطورات التي لديها سوق كبير في العراق».
ولغاية اليوم لا توجد أرقام دقيقة حول قيمة الصادرات وأنواعها للعام الجاري، اذ من المتوقّع أن تصدر عن وزارة الصناعة إحصاءات حولها في نهاية العام الجاري. ولكن استناداً الى إحصاءات تجارة لبنان الخارجية التي حصلت عليها «نداء الوطن» وفي مقاربة سريعة، فإن إجمالي الصادرات لغاية نهاية شهر تموز بلغ 2.093 مليار دولار أميركي مقابل 10.5مليارات دولار للواردات.
وبرزت تركيا للأشهر السبعة الأولى من العام الجاري الدولة الأولى من حيث الاستيراد منها. والدول الأكثر تصديراً اليها هي الإمارات العربية بقيمة 372.93 مليون دولار وتلتها سوريا بقيمة 315.08 مليون دولار، ثم العراق 89.4 مليون دولار .
تأثير الدولار الجمركي
وحول تاثير ارتفاع الدولار الجمركي على الصناعة الوطنية، أكّد بوشكيان أنه «سيحمي الصناعة المحلية في السوق الداخلية باعتبارها «محمية» من الرسوم الجمركية ما سيجعلها تنافسية لسائر المنتجات المستوردة». مؤكّداً أن «الدولار الجمركي سيطاول المنتجات الفخمة ، ما سيزيد من الإقبال على الصناعات المحلية. أما بالنسبة الى زيادة تسعيرة الـTVA فقال إنها سترتفع علماً أن التاجر يتقاضى الضريبة على القيمة المضافة وفق سعر السوق السوداء والدولة لا تحصل على الضريبة سوى وفق سعر الصرف الرسمي اي الـ1500 ليرة لبنانية. لافتاً الى أن «السوق اللبنانية باتت مدولرة، والدولة تستحصل على عائدات قليلة لا تكفي لسداد زيادة رواتب موظفي القطاع العام. وسأل هل من المعقول أن يدفع شاري سيارة رسماً جمركياً بقيمة 100 دولار على سيارة بقيمة 10 آلاف دولار؟ من هنا «لا يجب أن نخشى رفع سعر الدولار الجمركي وزيادة عائدات الدولة لزيادة رواتب القطاع العام».
وأكّد أن « الإقتصاد اللبناني يتحوّل من ريعي الى إنتاجي. ويمكن لمس هذا الأمر من تواجد السلع الوطنية بكثرة على رفوف السوبرماركات، فمنذ نحو ثلاث سنوات كان المشهد مختلفاً؟ و كانت البضاعة المستوردة تفترش الرفوف، باعتبار أن المستهلك كان يفضّل شراء السلع «الأجنبية» فيما الصناعي كان يسعى جاهداً للترويج للمنتجات الوطنية. اليوم إنقلبت المعادلة وبات الاستهلاك يتركّز على السلع المحلّية. ويبدو ذلك جلياً في المحال التجارية». ونتيجة لذلك يضيف بوشكيان «نشهد زيادة في طلبات الحصول على رخص لإنشاء معامل، ما يعني أن القطاع الصناعي أصبح منتجاً وشغّالاً وعجلة الإقبال عليه قوية».
وبالنسبة الى عدم حيازة بعض الصناعات ومنها الأدوية على شهادة الـ Food and Drug Admnistration من الولايات المتحدة لتحفيز الصادرات اليها، الأمر الذي اثارته السفيرة الأميركية مع الصناعيين، قال بوشكيان إن «صناعاتنا تواكب المواصفات العالمية ولا سيما وكالة المواصفات»ليبنور» . الأمر الذي يزيد من الصادرات الى الخارج لا سيما الى الولايات المتحدة الأميركية» والتي بلغت قيمة الصادرات اليها استناداً الى إحصاءات تجارة لبنان الخارجية لغاية تموز 2022 ما قيمته 56.07 مليون دولار أميركي. أما الحصول على شهادة FDA للدواء فهو يتطلب مساراً طويلاً.
اذاً يبقى التعويل اليوم على حلحلة المعضلات السياسية بين لبنان والدول الخليجية عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً، والتي أدت الى اتخاذ المملكة قراراً في نيسان 2021 بوقف استيراد السلع اللبنانية والتي باتت شبه معدومة وتبلغ 35 ألف دولار في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، انخفاضاً من 123.9 مليون دولار في العام 2021 و 217.71 مليون دولار في 2020.
اما بالنسبة الى الدول العربية عموماً، فالصادرات اللبنانية اليها تتخطى نصف إجمالي الصادرات التي كانت تبلغ نحو 3.8 مليارات دولار مقارنة مع إجمالي واردات بقيمة 20 مليار دولار قبل الأزمة. أما بعدها فتضاءلت الواردات الى نحو النصف والرقم الى مزيد من التراجع في حال تمّ إقرار الدولار الجمركي.
بالتزامن، أوضحت مصادر إقتصادية لصحيفة "الجمهورية" أن الهروب من زيادة سعر الدولار الجمركي إلى 20 ألفًا هو الذي ستكون له إنعكاسات وخيمة، محذرة من أن الدولة لا تستطيع أن تستمر على هذا النحو وهي ستنكسر بكاملها ما لم يتم اتخاذ هذا القرار، وربما تتوقف عن دفع الرواتب لجميع العاملين والموظفين في القطاع العام خلال أشهر قليلة.
وشددت المصادر على أن رفع الدولار الجمركي هو ممر إلزامي للوصول إلى زيادة الواردات وتأمين تصحيح نسبي للرواتب ولو بالحد الأدنى.