تابعنا عبر |
|
 |
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه

#الثائر
-" الهام سعيد فريحة "
عندما يقولُ وزيرُ المالِ ياسين جابر أنَّ وفدَ صندوقِ النقدِ الدوليِّ أبلغَ الحكومةَ بضرورةِ إقرارِ قانوني إلغاءِ السرِّيةِ المصرفيةِ،
وإعادةِ هيكلةِ المصارفِ قبلَ 21 نيسان الجاري موعدُ اجتماعاتِ صندوقِ النقدِ الدوليِّ،
فأنهُ بذلكَ يقولُ أنَّ الحكومةَ بوزرائها والمجلسَ النيابيَّ بنوابهِ المنتخبينَ منْ الناسِ،
همْ ادواتٌ عندَ موظفينَ صغارٍ في بيروت يعملونَ في صندوقِ النقدِ الدوليِّ.
وأيُّ إستسلامٍ وخضوعٍ يتحدَّثُ بروحيتها وزيرُ المالِ،
ليقولَ للناسِ أنَّ الوزراءَ والنوابَ غيرُ أسيادِ قراراتهمْ وهمْ يبصمونَ لكلِّ ما يطلبهُ صندوقُ النقدِ.
***
لماذا إذاً الحكومةُ؟
ولماذا لجانُ المالِ والعدلِ، واللجانُ المشتركةُ، ولماذا التشريعُ، ولماذا مجلسُ النوابِ،
إذاً طالما أنَّ القوانينَ تكتُبها الدُّولُ والسفاراتُ والجمعيَّاتُ لنا، ونحنُ نحني رؤوسَنا خاضعينَ ومصفِّقينَ لإراداتِ الدُّولِ في سنِّ القوانينِ وتقريرِ التعويضاتِ و"المعاشاتِ" ونوعيةِ الحياةِ والهواءِ،
ماذا بقيَ منْ سيادةِ البلدِ،
ما دمنا نُوقِّعُ على اتِّفاقياتٍ لوقفِ النارِ، وتبقى المسيَّراتُ تقصفنا ليلاً ونهاراً،
وماذا بقيَ منْ سيادةِ البلادِ،
طالما أنَّ الاعمارَ حتى مشروطٌ بخضوعنا لإملاءاتِ الدُّولِ وحتى باسماءِ واعمارِ أعضاءِ مجلسِ الإنماءِ والاعمارِ؟
وماذا بقيَ منْ سيادةِ البلادِ،
طالما أنَّ المنظماتَ والصَّناديقَ تُقرِّرُ أيَّ نوعيةِ حياةٍ يجبُ أنْ نعيشها وما هو راتبنا؟
وما هو الرسمُ والضريبةُ التي علينا أنْ ندفعها؟
وماذا يبقى منْ سيادةِ البلادِ،
عندما يَنتزعُ موظفونَ صغارٌ صلاحياتَ نوابٍ ووزراءَ ورؤساءَ ويؤشِّرونَ لهمْ بالأصبعِ لإقرارِ قوانينَ منْ دونِ نقاشٍ حولها ولا مَنْ يحزنونَ.
***
وللمفارقةِ أنَّ زيارةَ الموفدةِ الاميركيةِ وعلى أهميَّتها كانتْ تَحملُ مع الابتساماتِ الورديةِ التي وزَّعتها رسائلَ إملاءاتٍ صفَّقَ لها الجميعُ وكانتْ الأنذاراتُ واضحةً في السلاحِ والاصلاحاتِ والقوانينِ،
وما غابَ عنْ كلامِها أتبعتهُ سفيرةُ بلادها خلالَ عشاءينِ متتاليينِ في بيروتَ بسلسلةِ تحذيراتٍ للنوابِ:
"إمشوا او بتمشوا".
***
وصايةٌ او مجموعةُ وصاياتٍ على بلدٍ لم يعرفْ كيفَ يُمسكُ قراراتَهُ بأياديهِ حتى الساعةَ..
لكنْ ما يجري مثيرٌ للغضبِ وللثورةِ،
هلْ يتجرَّأُ سفيرُ لبنانَ في دولةٍ أنْ يتعاملَ بالطرقِ التي يتعاملُ بها "حضراتُ" السفراءِ والموظفينَ لديهمْ بهذهِ الطريقةِ معنا؟
أليسَ هذا "إحتلالاً" جديداً؟
وهلْ يُعقلُ أنْ تمرَّ ويُبصمَ على كلِّ القوانينِ،
فيما السلاحُ مكدَّسٌ، ولم تُحلَّ مسألتهُ!