تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتب منير الربيع في "المدن":
لا يزال لبنان يواجه طرقًا غير سالكة في أكثر من مجال. فلا طريق الحكومة تبدو سالكة، بعد حصول توتر إضافي على خط العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عقب تقديم الرئيس المكلف تشكيلته الوزارية، وتسريبها. ولا طريق ترسيم الحدود تبدو سالكة حتى الآن، على الرغم من تكثيف الاتصالات وحملها ردودًا على المقترح اللبناني.
عزوف عن بيروت
في المقابل، تشهد بيروت انعقاد لقاء تشاوري لوزراء الخارجية العرب. واللقاء اتفق على عقده بيروت في الاجتماع الوزاري العربي في الكويت قبل حوالى 6 أشهر، ويعقد يوم السبت المقبل 2 تموز، تحضيرًا للقمة العربية في الجزائر.
لا آمال جدية معلّقة على الاجتماع الوزاري العربي الذي تستضيفه بيروت، التي تأخرت في تأمين الموازنة اللازمة لتغطية الاستضافة، كما تأخر لبنان في تبلّغه أسماء الشخصيات الوزارية التي تحضر وتشارك أو من ينوب عنها. وإلى ساعات قليلة قبل موعد انعقاد المؤتمر، لم تكن دوائر وزارة الخارجية قد تبلغت بعد بأسماء الوزراء المشاركين. ذلك أن مشاورات وزارية عربية تجري، لا سيما بين عدد من دول الخليج، لاتخاذ القرار في شأن المشاركة من عدمها. وهذا له سوابقه: فعندما عقدت القمة الاقتصادية العربية في بيروت قبل سنتين، رفض رؤساء دول عربية كثيرة الحضور، فلم ينقذ القمة تلك سوى حضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
في انتظار رئيس جديد
حاليًا هناك رهان لبناني على دور قطر أيضًا في السعي إلى إقناع عدد من وزراء الدول العربية بالمشاركة. لكن هناك أطراف أخرى تبدو متحفظة، معتبرة أن المشاركة قد تمنح السلطة اللبنانية القائمة اعترافًا، وتسليمًا بمنطقها القائم المرفوض عربيًا وخليجيًا بالتحديد. لا سيما أن مشاركة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مثلًا، قد تعني تسليمًا بالواقع اللبناني، فيما المواقف السعودية واضحة: على الدولة اللبنانية إثبات استقلالها عن حزب الله.
وبما أن الاجتماع العربي غير مخصص للبحث في الملف اللبناني تفصيليًا، ولا يهتم بالبحث عن حلّ عربي للأزمة اللبنانية، تظل توقعات نتائجه منفصلة، بينما الأساس في ذلك هو حضور مضمون الورقة الكويتية التي قدمت للبنان، وأعلن التزامه بها، ما أدى إلى قرار دول الخليج إعادة سفرائها إلى بيروت، وتفعيل تحركها الديبلوماسي في لبنان.
هذا يستمر في المرحلة المقبلة، ومن الآن حتى موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وانطلاق عهد جديد يمكن أن يفتح مجال تسوية تفضي إلى استعادة العلاقات العربية الطبيعية بلبنان والسعي إلى تحسينها.
مواقف ملتبسة من الترسيم
في موازاة ذلك، لم تتوقف المساعي المستمرة للوصول إلى حلّ لترسيم الحدود. السفيرة الأميركية دوروثي شيا، وهي عادت قبل يومين إلى لبنان من واشنطن، يفترض أن تكون قد حملت جوابًا واضحًا من المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين، لإبلاغه للمسؤولين اللبنانيين، بعد اجتماع هوكشتاين افتراضيًا بالمفاوضين الإسرائيليين. وتزامنت عودة شيا مع زيارة المنسقة الشخصية للأمم المتحدة في لبنان، يوانا فرونتيسكا، رئيسَ الجمهورية ميشال عون، بعد عودتها من إسرائيل. وكانت فرونتيسكا ضمن وفد الأمم المتحدة أثناء زيارة هدفها تكريس التهدئة ومنع التصعيد وتفاقم الأمور.
فالأمم المتحدة تحاول أن تستعيد دورها في رعاية المفاوضات والبحث عن جواب إسرائيلي على المقترح اللبناني. وحسب مصادر متابعة، تبلغ الوفد الأممي من الإسرائيليين موقفًا طابعه شكلي، ويبدو ظاهره إيجابيًا. لكن مضمونه قد يكون سلبيًا أو ينطوي على الكثير من التعقيدات.
الفخ الإسرائيلي
وتفيد المصادر أن الجواب الإسرائيلي تضمن موافقة على المقترح اللبناني، وقبولًا بالخط المتعرج. لكن المساحة التي يطالب لبنان بالحصول عليها، أي حقل قانا، يفترض أن تحصل إسرائيل على ما يوازيها ويقابلها. وهذا قد يكون في البلوك رقم 8 أو غيره. ما يعني في المضمون العودة إلى مقترح هوكشتاين الأساسي.
وتعتبر إسرائيل أنها حققت ما تريده: احتفاظها بحقل كاريش، طالما أن لبنان لا يطالب به، ولا يعتبر الخطّ 29 هو منطقة حدوده. ويحاول الإسرائيليون في إدارتهم المفاوضات الاعتراف بمساحة أقل من 860 كلم مربع التي يطالب بها لبنان. أما التقديرات الديبلوماسية فتشير إلى أن المساعي قد تدفع إلى الموافقة على الـ860 كاملة.
لكن الأهم، هو وضع الإسرائيليين شرطًا جديدًا: في حال التثبت من وجود كميات كبيرة من الغاز في حقل قانا، على لبنان أن يدفع ثمنه، طالما أن اسرائيل تنازلت عنه، فيما يرفض لبنان منطق التنقيب والاستخراج المشترك. هذا هو الفخ الأساسي الذي ينطوي على الرفض الإسرائيلي للمقترح، أو رفع السقف في إطار تحسين الشروط. إلا أن الأساس هو إبقاء باب التفاوض مفتوحًا، لكسب الوقت والاستمرار في العمل ومنع التصعيد، إلى أن يفرض الإسرائيليون أمرًا واقعًا بفعل الاستخراج.
وفيما كان لبنان يركز على ضرورة العودة إلى مفاوضات الناقورة، لا يبدو أن الإسرائيليين يوافقون على هذه النقطة حتى الآن. وهم يرفضونها مفضلين استمرار التفاوض عبر الوساطة الأميركية، ووفق الديبلوماسية المكوكية التي يقوم بها هوكشتاين. وذلك إلى حين الوصول إلى اتفاق، فيعقد الاجتماع لتوقيعه فقط.