تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
خاص "الثائر" -" ظافر مراد "
تقدم جو بايدن بخطواتٍ متثاقلة نحو منبره الإعلامي، نازعاً عن وجهه "الماسك" ليُظهر إبتسامة باهتة كموقفه من الحرب الروسية على أوكرانيا ، معلناً أن العقوبات التي فُرضت على روسيا بدأت تظهر نتائجها من خلال تدهور قيمة الروبل، ومؤكداً أن بلاده ستدافع عن أعضاء الناتو، في موقفٍ يؤكّد أن إهتمامه الفعلي ليس بأوكرانيا، إنما بدفع روسيا للتورط في الحرب لإيجاد ذرائع لفرض عقوبات عليها، والضغط على أوروبا لتقترب أكثر من مركز القرار الأميركي، ولوقف العمل بمشروع "نورد ستريم 2" وهو المشروع الواعد بالنسبة لروسيا ولأوروبا في مسألة توفير الغاز الروسي لمتطلبات حاجة القارة العجوز.
مقابل هذا المشهد، ظهر الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي على منبرة الإعلامي أيضاً، مرتدياً قميصاً قطنياً عسكرياً، ومتحدثاً عن خيبة أمله من رد فعل الغرب على الإعتداء الروسي على بلاده، ليظهر أنه لا يمتلك من المعرفة والخبرة السياسة ما يكفي لتجنيب بلاده الكارثة التي وقعت بها، وذلك بسبب أحلامه شبه المستحيلة بالإنضمام إلى الناتو، بالرغم من التحذيرات التي أُعطيت له في هذا الشأن.
لم يستفد زيلينسكي من الدرس القاسي الذي نالته جورجيا بإبتعادها عن روسيا وتقربها من الغرب، ولا من الصراع الذي حدث بين أرمينيا وأذربيجان الذي أنتج إنتصاراً ساحقاً للأذريين على ارمينيا وعلى إنفصاليي إقليم كاراباخ، وانتهت بتوقيع إتفاق سلام هو أشبه بوثيقة إستسلام للأذريين.
لم يُدرك زيلينسكي أن الحماس الأميركي-البريطاني وتقديم الأسلحة والدعم المعنوي له ولجيشه، لم يكن بهدف ردع الجيش الروسي عن مهاجمة أوكرانيا، بل كان بهدف جعل الحرب أكثر دموية وأكثر تدميراً بين قوتين تعتبرهما الولايات المتحدة خصوماً في عقيدتها العسكرية وفي فكرها الأمني.
لم يُدرك زيلينسكي أن الولايات المتحدة تريد إستخدامه هو وجيشه وشعبه متراساً مؤقتاً بهدف خلق واقع أمني وإقتصادي جديد في أوروبا، تستعيد من خلاله سيطرتها الكاملة على صناعة القرار الأوروبي في كافة المسائل العسكرية والأمنية والسياسية والإقتصادية. وهي تدرك جيداً أن أوكرانيا تُعتبر خطاً أحمر في الجيوبوليتيك الروسي.
تكثر التحليلات والتصريحات من قِبل السياسيين والخبراء الأمنيين والعسكريين حول مسار الحرب في الأيام القادمة، ويعتبر كثيرون أن الجيش الروسي سيقع في مصيدة حرب الشوارع والمقاومة التي ستستنزفه على الاراضي الأوكرانية، وفي الحقيقة أنهم يتحدثون بما يتمنونه وهو بعيد جداً عن الحقيقة، وربما عليهم أن يراجعوا التاريخ، وبالتحديد معركة برلين والإنتصار على النازية، وكيف تم إكتساح العاصمة الألمانية بوقتٍ قليل، وتم إقتحام مقر الرايخ بجيش الصاعقة الثالث، والذي كان محضراً بشكل جيد لمهمته تلك.
رغم أن الجيش الروسي لا يستخدم الآن اُسلوب الدمار الشامل، وعلى الأرجح لن يقصف المدن الأوكرانيا بعنف، لكن يبدو أن البعض لا يعلم أو يتجاهل، أن الجيش الروسي ومن خلال عقيدته القتالية وتجهيزه وقدراته النوعية، هو الأكثر قوة في العالم على تنفيذ الهجمات البرية، وذلك من خلال قوة نارية مدمّرة، وقدرات مدرعة وعدد هائل من الدبابات التي تتفوق على مثيلاتها الغربية، إضافة إلى منظومات صواريخ ال م / د السريعة الحركة والطوافات الهجومية، وفي هذه الحالة ستكون حظوظ الجيش الأوكراني معدومة في الصمود، خاصة بعد أن تم تحقيق السيطرة الجوية الكاملة على السماء الأوكرانية.
إنه لشيء مؤسف أن تحدث هذه الحرب بين شعبين قدّما كثيراً من التضحيات في الحرب العالمية الثانية للقضاء على النازية. حرباً ستتسبب بكثير من الخسائر والمعاناة للشعبين، بينما يقف الأوروبيون مذهولين عاجزين عن إتخاذ قرارات جدّية ضد روسيا، فهم يعلمون جيداً أن "كسر الجرة" مع بوتين، هذا الرجل الذي يقبل مستوياتٍ عالية جداً من المخاطر في قراراته، ستتسبب لهم بكثير من الخسائر الاقتصادية والأمنية. وفي حين يستمر المسؤولون الغربيّون بتقديم التصريحات والتحليلات المخيّبة للآمال، لم تكتمل بعد على ما يبدو، لدى القيادة الروسية متطلبات التفاوض من موقع القوة، بالرغم من محاولة الرئيس الفرنسي ماكرون البدء بفتح قنوات هذا المسار، وبإنتظار ذلك، وفي غضون ساعات، قد تُحكم القوات الروسية حصارها على العاصمة كييف، مركز القرار الأوكراني، حينها ستكون نهاية زيلينسكي وسيعترف أن الغرب أوقعه بالخديعة.
يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.