تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتب صموئيل نبيل اديب
اجتمع الرهبان على اختيار المعلم "تادرس الفرمي" .. لرسمه شماساً (وهي فقط أول رتبة كنسية) .. حيث كان عالماً كبيراً لدرجة أنه كان لديه العديد من الرهبان الذين يتعلمون على يديه.. فصلى بلجاجة حتى رأى في رؤية عمود نار ممتدًا من السماء إلى الأرض، وسمع صوتًا يقول له: إن استطعت أن تصير مثل هذا العمود فأقبل رسامتك شماساً.. فخاف و رفض الرسامة و هرب منها… لتصير قصته جرس إنذار لكل من ارتدى الملابس البيضاء
و توفيّ البابا " غبريال الرابع" فاجتمع الأراخنة وكبار رجال مصر لكي يختاروا البديل… فوقع اختيارهم على (الراهب متاؤس) و أرسلوا إليه جماعة لكي يُحضروه للرسامة.. فسمع الراهب بالخبر وإذ خاف من عظم المسؤولية، فهرب منهم و اختباء وسط الحقول، وعندما حضروا و لم يجدوه كادوا أن يرجعوا، إلّا أن طفلاً صغيراً أرشدهم إليه .. عندها علم أن الأمر صادر من الله ورجع معهم…. فاستحق كلمة [هرب من المناصب فسعت إليه]
و سمع أحد الحكام عن فضائل الراهب " موسي الأسود" .. الذي كان سارقاً و قاتلاً، بل وأصبح رئيس جماعة لصوص.. لكنه تاب وندم و ترك الخطيئة حتى أصبح الراهب ذائع الصيت في كل أرجاء مصر .. فقرر الحاكم أن يذهب اليه.. وقبل أن يصل إلى الدير شاهد رجلاً أسود اللون يبدو فقيراً يقف على جانب الطريق فسأله : أين الطريق إلى الراهب "موسي الأسود".. فقال له الرجل الفقير: ماذا تريد منه؟ وماذا تريد أن تسأله؟ إنه رجلُ عجوز وغير مستقيم. فحزن الحاكم. وكاد أن يرجع… و لكنه قصد الدير وأخبرهم عما حدث معه. فلما سألوه عن أوصاف ذاك الشخص اتّضح لهم أنه هو نفسه "الراهب موسى" الذي أراد أن يهرب من المناصب..
و وفي حكاية أُخرى عندما اختير "الراهب مكاريوس"، فى كرامة عظيمة ليكون بطريركا على كل مصر سنة 923م..و إذ ذهب إلى أمه التي لم تره منذ سنوات طويلة جداً، منذ أن أصبح راهباً، وكانت امرأة بارّة صالحة. فلما سمعت بقدومه لم تخرج للقائه. . ولما دخل البيت وجدها جالسة تغزل، ولم تلتفت إليه، ولا سلمت عليه. فظن أنها لم تعرفه. فقال لها: (ألا تعلمين أنّي أنا ابنك مكاريوس الذي رقى درجة سامية، ونال سلطة رفيعة، وأصبح سيدًا لأمة كبيرة ؟) فأجابته وهي تبكي : "أعرف ما صرت إليه، ولكني كنت أفضّل يا بُني أن يؤتى بك إليّ محمولاً على نعش، خير من أن أسمع عنك أو أراك بطريركا. لأنك قبلا كنت ستُحاسب عن نفسك وحدها. . أما الآن فقد صرت مطالبًا بأنفس شعبك .. . فاذكر أنك أصبحت في خطر كبير ، وهيهات أن تنجو منه".. قالت له هذا وأخذت تشتغل كما كانت..
هذه عظات السادة الأقدمية ليعلمنا التاريخ منهم ان الهروب من المواقف النبيلة هو قمة الخطأ .. لكن الهروب من العظمة والكبرياء هو قمةالشجاعة... فكل مسؤولية وعليها حساب و لا ينجوا منها إلّا المتواضعون الصادقون ..
فالأمور في طريق السماء
( احيانا)
تكون معكوسة...