تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
----خاص ----
الطلاب اللبنانيين ابناء الطبقة المتوسطة والفقيرة، الذين أُجبروا على السفر إلى روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا طلباً للعلم، وهرباً من سيف الأقساط الجامعية العالية في لبنان والغرب، والذي لا يرحم ولا طاقة لهم به، أصبحوا اليوم بين نارين: نار أكلت مداخيل أهلهم المحدودة بعد الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، ونار المصارف التي امتنعت عن تحويل الأموال لهم، واحتجزت مدّخرات ذويهم القليلة، والتي كانوا خبأوها لتعليم أولادهم، وترفض كذلك اليوم استلام العملة اللبنانية وتحويلها لهم ايضاً. وللإضاءة على هذا الموضوع، كان ل «الثائر» مع سعادة سفير لبنان في روسيا الأتحادية الأستاذ شوقي ابو نصار الحوار التالي :
سعادة السفير سنبدأ بالموضوع الأهم حالياً
١- ما هو وضع الجالية اللبنانية خاصة الطلاب في روسيا، وما هو عددهم تقريباً، وهل من إجراءات اتخذتها السفارة لمساعدتهم؟
إن روسيا ليست بلد اغتراب بالمعنى الحرفي للكلمة، كأوروبا وأمريكا أو دول الخليج. إن ابناء الجالية هنا لا يتجاوز عددهم ١٥٠٠ شخص، نصفهم تقريباً من الطلاب الذين يدرسون في مختلف المدن الروسية، خاصة في موسكو وسان بيتر سبورغ .
منذ بداية الأزمة اللبنانية أنشأتُ في السفارة لجنة طوارئ، مؤلفة من القنصل وأربعة موظفين. وتم نشر أرقام هواتف لتلقّي اتصالات الطلاب ٢٤/٢٤ ساعة، ومتابعة أوضاعهم وحاجاتهم، وهي ترفع لي تقريراً يومياً، وأنا أتابع عملها وأُعطي التوجيهات اللازمة .
لا إصابات بين أعضاء الجالية لا في روسيا ولا في دولة بيلاروسيا والتي تدخل ضمن صلاحياتي، ولدينا هناك قنصل فخري يتابع أوضاع الجالية، ويرفع لي تقارير يومية، ونأمل أن تستمر سلامة الجالية حتى الإنتهاء من هذا الوباء الخبيث .
٢- من المعروف أن الطلاب اللبنانيين في روسيا معظمهم من ابناء الطبقة الفقيرة واليوم يعانون مشاكل مالية لاسباب عديدة تفاقمت مع أزمة كورونا
فهل من مساعدات مادية لهؤلاء الطلاب؟ وكيف ستوزّع؟
إن غالبية ابناء الجالية هم من ابناء عائلات غير ميسورة حتى لا نقول فقيرة، ولقد أرسلوا ابناءهم للتحصيل العلمي كون الكلفة ليست مرتفعة مقارنة مع لبنان أو الدول الأوروبية. والبعض يحصل على منح تعليمية تُقدّمها روسيا مشكورة .
قبل بدء أزمة الوباء ومنذ بدء الأزمة في لبنان وتوقُّف المصارف عن التحويلات، نشأت أزمة كبيرة جداً أمام اللبنانين عموماً والطلاب خصوصاً، كونهم يعتمدون على التحويلات التي يُرسلها لهم ذووهم. لكن بسبب القرارات الغير مُحِقّة والمُجحفة التي اتخذتها المصارف بوقف التحويلات الى الخارج، تفاقمت مُعاناة الطلاب وأصبحت أوضاعهم المعيشية صعبة للغاية .
إن السفارة اللبنانية تستمد إمكاناتها من الدولة اللبنانية عبر وزارة الخارجية، وجميعنا نعلم أن هذه الإمكانات محدودة، خاصة في ظل الأزمة التي يعانيها لبنان حالياً. وبالرغم من ذلك أنشأت السفارة صندوقاً لجمع التبرعات لمساعدة الطلاب والمحتاجين. وشجّعت مختلف الأحزاب والجمعيات على مساعدة الطلاب، ويتم الآن توزيع بعض المساعدات المادية، وإن كانت بسيطة. ويتم توزيع حصص غذائية عليهم في السكن الجامعي، لمساعدتهم على تخطّي هذه الأزمة .
وهنا أُريد أن أتقدم بالشكر إلى السلطات الروسية، ومُديري الجامعات، لمساهمتهم بتقديم المساعدة والدعم للطلاب اللبنانيين، خاصة في الفحوصات الطبية، وأخصُّ بالذكر أيضاً السلطات والجامعات في بيلاروسيا، والتي تقوم بتقديم المساعدة والدعم للطلاب اللبنانيين على أراضيها، وهذا طبعاً يُعبّر عن حُسن ومتانة العلاقات بين لبنان وكل من روسيا وبيلاروسيا .
٣- ما هو مصير العام الدراسي للطلاب وهل من اتصال أو تنسيق بين السفارة ووزارة التعليم الروسية؟
لقد توقفت الدراسةمنذ أكثر من شهر في كافة الجامعات، ولكنها مستمرة عن طريق الأونلاين. وهنا أُريد أن أُلفت إلى أن معظم الجامعات تنصح الطلاب اللبنانيين بعدم المغادرة الآن، كونه في حال إستئناف الدراسة قريباً، وتعذّر عليهم العودة من لبنان، فهم قد يخسرون العام الدراسي، وهذا ليس في مصلحتهم طبعاً .
إن السفارة تُتابع شؤون الطلاب بشكل يومي، وتم التواصل مع السلطات الروسية وإدارات الجامعات، وكان تجاوبهم معنا ممتازاً، وطلبت منهم عدم اتّخاذ أية تدابير عقابية بحق الطلاب اللبنانيين، المتخلفين عن دفع الأقساط الجامعية أو حتى أقساط السكن، وكذلك في بيلاروسيا، وقد تلقينا وعداً منهم بأنهم لن يتخذوا أي إجراء عقابي بحق الطلاب اللبنانيين. وكذلك هناك تسهيلات فيما يتعلق بالإقامات المنتهية والتي تحتاج الى تجديد، وسيتم إعطاء مُهل لتسوية الأوضاع .
٤- المسافة بين موسكو وبعض أماكن تواجد الطلاب في المدن الروسية كبيرة جداً والنقل متوقف حالياً. هل يمكن لهؤلاء الطلاب الوصول الى موسكو في حال تم تسيير رحلات من شركة الميدل أيست الى موسكو؟ وهل من تنسيق مع السلطات الروسية لحل هذه المشكلة؟
بالنسبة للطلاب الموجودين خارج موسكو، وفي حال تم ترتيب رحلات من الميدليست الى موسكو لإعادة اللبنانيين، نحن سنقوم بما يلزم. وأنا أرسلت عدة برقيات إلى وزارة الخارجية اللبنانية، وطلبت فيها تنظيم رحلات لإعادة الراغبين، والذين يبلغ عددهم ٤٥٠ شخصاً تقريباً، غالبيتهم من الطلاب .
من الواضح طبعاً أن رحلات الطائرات اللبنانية تتم إلى عواصم الدول، وهنا إلى موسكو طبعاً. وفور إبلاغنا بمواعيد وصول هذه الطائرات، سنقوم بالأتصال والتنسيق مع السلطات الروسية، وسلطات الأقاليم هنا، لتحديد وتنظيم عملية نقل الطلاب من هذه الأماكن إلى موسكو. وذلك استناداً الى المعلومات الدقيقة التي ستردنا من بيروت، ونحن لن نترك الطلاب أينما كانوا وسنكون إلى جانبهم .
٥- هل قدّمت الجالية اللبنانية أية مساعدات للطلاب؟ وما هي حصة الطلاب في روسية من مبلغ المليون دولار الذي قدمته شركة الريجي؟
بالنسبة للمساعدات، فكما سبق وذكرت تحاول السفارة قدر الإمكان جمع التبرعات وتوزيعها على الطلاب كحصص متساوية، أكان نقداً أو كحصص غذائية .
أمّا فيما يتعلق بالمبلغ الذي قدمته شركة الريجي لدعم الطلاب، فلا علم لدى السفارة بهذا الموضوع، ولم يتم حتى الآن إبلاغنا عن أي مبلغ سيُخصص للطلاب في روسيا .
٦- من المعروف أن روسيا قدّمت مساعدات الى إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وسوريا لمكافحة وباء كورونا. فهل هناك من مساعدة روسية للبنان؟
لقد تواصلنا مع السلطات الروسية، واتصلت شخصياً مع نائب وزير الخارجية الروسية لشؤون الشرق الأوسط الصديق العزيز ميخائيل بوغدانوف. وأرسلت رسالة رسمية استناداً إلى طلب وزارة الصحة اللبنانية، المحال إلينا عبر وزارة الخارجية، والذي حددت فيه المواد الطبية التي يحتاجها لبنان .
حتى الآن لم يصلنا جواب رسمي، وعلمنا أنه تتم دراسة الطلب، مع العلم أن روسيا أصبحت مشغولة بمشاكلها، وإن يكن حجم الإصابات هنا هو أقل مما في الدول الأوروبية وأمريكا، ونأمل أن يبقى محدوداً، وأن تنتهي قريباً هذه الأزمة الصحية .
٧- كيف تُقيّمون بشكل عام العلاقات بين لبنان وروسيا؟ وهل هناك اهتمام روسي بلبنان أم أن روسيا منشغلة حالياً بمشاكل أخرى؟
إن العلاقات الشعبية مع روسيا تعود إلى القرن الثامن عشر، أمّا العلاقات الدبلوماسية الرسمية فقد بدأت في عام ١٩٤٤ مع الإتحاد السوفياتي، واستمرت مع وريثته روسيا الإتحادية، وما زالت تتطوّر باستمرار، ولبنان يعتزُّ بعلاقات الصداقة التي تربطه مع هذه الدولة العظمى .
واليوم العلاقات مميزة جداً في كافة المجالات؛ السياسية، والأقتصادية، والتربوية. وأنا كسفير مُعتمد أسعى دائماً مع الأصدقاء الروس الى تمتينها وتطويرها في خدمة مصلحة البلدين .
إن روسيا مهتمة جداً كما تعلمون بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد تدخلها العسكري المباشر في الأزمة السورية، والتي تعتبره روسيا مرتبطاً بأمنها القومي، ومصالحها الأستراتيجية. وهي في هذا الإطار مهتمة طبعاً بلبنان، وكدولة عُظمى تتابع الأحداث في كافة الأماكن في العالم .
٨- هل من كلمة أخيرة سعادة السفير؟
في الختام أودُّ أن أشكر موقعكم "الثائر"، وأتمنى التوفيق لهذا المنبر الإعلامي المميز. وأُريد أن أوجه رسالة من خلالكم إلى الطلاب في روسيا وبيلاروسيا، وإلى ذويهم في لبنان، فاليطمئنوا بأن السفارة لن تألوَ جهداً لمساعدتهم .
لا شك أن الأزمة كبيرة، وكما يعلم الجميع أن دُولاً متطورة تنوء تحت وطأة هذا الوباء، ودولة عُظمى كالولايات المتحدة الأمريكية أو كبريطانيا وفرنسا والمانيا وإيطاليا وغيرها وحتى روسيا أيضاً تُعاني. وفي ظل الإمكانات المحدودة للدولة اللبنانية وبعثاتها الخارجية، فالأزمة ليست سهلة،
ونأمل أن نتخطى هذه المحنة بأسرع وقت ممكن، وأن تمر بأقل الخسائر الممكنة، لأبناء الجالية اللبنانية في روسيا وفي بيلاروسيا، ولبنان والعالم عموماً، وعسى أن تعود الأمور إلى مجاريها في أقرب وقت ممكن .
حاوره " اكرم كمال سريوي "