#الثائر
يصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي على الادعاء بأنه يسعى إلى تغيير وجه المنطقة. خطابه الذي أطلقه بعد تقييمات أمنية وعسكرية وسياسية للضربة التي سيتم توجيهها ضد إيران، هو خطاب يرقى إلى مستوى مشابه لإعلان الحرب. أصبحت الضربة مؤكدة، ولكن من غير المعروف حجمها ومداها وتداعياتها أو ردود الفعل الإيرانية عليها. سيكون هناك احتمالان، إما أن تتدرج المواجهة في سياق الضربات والضربات المضادة، أو أن تنجح الولايات المتحدة في لجم طهران عن الردّ وتحييدها، في مقابل تفرّغ الإسرائيليين للحرب على لبنان. في إيران، هناك قناعة واضحة أن نتنياهو يتدرج في حربه بين الساحات للوصول إلى قلب طهران في النهاية. وهناك تخوف من وضع خطّة واضحة مدعومة أميركياً، للمضي قدماً في مساره الذي بدأه في غزة وانتقل بعده إلى لبنان، وسينتقل فيما بعد إلى أماكن أخرى.
إيران في المقدمة
يتغير شكل الصراع بالنسبة إلى إيران، التي كانت تعتبر أن حلفاءها ضمن محور المقاومة هم خطّ الدفاع الأول عنها، وهم العماد الأساسي لتوسيع نفوذها وبسطه في الشرق الأوسط. بينما اليوم تجد طهران نفسها مضطرة للتدخل وإطلاق الصواريخ وتفعيل الجبهات للدفاع عن حلفائها في المحور. وبحال لم تقدم على ذلك، فإن الضربات ستطاولها. وبذلك تخسر إيران أوراق قوتها في المنطقة، وتجد نفسها في مكان تحتاج فيه للدفاع عن نفسها بنفسها. أي أصبحت إيران في الواجهة وفي مقدمة الأحداث.
ولذا، ينقسم المشهد في المنطقة إلى قسمين حالياً، القسم الأول له علاقة بإيران نفسها والتي يصفها نتنياهو كرأس الأخطبوط، وسط دعوات إسرائيلية لضرب هذا الرأس بدلاً من ضرب الأذرع. والمشهد الثاني هو الحرب المستمرة على غزة ولبنان.
طريقة الردّ الإيراني في نيسان أو في تشرين الأول، فضحت قدرات طهران العسكرية، وأنها لا تمتلك التكنولوجيا اللازمة لإلحاق خسائر كبيرة بإسرائيل، تستعيد من خلالها التوازن معها.. أو أنها تمتلك المقدرات ولكنها لا تمتلك القرار. وبكلا الحالتين، تشجّعت إسرائيل على مواصلة عملياتها القاسية، وأعطت دفعاً لنتنياهو للاستمرار في توجيه الضربات. ما وضعه في مكان غير قابل للارتداع. وهو حصل على قوة دفع من المرشح الرئاسي دونالد ترامب، الذي دعاه إلى ضرب المشروع النووي الإيراني.
الاتكال على صمود "الحزب"!
رهان إيران الجدّي حالياً هو على صمود حزب الله في الميدان، وتكاثر خسائر الجيش الإسرائيلي، ما يعزز من خيار مفاوضات وقف النار، وتتجنب إيران الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل. في حال صمد حزب الله وكبّد الإسرائيليين خسائر كبيرة، سيكون مطلب إيران واضحاً في ربط جبهة غزة بلبنان. ما تراه أنه سيدفع الأميركيين إلى فرض وقف إطلاق النار على إسرائيل. أما بحال لم يصمد الحزب في المعركة البرية، فسيؤدي ذلك إلى ثلاثة احتمالات. الأول، توسع العملية البرية بعد انهيار خطوط الدفاع والوصول إلى عمق لبنان، وربما بيروت، مما سيعيد الأذهان إلى تجربة العام 1982. أو يتمركز في منطقة جنوب نهر الليطاني تحت عنوان العمل على "تنظيفها"، والتأكد من عدم وجود منصات إطلاق صواريخ أو مخازن أو أنفاق.. وعندها تتحرك الديبلوماسية لتطبيق القرار 1701 تحت الفصل السابع. والثالث هو الإصرار على إبقاء عسكري إسرائيلي في الجنوب لضمان "أمن إسرائيل". وهو ما يعني إعادة لبنان 40 سنة إلى الوراء، على حدّ تعبير وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت.
منير الربيع - المدن