#الثائر
تنشر «نداء الوطن» التعديلات والملاحظات التي قالت لجنة المال والموازنة إنها وضعتها على مشروع موازنة 2024، ورأت اللجنة أن المشروع يفتقد للرؤية الاقتصادية والاجتماعية، ولاحظت تدنّي نسبة الاعتمادات المخصّصة للنفقات الاستثمارية، لا سيّما في ضوء إرجاء ثمانية عشر قانون برنامج بما يعادل أكثر من 1658 مليار ليرة. وذكرت في تقريرها ما يلي:
1 - تضمّن مشروع قانون الموازنة مئة وثلاثاً وثلاثين مادة موزّعة على أربعة فصول يختص الفصل الأول منها بمواد الموازنة وفقاً لعنوان وروده، في حين وردت في الفصول الثلاثة الأخرى مواد دخيلة على نطاق قانون الموازنة كما حدّدته المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية حين نصّت على أن: «قانون الموازنة هو النص المتضمّن إقرار السلطة التشريعية لمشروع الموازنة. يحتوي هذا القانون على أحكام أساسية تقضي بتقدير النفقات والواردات وإجازة الجباية وفتح الاعتمادات للإنفاق وعلى أحكام خاصة تقتصر على ما له علاقة مباشرة بتنفيذ الموازنة».
2 - إفتقاره إلى الشمول المكرّس دستورياً بنص المادة 83 من الدستور، وقانونياً بنص المادة الثانية والمادة الحادية والخمسين من قانون المحاسبة العمومية، وعلمياً بعلم المالية العامة التي تحدّد المبادئ الكلاسيكية التي ترعى موازنة الدولة بأنها الشمول والشيوع والسنوية والوحدة. فلا القروض أدخلت في الموازنة، ولا نفقات الهيئات والمؤسسات والمجالس التي تعمل لصالح الدولة أدخلت في الموازنة أيضاً.
3 - تميّز بالعشوائية في استحداث الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات وتعديل القائم منها، وبالعشوائية أيضاً في لحظ بعض الاعتمادات، ما استدعى تصويباً للنصوص من جهة، وإعادة توزيع للاعتمادات حيث دعت الحاجة من جهة ثانية.
التعديلات التي أدخلت على مشروع الموازنة
أقرّت تعديلات تناولت مشروع قانون الموازنة من جهة، والاعتمادات المخصّصة لبعض أوجه الإنفاق من جهة ثانية، وواردات المشروع الذاتية منها والاستثنائية من جهة ثالثة وأخيرة.
تناولت هذه التعديلات/87/ مادة من أصل /133/ مادة: فألغت /46/ مادة، وعدّلت/73/ مادة، وأقرّت/ 14/ مادة كما وردت. وأضافت/ 8/ مواد. ما جعل عدد المواد النهائي لمشروع الموازنة بنتيجة ذلك/ 95/ مادة.
تجدر الإشارة في هذا الشأن الى أبرز التعديلات: تعديل المادة الخامسة المتعلقة بإجازة الاقتراض وحصر هذه الإجازة، في ما خص عجز الموازنة بالعجز المقدّر بدلاً من العجز المحقّق في تنفيذ الموازنة، لأن هذه الإجازة، قبل تعديل سقف الاقتراض، كانت تكلف الخزينة ما لا يقلّ عن ألف مليار ليرة من فوائد على سندات خزينة لا حاجة لإصدارها.
- تعديل المادة السادسة وتحديد طريقة فتح اعتمادات العقد والدفع للقروض التي تعقدها الدولة أو تعقد لحسابها، إذ تبيّن أن ما من قرض فتحت له اعتمادات عقد ودفع على الإطلاق.
- شطب المادة العاشرة التي كانت تجيز تغطية فوائد القروض الإنمائية، بعد أن تبيّن مدى الزبائنية التي اكتنفت منح هذه القروض، وتفرّد حاكم مصرف لبنان (السابق رياض سلامة) بتقريرها.
- شطب المادتين 13 و14 المتعلّقتين بإجازة نقل اعتمادات استهلاك الطاقة الكهربائية الملحوظة بشكل عشوائي، أو حظر التصرّف بها، إذ انتفت الحاجة إلى هاتين المادتين بنتيجة إعادة توزيع هذه الاعتمادات على مختلف الإدارات العامة.
- إضافة مادة تقضي بحظر إعطاء سلفات خزينة خلافاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية التي ترعى إعطاءها، وتحميل المخالف تسديد السلفات بأمواله الخاصة وإحالته على القضاء المختص.
- شطب جميع المواد التي تقضي بإحداث ضرائب أو رسوم أو غرامات جديدة.
- توحيد المعايير في تعديل الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات والغرامات بعد أن كان الاقتراح بتعديلها بصورة عشوائية لا يراعي الأوضاع الاقتصادية السائدة، ولا سيّما رفع رسم تسجيل مؤسسة أو شركة في السجل التجاري 150 ألف مرة، ورفع غرامة السير عشر مرّات.
- تحقيق بعض الإنصاف لذوي الدخل المحدود من الموظفين والأجراء العاملين في القطاعين العام والخاص بتعديل الشطور الخاضعة لضريبة الدخل وتعديل التنزيلات العائلية بمعدل 60 ضعفاً بعد أن كانت عشرة أضعاف في مشروع الحكومة على الرغم من الوضع الاقتصادي السيئ حيث تآكلت مداخيلهم كما تآكلت الودائع في المصارف.
- شطب أي نص يتضمّن تشريعاً لعبارة «منصة صيرفة» وحصر كل ما يتعلّق بهذا الشأن بعبارة وفقاً لسعر الصرف الذي يقرّره مصرف لبنان بوصفه صاحب الصلاحية القانونية في هذا المجال، علماً بأن مشروع الموازنة موضوع البحث لم يتضمّن سعرَ صرف موحّداً، فالرواتب والأجور وتعويضات نهاية الخدمة جرى احتسابها على سعر صرف 1500ل.ل للدولار الواحد، بينما احتُسب معظم الإيرادات الضريبية على أساس 89000 ل.ل للدولار الواحد، والبعض الآخر احتُسب على أساس 50000 ل.ل.
التعديلات على الإعتمادات
*- نظراً للعجز الحاصل في مشروع موازنة العام 2024 كما ورد من الحكومة، ونظراً لعدم إمكانية الاقتراض سواء من السوق المحلية أم من الخارج بعد تخلّف الحكومة عن تسديد أقساط وفوائد سندات اليوروبوند المستحقة اعتباراً من شهر آذار 2020، طلبت لجنة المال والموازنة من الحكومة تأمين التوازن بين نفقات هذا المشروع ووارداته، فمن غير الممكن إقرار موازنة تتضمّن عجزاً لا يمكن تأمين مصادر لتغطيته.
**- إعادة توزيع الاعتمادات الملحوظة لاستهلاك الطاقة الكهربائية وفقاً للحاجة، ما وفّر مبلغ 400 مليار ليرة، كما أعادت تخصيص مبلغ 61 ألف مليار ليرة لحظ كاحتياطي لمنافع اجتماعية وذلك بتوزيع المنافع الاجتماعية الحالية والمرتقبة على جميع الإدارات العامة، وتخصيص اعتماد بقيمة 10 آلاف مليار ليرة للأدوية السرطانية والمزمنة واعتماد بقيمة ألف مليار ليرة للانتخابات البلدية والاختيارية، وتعديل الاعتمادات الخاصة ببعض الإدارات حيث تبيّنت الحاجة إلى ذلك لا سيّما ما خص نفقات التغذية والمحروقات السائلة لدى الأجهزة العسكرية والأمنية وسواها.
التعديلات على الواردات
1 - نظراً للعجز الحاصل في مشروع موازنة العام 2024، طلبت اللجنة من الحكومة تأمين التوازن بين نفقات وواردات هذا المشروع.
2 - تقدّمت وزارة المالية بكتاب خطي بتاريخ 19/1/2024، أكّد على تقدير الواردات التي يمكن تحقيقها وتحصيلها خلال العام 2024 بما لا يقلّ عن 320 ألف مليار ليرة وذلك في ضوء كل من:
- الواردات المرتقبة من التعديلات المقترحة بموجب مشروع قانون الموازنة على الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات، حتى بعد تعديلها من قبل لجنة المال والموازنة، علماً أنه تعذّر على وزارة المالية تقدير ما يمكن أن تحقّقه كل مادة من مواد مشروع قانون الموازنة على حدة كما طلبت اللجنة.
3 - كما طلبت وزارة المالية باسم الحكومة اعتبار واردات مشروع الموازنة الذاتية المعدلة كافية لتغطية كامل نفقات المشروع البالغة 295 ترليون ليرة لبنانية، وبالتالي اعتبار واردات الجزء الثاني المتعلق بالواردات الاستثنائية من قسم الواردات يساوي صفراً، أي إلغاء العجز من مشروع الموازنة وفق رؤية وزارة المالية.
4 - لم يكن بوسع لجنة المال والموازنة سوى أن تأخذ بالتعديل الخطي المقترح من قبل الحكومة ممثلة بوزارة المالية، على اعتبار أنه يتعذّر عليها أن تقوم بتقدير الواردات نيابة عن الحكومة، من جهة، ولأن هذه المهمة ليست من صلاحيات اللجنة من جهة ثانية.
سلفات الخزينة
- ما ورد في مشروع موازنة العام 2024 من لحظ اعتمادات لتسديد سلفات خزينة تبلغ قيمتها الإجمالية 3.3 ترليونات ليرة لبنانية.
- وورود بيان من وزارة المالية بناءً على طلب اللجنة، بسلفات خزينة عكست خلال العام 2023 وحده 892.3 مليار ليرة علماً أن الإحتمال الغالب لمبلغ السلفات الصحيح يفوق هذا الرقم بكثير، ما دعا اللجنة لطلب التدقيق بالسلفات والقروض والهبات. وذلك من أجل بيان الأسس الدستورية والقانونية لمنح سلفات الخزينة والقروض والهبات، والضوابط القانونية التي تحدّ من الجنوح إلى الإنفاق بواسطة سلفات الخزينة والقروض والتصرّف في الهبات.
أولاً: في النصوص الدستورية والقانونية
أ- نصت المادة 88 من الدستور على ما يلي: لا يجوز عقد قرض عمومي ولا تعهد يترتب عليه إنفاق من مال الخزانة إلا بموجب قانون. الأمر الذي يعني بأن الاقتراض والإقراض يجب أن يقترنا بموافقة السلطة التشريعية من جهة، وأن موافقة هذه السلطة يجب أن تطول كل قرض بمفرده.
ب- إلا أن قانون المحاسبة العمومية، الموضوع موضع التنفيذ بموجب المرسوم رقم 14969 الصادر بتاريخ 30 كانون الأول 1963 وتعديلاته اللاحقة، أجاز في المواد 203 وما بعدها منح سلفات خزينة، والتسليف هو إقراض بطبيعته، دون موافقة السلطة التشريعية:
- فبموجب المادة 203 من قانون المحاسبة العمومية، عرفت سلفات الخزينة بأنها إمدادات تعطى من موجوداتها: لتموين مستودعات الإدارات العامة بلوازم مشتركة بين أكثر من إدارة واحدة. ولشراء مواد قابلة الخزن للاستعمال في سنة مالية جارية أو لاحقة. ولتغذية صناديق المؤسسات العامة والبلديات وكذلك الصناديق المستقلة المنشأة بقانون.
- وبموجب البند الأول من المادة 205 من قانون المحاسبة العمومية قبل تعديله بالمادة الثالثة من القانون رقم 5/89 الصادر بتاريخ 5 كانون الثاني 1989 كانت سلفات الخزينة «تعطى بقرار من وزير المالية بناءً على طلب الإدارات المختصة». غير أن المشترع، وعلى أثر انقضاء ثلاث سنوات على اعتماد القاعدة الاثنتي عشرية في الإنفاق من جرّاء عدم تمكن المجلس النيابي من إقرار موازنة جديدة منذ آخر موازنة مصدقة تعود للعام 1985، قد عدّل معظم مواد قانون المحاسبة العمومية المتعلقة بسلفات الخزينة عندما أقرّ القانون رقم 5/89 الصادر بتاريخ 5 كانون الثاني 1989 الذي عدّل المادة 205 من قانون المحاسبة العمومية بحيث أصبح نص هذه المادة كما يلي: « تعطى سلفات الخزينة للغايات المحدّدة في المادة 203 من هذا القانون بمرسوم بناء على اقتراح وزير المالية وطلب الإدارات المختصة. وفي حالات استثنائية طارئة يمكن إعطاء سلفات خزينة بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء. ويتوجب على الحكومة أن تطلع المجلس النيابي على السلفات المقررة بظرف شهر».
- إلا أن المشترع عدّل القانون رقم 5/89 المذكور بموجب القانون رقم 41 الصادر بتاريخ 14 شباط 1991 فألغى إمكانية إعطاء سلفات الخزينة بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء في الحالات الاستثنائية الطارئة.
- وعلى اعتبار أن التسليف للإدارات العامة وفقاً لأحكام الفقرتين 1 و 2 من المادة 203 من قانون المحاسبة العمومية لا يثير أي مشكلة لأن تسديد السلفة يتم بفتح اعتماد خاص لذلك، أو بلحظ اعتماد في موازنة لاحقة، فإن أحكام هذا القانون المتعلقة بسلفات الخزينة قد أحاطت التسليف وفقاً لأحكام الفقرة 3 من المادة 203 بضمانات عديدة أدرجت في نصوص المواد 204 وما بعدها من هذا القانون:
• فبموجب المادة 209 من قانون المحاسبة العمومية «تسدّد سلفات الخزينة المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 203 بإعادة قيمتها نقداً إلى الخزينة ضمن المهل المحددة لذلك». وتحقيقاً لهذه الغاية نصّت المادة 204 من قانون المحاسبة العمومية على أن «يعلق منح سلفات الخزينة المعدّة لتغذية أحد الصناديق المذكورة في الفقرة 3 من المادة 203: على تثبت وزارة المالية من إمكان الجهة المستلفة إعادة السلفة نقداً في المهلة المحددة لتسديدها. وعلى تعهّد الجهة المستلفة بأن ترصد في موازنتها إجبارياً الاعتمادات اللازمة لتسديد السلفة في المهلة المحددة».
واشترطت «موافقة السلطة التشريعية إذا كانت مهلة تسديدها تتجاوز الاثني عشر شهراً».
• وبموجب المادة 205 من القانون ذاته، «يتوجب على الحكومة أن تطلع المجلس النيابي على السلفات المقررة بظرف شهر» من تاريخ إعطائها بالطبع.
ثانياً، في الوقائع: لم تحترم الحكومة الضوابط التي حدّدتها أحكام قانون المحاسبة العمومية المبيّنة أعلاه:
- فمنحت سلفات خزينة لإدارات عامة لغير الغايات المحدّدة بموجب الفقرتين 1 و 2 من المادة 203،
- ومنحت سلفات خزينة لمؤسسات عامة وصناديق مستقلة مع علمها بعدم قدرتها على التسديد لا ضمن مهلة السنة المحددة لتسديد السلفة، ولا في أي وقت لاحق، والدليل على ذلك لحظ تسديدها باعتماد في الموازنة.
- ومنحت سلفات خزينة بمراسيم متّخذة في مجلس الوزراء في الحالات الطارئة والاستثنائية بعد إلغاء هذه الصلاحية بموجب القانون رقم 41/91.
- وأهملت إطلاع المجلس النيابي على السلفات المقرّرة خلال شهر من تاريخ إعطائها.
- والأهم من ذلك، أن تسديد السلفة باعتماد يرصد في الموازنة يحول دون التأكد من إنفاق السلفة في الغاية المحددة لها، وتوفير المستندات الثبوتية للتسديد.
كان حرياً بالحكومة
وكان حرياً بالحكومة من الناحية القانونية طلب فتح اعتمادات في موازنة العام 2023 قبل تصديقها، إلا أنها استسهلت الطريق فوقعت في أكثر من مخالفة، لدرجة أنها منحت سلفات خزينة بلغ مجموعها أكثر من 31.892 مليار ليرة وضمنت مشروع الموازنة اعتمادات لتسديد 315.3 ملياراً منها ما يعني أن أكثر من 973.28 مليار ليرة سيتجاوز أجل تسديدها السنة وكان يفترض منحها بقانون كما تقضي أحكام المادة 204 من قانون المحاسبة العمومية في ما لو كان منحها مراعياً لأحكام المادة 203 من هذا القانون.
تجدر الإشارة إلى أن الإنفاق بواسطة سلفات الخزينة خلال العام 2023 قد بلغت نسبته 73,79% من القدرة الإنفاقية المتاحة خلال العام 2023 والبالغة 40 ألف مليار ليرة على أساس القاعدة الاثنتي عشرية.
وللحدّ من هذه المخالفات المتمادية ضمّنت لجنة المال والموازنة مشروع قانون موازنة العام 2024 نصاً يرمي إلى:
- حظر إعطاء سلفات خزينة خلافاً لأحكام المواد 203 ولغاية 212 من قانون المحاسبة العمومية.
- تحميل المخالفين لهذه الأحكام تسديد السلفات بأموالهم الخاصة، وإحالتهم على القضاء المختص.
حساب الخزينة
1- من ضوابط المالية العامة مبدآن: مبدأ وحدة الصندوق، ومبدأ وحدة المحاسبة. ويقصد بمبدأ وحدة الصندوق أن يكون للدولة صندوق واحد تودع فيه جميع الإيرادات وتدفع منه جميع النفقات ويعرف بالخزينة العامة.
ويقصد بمبدأ وحدة المحاسبة أن تكون للدولة محاسبة واحدة تشمل نفقاتها كافة من جهة وإيراداتها كافة من جهة ثانية وتدرج في حساب واحد لخزينة الدولة يفتح لدى مصرف لبنان.
2 - وتأكيداً لهذين المبدأين نصت المادة 243 من قانون المحاسبة العمومية على ما يلي: يحظر على الإدارات العامة والبلديات والمؤسسات العامة التابعة للدولة أو للبلديات وسائر الأشخاص المعنويين ذوي الصفة العمومية فتح حسابات في المصارف الخاصة أو فتح حساب خاص بها في مصرف لبنان. إلا أن القانون رقم 49/ 87 الصادر بتاريخ 21/ 11/1987 عدّل هذه المادة بنصه على ما يلي: خلافاً لأي نص آخر ولا سيّما أحكام قانون المحاسبة العمومية وأحكام قانون النقد والتسليف يمكن للإدارات العامة ذات الموازنات الملحقة والمؤسسات العامة والبلديات وسائر الأشخاص المعنويين ذوي الصفة العمومية فتح حسابات جارية مستقلة بهم في مصرف لبنان.
3 - أما الحكومات المتعاقبة فتمادت في مخالفة أحكام القانون رقم 49/87:
- فأجازت للوزارات، وحتى لبعض الوحدات في الوزارات، فتح حسابات خاصة بها لدى مصرف لبنان.
- وأجازت حتى فتح حسابات خاصة لدى مصرف لبنان لسلفات الموازنة الطارئة منها والدائمة باسم القيّم على السلفة، فأصبح لكل سلفة حساب خاص باسم القيّم عليها.
- وأجازت فتح حساب خاص لكل هبة لأن رئيس الحكومة أصدر تعميماً يقضي بتحويل المبالغ المقبوضة من الهبة إلى حساب خاص لدى مصرف لبنان ومنح سلفة موازنة طارئة للإنفاق من أصلها. وقد سار وزير المالية على خطى رئيسه فأصدر تعميماً مماثلاً يحدّد أصول الإنفاق من الهبات لجهة فتح الحساب الخاص وإعطاء سلفة موازنة طارئة لإنفاق الهبة.
- وتضمّن مشروع قانون موازنة العام 2024 أكثر من نص يقضي بفتح حساب خاص بإيراد معين.
4 - كان يفترض بالقيّمين على إدارة مصرف لبنان أن يرفضوا فتح حسابات بطريقة مخالفة لأحكام القانون، إلا أنهم لم يفعلوا فأصبحوا شركاء في المخالفة.
5 - لقد أدّى هذا الوضع إلى مخالفة مبدأي وحدة الصندوق ووحدة المحاسبة فتعدّدت الحسابات من جهة وتعذر توحيد نتائجها السنوية من جهة ثانية.
تقول لجنة المال والموازنة في تقريرها النهائي إنها أتت على إصلاحات أبرزها 9، ما هي؟
- بنتيجة التعديلات التي أجرتها اللجنة على مشروع موازنة 2024 أصبح عجز هذا المشروع صفراً ما يوجه رسالة إيجابية للداخل والخارج على السواء. وهذه هي المرة الأولى التي تكون فيها موازنة دون عجز.
- بنتيجة تصفير العجز، أمكن الاستغناء عن إجازة الاستدانة لتغطية العجز المقدّر في الموازنة. وهذا أمر مهم في ضوء عدم قدرة الحكومة على الاستدانة منذ تخلفت عن تسديد أقساط قروض سندات اليوروبوند اعتباراً من 20 آذار 2020.
- وضعت ضوابط للإنفاق سواء من أصل الهبات، فألغيت إمكانية إنفاقها بواسطة سلفات موازنة طارئة، أو من أصل القروض بتحديد طريقة فتح اعتمادات عقد ودفع لها، أو بواسطة سلفات الخزينة حيث أضافت نصاً يحظر إعطاءها خلافاً للأحكام ذات الصلة قي قانون المحاسبة العمومية، ويحمّل المخالف تسديدها بأمواله الخاصة ويلاحقه أمام القضاء المختص.
- وضع حد لعشوائية منح القروض الإنمائية وتغطية كلفة فوائدها من المال العام ولا سيما في ضوء عجز المصارف عن التسليف وتسديد القروض الممنوحة سابقاً على أساس 1.507,5 ليرة للدولار الواحد.
- وضع حد لعشوائية استحداث الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات والغرامات بما لا يراعي الأوضاع الاقتصادية غير السوية، ولا أوضاع المواطنين بتحميلهم فوق قدراتهم بأضعاف.
- الحد من عشوائية فتح الحسابات الخاصة لدى مصرف لبنان والتوجه نحو تكريس حساب الخزينة الموحد.
- التذكير الدائم بالموجب الدستوري الذي يقضي بوضع الحسابات المالية النهائية المدققة والمشهود بصحتها ومطابقتها من قبل ديوان المحاسبة وتقديمها إلى المجلس النيابي ضمن المهل المحددة.
- أخذ أوضاع الإدارة العامة في الاعتبار والعمل على تحسين أوضاع العاملين فيها قدر الإمكان إلى أن تتوفر الإمكانيات لوضع سلسلة رتب ورواتب جديدة تعيد إلى الرواتب والأجور قدرتها الشرائية الصحيحة.
9- اعتبار أن الاقتصاد الوطني لا ينهض إلا بوجود قطاع مصرفي موثوق سواء من قبل المودع أم من قبل المستثمر. وهذا لا يتحقق في ضوء عشوائية فرض التكاليف العمومية والحيلولة دون جذب الرساميل والاستثمارات الداخلية والخارجية على السواء.
الحسابات المالية
إن المهلة المحدّدة بموجب المادة الخامسة والستين من قانون موازنة العام 2017 نصت على ما يلي: «على سبيل الاستثناء ولضرورات الانتظام المالي العام ينشر هذا القانون وعلى الحكومة إنجاز عملية إنتاج جميع الحسابات المالية المدققة منذ سنة 1993 وحتى سنة 2015 ضمناً خلال فترة لا تتعدى السنة اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون، وإحالة مشاريع قوانين قطع الحساب عن السنوات التي لم تقرّ فيها إلى مجلس النواب، عملاً بالأصول الدستورية والقانونية المرعية». انقضت المهلة، وإن المهلة المحددة بموجب البندين أولاً وثانياً من المادة الوحيدة من القانون رقم 143 تاريخ 31 تموز 2019 اللذين نصّا على ما يلي:
«أولاً: خلافاً لأي نص مغاير يتعلق بمنع التوظيف على أنواعه، على الحكومة اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون، تأمين الموارد البشرية لتمكين ديوان المحاسبة من إنجاز مهمته في تدقيق الحسابات المالية النهائية حتى سنة 2017 ضمناً.
ثانياً: على سبيل الاستثناء، ولضرورات الانتظام المالي العام، ينشر قانون موازنة العام 2019 والموازنات الملحقة، على أن تنجز الحكومة جميع الحسابات المالية النهائية والمدققة منذ سنة 1993 حتى سنة 2017 ضمناً، وتحيل مشاريع قوانين قطع الحساب عنها بمهلة أقصاها ستة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون».
هذه المهلة انقضت أيضاً، دون أن تلتزم الحكومة بموجب إرسال مشاريع قوانين قطع الحساب عن السنوات التي لم تقرّ فيها، ودون أن تسقط لجنة المال والموازنة من حسابها أن إقرار الحسابات المالية يعتبر شرطاً دستورياً وقانونياً ونظامياً لإقرار الموازنة كما تقضي أحكام المادة 87 من الدستور والمادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
وقد أعلنت اللجنة في أكثر من مناسبة عن استعدادها لدرس مشاريع قوانين قطع الحساب فور ورودها من الحكومة ومدققة من ديوان المحاسبة مع بيانات المطابقة، لكي يكتمل عقد الرقابة البرلمانية على الأعمال المالية بإجازتي الجباية والإنفاق من جهة، وبالتدقيق في مدى التزام الحكومة بهاتين الإجازتين، فتبرأ ذمتها أو يتم إشغالها من جهة ثانية. واللجنة تكرّر اليوم استعدادها لدرس هذه الحسابات عند ورودها مدققة ومشهوداً بصحتها ومطابقتها.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن مشروع قانون موازنة العام 2024 قد ورد دون أن يرد مشروع قانون الحسابات المالية كما تقضي أحكام المادة 87 من الدستور، الأمر الذي يشكل مخالفة دستورية تسأل الحكومة عنها، علماً أن الدولة اللبنانية دون حسابات مالية مدققة ومشهود بصحتها من قبل ديوان المحاسبة منذ العام 1979، وأن ما قدم من حسابات مالية منذ العام 1993 ولغاية العام 2003 جرت المصادقة عليه مع التحفظ من قبل المجلس النيابي.
نداء الوطن