#الثائر
المشاهد الصادمة للسيول الجارفة والانهيارات الأرضية، التي اجتاحت يوم السبت لبنان من شماله الى جنوبه، ما هي الا صورة معبّرة عن انهيار الدولة الذي بات يترسّخ يوماً بعد يوم، وعلى كلّ المستويات.
كان يمكن للعاصفة أن تكون نعمة، ولكنّها تحوّلت، كما في كلّ مرّة الى نقمة، بعدما غمرت المياه المنازل والشوارع والسيارات والمتاجر والاراضي الزراعية، في غالبية المناطق اللبنانية، التي تدفع، مع كلّ منخفض جوّيّ، ثمن إهمال المسؤولين وبعض المواطنين، على حدّ سواء.
في لبنان، اقتصر الأمر على خسائر مادية فادحة، كما وصفها الدفاع المدني، الذي حالت جهود عناصره، طوال النهار، دون تسجيل خسائر في الارواح، بعدما أنقذ عشرات المواطنين الذين احتجزتهم السيول والثلوج في سياراتهم، وأخلى مجموعة من الأبنية المتصدّعة والمهدّدة بالانهيار.
ولكن شبح الموت لاحق اللبنانيين الى سوريا، بعدما قضى اربعة أفراد من عائلة واحدة تتحدّر من جبل محسن في طرابلس، عندما جرفت السيول سيارتهم في ريف طرطوس.
غضب الطبيعة لم يحجب الأنظار عن التطوّرات الساخنة عند الحدود الجنوبية للبنان، حيث كثّف "حزب الله" عملياته ضد الجيش الاسرائيلي، الذي، واصل بدوره، قصفه الجوّي والمدفعيّ على غالبية القرى الحدودية، معلناً شنّ "هجوم استباقي" على الحزب في الجنوب واستهداف سلسلة مواقع تابعة له.
في الغضون، قال رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي إنّ "حزب الله" "اختار أن يكون بمثابة درع لحركة "حماس" بتوجيهات من إيران"، مضيفاً أنّ "جنوب لبنان منطقة حرب، وسيبقى كذلك طالما أن الحزب يعمل انطلاقاً منه. ما قد يحوّل كامل لبنان إلى ساحة حرب، وسيكون لهذا ثمن باهظ"، كما قال.
المخاوف من توسّع رقعة الصراع في المنطقة لتشمل لبنان، عبّر عنها مجدّداً، كلّ من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا، والممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل، في بيانين منفصلين، لخّصا فيهما نتائج زيارتيهما الاخيرتين الى بيروت.
وفيما أبدى لاكروا قلقه من أعمال العنف عند الخط الازرق، شدّد على أهمية وقف اطلاق النار والتزام الاطراف كافة بالقرار 1701، من أجل تجنّب خطر نشوب نزاع أكبر وأكثر تدميراً.
أمّا بوريل، فحذّر من مخاطر توسّع الصراع في المنطقة، جرّاء التوترات المتزايدة عند الحدود اللبنانية، فضلاً عن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وأبدى قلقه العميق من احتمال انجرار لبنان إلى صراع مع إسرائيل، معرباً عن رغبته في المساعدة لمنع مثل هذا التطوّر الكارثي.
سياسياً، بقيت المخالفة التي ارتكبتها حكومة تصريف الأعمال، عبر التمنّع عن إصدار 3 قوانين وردّها إلى مجلس النواب، محور انتقادات واسعة من جانب عدد كبير من النواب، إذ أجمعت المواقف على مطالبة مجلس الوزراء بالكفّ عن استباحة الدستور والقوانين والتعدّي على صلاحيات رئيس الجمهورية، في ظلّ الشغور بسدّة الرئاسة.
وعلى خطٍّ متّصل بالملف الرئاسي، توجّه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالقول: "نحن مستعدّون لحضور أي جلسة انتخاب رئاسيّة تدعو إليها بدورات متتالية حتّى الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن مع الحفاظ طبعاً على حقّ كلّ كتلة نيابية وكلّ نائب بالتصويت لمَن تراه ويراه مناسباً".
أمّا المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، فأكد أنّ "الحياة الدستورية لا تقوم ولا تستقر من دون انتخاب رئيس للجمهورية"، معرباً عن اعتقاده بأن استمرار تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية يدفع حكومة تصريف الأعمال لاتخاذ قرارات من نوع "أبغض الحلال".
المصدر - نداء الوطن