مقالات وأراء

الحمار وكرسي الحكم!

2024 كانون الثاني 09
مقالات وأراء

#الثائر

"الصديق وقت الضيق" وهذا حالنا مع ابو صالح، ذهبنا نشكو إليه أحوال الرعية، وما حل بنا من جور الحكام من ظلم وغمام، فروى لنا وقال:

يُحكى أن جماعة من الأسود كانت تعيش في عرين، وبالقرب منها تنتشر جماعات أخرى من سكان الغابة.

وكانت جماعة الأسود قد نظمت حياتها، ووضعت القواعد والقوانين وفق مبادئ العدالة والانصاف والديمقراطية.

وكانت تجتمع في كل عام وتنتخب زعيماً جديداً لها، يشرف على إدارة الجماعة، ويهتم بشؤونها، ويحافظ على الغابة، واستمرار الحياة فيها.

سمعت جماعة الثعالب بأن الأسود تعتمد مبدأ الديمقراطية في الحكم، فارسلت وفداً لمقابلة الزعيم، وطلبت منه الاشتراك في الانتخابات، وابداء رأيها باختيار الأسد الذي سيحكم الغابة، فهي جزء من هذا المجتمع، ولها دورها في الحفاظ على الغابة.

عقدت جماعة الأسود اجتماعاً، وتناقشت في طلب الثعالب، وبعد جولة من الأخذ والرد والهد والقد، تقرر إشراك جميع سكان الغابة في الانتخابات، وعاشت الغابة سنوات من الرخاء والطمأنينة.

وفي إحدى المرات، حدث أن أصبح التنافس على أشده بين الأسود على كرسي الحكم، وراحوا يتقاتلون حتى خارت قواهم، وكادوا يهدمون العرين برمته، ثم قرروا الاحتكام إلى رأي سكان الغابة.

استغل زعيم جماعة الحمير الفرصة السانحة، وتزيّا بزي أسد ورشح نفسه إلى الانتخابات، وأقنع الجميع بضرورة انتخابه حاكماً على الغابة، كونه اطول من باقي الأسود، ويستطيع أن يحمل أكثر منهم، كما أنه سيوفر لسكان الغابة كل ما يحتاجونه من طعام.

لم تكن جماعة الاسود تعلم بمكيدة الحمار، وعندما انتهت الانتخابات وتم فرز الأصوات، تبين أن الأسد (الحمار) هو الفائز بكرسي الحكم.

رضخت الأسود لنتائج الانتخابات، ولكن مشكلة الحمار أنه عجز عن وضع التاج الملكي على رأسه، وصعب عليه ارتداء فروة الأسد ليل نهار، فاتخذ مقراً له خلف شجرة كبيرة في الغابة، كان يخاطب الرعية من خلفها باعتباره الأسد ملك الغابة.

كان الحمار ينصرف طيلة الوقت إلى الرعي، ويأكل علف باقي الحيوانات، حتى طعام الفقراء، الذي اعتادت جماعة الأسود توزيعه على المحتاجين من أهل الغابة، كان الحمار يأخذ نصفه ويخبئه في معلفه، وينهض ليلاً ويأكله في غفلة من جماعة الأسود.

لم يكن للحمار علم بقوانين الأسود، وأصول اللياقات، وقواعد التخاطب والجلوس والكلام، وراح يستظل تلك الشجرة، كلما طلبت الرعية لقاءه.

وكان عدد من الثعالب والأرانب، يجلسون بشكل دائري حول الحمار، يمنعون أي أحد من الاقتراب منه.

فرض الزعيم الجديد أعرافاً جديدة، وطلب من كل جماعة في الغابة، أن ترسل له كل يوم هدية، وأن يدخل الزوار إلى عرينه، زحفاً على البطون، وأن يركعوا ويسجدوا أمامه، ولا ينظرون إليه ابداً.

ساءت أحوال الرعية، وبدأ الفقراء يشتكون من قلة الطعام، وقالوا أن الزعيم يأكل نصفه، ويطعم جماعته من الثعالب والارانب ويغدق عليهم العطاء، وأنه نقض الأعراف والمبادئ التي قامت عليها جماعة الأسود، وأساء إلى كبارهم، وأصبح متكبراً ومتشاوفاً مغروراً، يصدر قراراته دون أخذ رأي أحد في الاعتبار.

قررت جماعة من الأسود الذهاب لمواجهة الزعيم، ومصارحته حول أحوال الرعية، وعندما وصلوا، اختبأ الحمار كعادته خلف الشجرة، وراح يخاطبهم مهدداً متوعدا

بالثبور وعظائم الأمور، إن لم يعودوا ادراجهم ولم ينصاعوا لقراراته.

لكن أسداً ذكياً وشجاعاً، نظر فرأى أذني الحمار بارزتين من خلف الشجرة، فعرف أن هذا الزعيم هو الحمار بعينه، فطلب منه أن يخرج من خلف الشجرة، ويُظهر نفسه للرعية، لكن الحمار ارتعب ورفض الظهور، فقفز عليه الأسد، وضربه بكفه وأخرجه من خلف الشجرة، وعرّاه من فروة الأسد التي كان يلفها حول عنقه، فرأت الأسود أن زعيمها هو الحمار المخادع، الذي ظن أن مجرد فروة سوداء ستجعل منه أسداً، متناسياً أنه يستحيل على من ولد حماراً أن يصبح أسداً، ويصح فيه قول الشاعر:

الأسد أسد وإن كلّت مخالبه،

والكلب كلب وإن طوقته ذهبا.

‏والحر حر وإن جار الزمان به

والعبد عبد وإن عليت به الرتب..

خاص --- خاص الثائر ---

يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.

اخترنا لكم
عودةٌ إلى الوراءِ!
المزيد
هل نحن مقبلون على حرب شاملة؟
المزيد
خوفًا من الصراع... شركات طيران تعلّق رحلاتها إلى الشرق الأوسط
المزيد
"شُحنَت في صيف 2022".. شركة "البايجر" وهمية؟
المزيد
اخر الاخبار
"خطواتٌ جديدة" على الحدود!
المزيد
بزشكيان: ندعو إلى وحدة المسلمين لوقف المجازر الإسرائيلية
المزيد
تعليق للشركة اليابانية حول انفجارات أجهزة اللاسلكي
المزيد
الحزب ينعى مؤسّس قوة الرضوان ابراهيم عقيل وهيئة أركانها
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
أبي خليل: التيار الوطني يؤيد عقد جلسات متتالية حتى انتخاب الرئيس
المزيد
اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام تطرح تساؤلات حول مواد أكثر خطورة من نيترات الأمونيوم وتطلب جلاء الحقائق وتحديد المسؤوليات
المزيد
الجيش: هذا اللقاء لم يحصل!
المزيد
كيف فتح الدولار في السوق السوداء اليوم؟
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
اتفاقية تعاون بين جمعيّتي "غدي" و"الملكية الاردنية لحماية الطبيعة" الناصر: حماية الطبيعة لا تعرف حدود، فهي مثل الطائر الذي يطير وينتقل من مكان إلى آخر غانم: نؤمن أن التعاون هو أرقى أشكال التطور
بيان للدفاع المدني بعد الانتهاء من عمليات إطفاء مطمر برج حمود
شكوى بجرائم بيئية ضد الدولة اللبنانية امام مجلس حقوق الانسان الدولي
محمية أرز الشوف في المنتدى الإقليمي للحفاظ على الطبيعة لدول غرب آسيا، هاني: نعمل مع شركائنا لزيادة المناطق المحمية
لجنة البيئة تواكب حريق المكب وتدعو لإقفال المطامر الشبيهة.. وياسين يعتذر
فياض: تنظيف مجاري الأنهر بمزايدات لتفادي الفيضانات وحماية البنى التحتية