#الثائر
رياض السنباطي: لقد نفضت يدي وموهبتى من التلحين لأم كلثوم مرة أخرى
ماذا قالت أم كلثوم لتثير غضب السنباطي وتجعله يكسر العود ويخرج غاضبا من بيتها
رياض السنباطي: لأول مرة فى حياتى أصمم فيها آسفاً على ألا أتعاون مع صوتٍ من الأصوات
من هو الملحن الوحيد الذي رآه السنباطي يمكن أن يحل مكانه لدى ام كلثوم
ما هي كانت أهم أحلام السنباطي وكيف وصف صباح وشادية
ريهام طارق
تحل اليوم ذكرى ميلاد الموسيقار رياض السنباطي، الذي يعد أحد رواد تجديد الموسيقى العربية، ومن أبرز الموسيقيين العرب الذي اشتهر بتفرده في تلحين القصيدة العربية، اكتست موسيقاه بالطابع الكلاسيكي، متفرد، مبدع، فيلسوف الموسيقى العربية.
اخذت ألحانه الطابع الكلاسيكي، تعد أعماله أحد روائع الزمن الجميل، تعاون مع أغلب نجوم الوطن العربي، وجمعته علاقة وطيدة ورحله فن خالدة بكوكب الشرق أم كلثوم.
ولد رياض محمد السنباطي بمدينة فارسكور بمحافظة دمياط، في 30 نوفمبر عام 1906، وكان والده مقرئاً يغني فى الموالد والأفراح والأعياد الدينية فى القرى والبلدات الريفية المجاورة.
لم يكن من المتفوقين فى الدراسة وهو طفل ولكن كان شغفه بالموسيقى والغناء هو الذي يحتل كل تفكيره واهتمامه.
وذات يوم ضبطه والده هاربًا من المدرسة وهو في سن التاسع عند جارهم النجّار، وهو يضرب على العود ويغني أغنية "الصهبجية" لسيد درويش، فقرر أن يأخذه معه في الأفراح والموالد.
أصيب وهو طفل منذ بمرض في عينيه، منعه من استكمال دراسته
كان يحب أن يستمع إلى والده دائما وهو يعزف على العود وقرر تعلم العزف على العود، وعندما شعر الشيخ محمد علي بموهبة ابنه رياض ، شجعه وقرر أن يصطحبه معه في فرقته الموسيقية
وهذا ما دفعه لترك مدينة فارسكور والانتقال للعيش في مدينة المنصورة، وبعدها اهتم والده بتعليمه قواعد الموسيقي وإيقاعاتها، كان رياض السنباطي سريع التعلم والاستجابة وابدي براعة ملحوظة وتفوق في العزف والغناء وبدأ في تقديم وصلات غنائية طويلة في الحفلات، في فرقة والده وأصبح نجم الفرقة ومطربها الأول وعرف باسم "بلبل المنصورة".
- كان رياض السنباطي حريص دائما على سماع أسطوانات الفونوجراف للشيخ عبد الحي حلمي ويوسف المنيلاوي وسيد الصفتى أبو العلا محمد،ومن خلالهم تعلم الكثير من أصول الموسيقى
وفي إحدى حفلات رياض السنباطي كان يوجد الشيخ سيد درويش واستمع لصوت رياض أعجب به، وأراد أن يصطحبه معه إلى الإسكندرية، ولكن والده رفض ذلك العرض بسبب اعتماده عليه بدرجة كبيرة في فرقته.
ثم جاءت المحطة الأهم في حياة رياض السنباطي عندما قرر والده الانتقال إلى القاهرة بصحبة ابنه عام 1928، حتى يساعده على إثبات ذاته في الحياة الفنية، وفي هذا الوقت كان صديقا لوالد كوكب الشرق.
- قرر رياض السنباطي أن يتقدم لـ معهد الموسيقى العربية، ليدرس ويثقل من موهبته الفنية ، وعندما وقف أمام لجنة الاختبار بالمعهد كانت تضم جهابذة الموسيقى العربية فى ذلك الوقت، وعند سماعهم لصوت رياض السنباطي وعزفه على العود أصيبوا بالذهول، والدهشة حيث كانت قدراته أكبر من أن يكون طالباً واعجبوا به لدرجة أنهم أصدروا قرار بتعيينه فى المعهد أستاذا لآلة العود والأداء.
- بدأت شهرته في ندوات وحفلات معهد الموسيقى العربية، وبعد ثلاث سنوات من عمله في المعهد ثم قام بتقديم استقالته، وقرر الدخول إلي عالم التلحين، عن طريق شركة أوديون للأسطوانات التي قدمته لكبار مطربى ومطربات الشركة ومنهم صالح عبد الحى، نجاة على، عبدالغنى السيد ورجاء عبده.
- تأثر رياض السنباطي في بداية حياته بالمدرسة التقليدية، في تلحين القصيدة ، كما تأثر بأسلوب زكريا أحمد، ولكنه فضل أن يخرج من هذه الدائرة ويطور من ألحانه ، وتأثر بمدرسة الموسيقار محمد عبدالوهاب، وأحب الطريقة الحديثة التي أدخلها على المقدمة الموسيقية، وأدخل آلة العود مع الأوركسترا، واستبدل المقدمة القصيرة بأخرى طويلة .
- وبعدها جاءت المحطة التي رسخت اسمه في تاريخ الفن العربي، وصنع أعظم ديو فني عربي عندما تعرف علي كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، لتبدأ رحلة فنية طويلة قدما من خلالها احلى واعذب الالحان الخالدة فى تاريخ الموسيقى والغناء العربي، واعتبر النقاد أغنيتهما "الأطلال" أفضل أغنية عربية فى القرن العشرين على الإطلاق.
بداية لقاء أم كلثوم ورياض السنباطي
كان اللقاء الأول بين رياض السنباطي كوكب الشرق في فيلم، “وداد”، و بعد أن وضع السنباطي لحن أغنية، “على بلد المحبوب وديني”، رفضت أم كلثوم غناءها لأنها اعتبرت اللحن شعبي، ولا يتناسب معها، ولم تكن مقتنعة بمستوى اللحن أيضًا وراته لا يليق بها ، وعرضت الأغنية بالفعل في الفيلم، و لكن بصوت المطرب داوود حسني.
وبعد عرض الفيلم في عام 1935، لاقت الأغنية نجاحًا وتفاعلًا كبيرًا من الجمهور، وهنا أدركت أم كلثوم النجاح الكبير للأغنية بعد فترة من عرض الفيلم، وقامت بتسجيلها بصوتها في أسطوانة، لتبدأ الرحلة بينهما بجملة “على بلد المحبوب وديني”، ويدخل السنباطي مشروع أم كلثوم في أطواره الأولى.
قدم الموسيقار رياض السنباطي أعماله فنية تجاوزت حاجز الألف لحن، كان نصيب كوكب الشرق منها 282 أغنية وقصيدة، تضم أعظم ما تغنت به منها
رباعيات الخيام
افرح يا قلبي
غلبت أصالح في روحي
سهران لوحدي
أروح لمين
عودت عيني
حيرت قلبي معاك
لسه فاكر
ثورة الشك
أراك عصي الدمع
الحب كده
قصة الأمس
أقولك إيه عن الشوق
جددت حبك ليه
هجرتك.
.ليلي ونهاري
الأطلال.
كما لحن لها عدد من الاغاني الدينيه منها:
رابعة العدوية
على عيني بكت عيني
عرفت الهوي
يا صحبة الراح
تائب تجري دموعي ندمًا
حديث الروح
قام رياض السنباطي أيضا بتلحين عدد هائل من الألحان الوطنية لأم كلثوم تجاوز 33 لحن منها ثلاث أغنيات غنتها أم كلثوم للرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، الأولى كانت بعد حادث المنشية عام 1954، بعنوان "يا جمال يا مثال الوطنية".
: ومن أبرز هذه الألحان الوطنية
قصيدة النيل
مصر تتحدث عن نفسها
وقف الخلق ينظرون
مصر التي في خاطري
قصة السد
طوف وشوف
مصر التى فى خاطرى
راجعين بقوة السلاح
كما لحن أغنية “رسالة إلى جمال عبدالناصر”، التي غنتها أم كلثوم، في ليلة وفاة عبد الناصر، من كلمات نزار قباني.
خصام أم كلثوم ورياض السنباطي
وعلى الرغم من علاقة الصداقة الكبيرة التي جمعت بين أم كلثوم ورياض السنباطي على مدار 40 عاما، إلا أن الخلافات دبت بينهما واستمرت طيلة أربع سنوات من القطيعة.
وبدأت الحكاية عندما كانا يحضران لأغنية "يا طول عذابى"، فاعترضت أم كلثوم على جملة وطالبت السنباطى بتغييرها بعد أن قالت له: "تكرار للقصبجى"، الجملة التي ذكرتها لم تمر مرور الكرام، فغضب السنباطى ورفض تغيير المقطع، وكسر العود وخرج مسرعا من بيتها، وبدأت بينهما القطيعة التي استمرت فترة طويلة.
وصرح رياض السنباطي إن من ضمن أسباب الخلاف أيضا كان خلافات مالية وخلافات أدبية، منها خلاف مادي بينهم وهو عندما عارضت أم كلثوم تسجيل ألحان رياض السنباطي على إسطواناتٍ، لأنه تقاضى ثمن تسجيل هذه الألحان وقام ببيعها لها بيعاً كلياً، وليس من حقه تقاضي ثمن التسجيل، عى إسطواناتٍ
وكان غاضب جدا من أم كلثوم لأنها بالرغم من أنه قدم لها عصارة فنه وخلاصة أنغامه لا تزال تتردد فى الاقتناع بألحانه بالرغم من النجاح الذي حققته معه .
بينما رأت أم كلثوم أن سببها تكاسل السنباطي عن التجديد في العمل، وبسبب هذا الخلاف اتجهت أم كلثوم لمدة ثلاث سنوات للتعاون مع ملحنين آخرين مثل محمد الموجي وبليغ حمدي، واتهمت السنباطي بتكرار الألحان في الأغنية الواحدة، لذا فهو يستحق مقابل مادي أقل من المتفق عليه.
وكان رد فعل رياض السنباطي على هذا الخلاف أنه كان ينتقد في أغاني أم كلثوم في حواراته الصحفية، واصفًا أغانيها أنها شعبية
وصرح رياض السنباطي في حواراته الصحفية: “قلب أنغامي أُغلق إلى الأبد فى وجه صوت أم كلثوم أعظم صوتٍ سمعته فى حياتى ولا أنوي أن أراها أبداً، انقطعت صلتى بها تماماً”.
وقال رياض السنباطي أيضا : "لقد نفضت يدي وموهبتى من التلحين لأم كلثوم مرة أخرى، ولأول مرة فى حياتى أصمم فيها آسفاً على ألا أتعاون مع صوتٍ من الأصوات".
وكان يري الملحن الوحيد الذي يمكن أن يحل مكانه لدى أم كلثوم هو الشيخ زكريا احمد.
لكن سرعان ما عادت علاقتهما لطبيعتها حتى وفاة أم كلثوم، وتصالحت كوكب الشرق مع رياض السنباطي وذلك بعد تدخل الأصدقاء والمقربين من أم كلثوم، و قرر رياض السنباطى العودة للعمل معها من جديد وقدم لها ألحانا عظيمة من بينهما
فاكر لما كنت جنبى
ظلموني الناس
ليلي ونهاري
جددت حبك ليه
أجمل ما قاله رياض السنباطي عن أم كلثوم:
ومن أجمل ما قاله رياض السنباطي عن كوكب الشرق ام كلثوم:
"إن قبول أم كلثوم للحنٍ من الألحان يعتبر «دكتوراة» لصاحب اللحن، وان من أعز آمال محمد عبد الوهاب عميد التلحين أن يسمع صوت أم كلثوم فى أحد ألحانه".
- قدم الموسيقار رياض السنباطي خلال مسيرته الفنية عدد من الألحان الخالدة تجاوزت حاجز 539 عملاً في الأوبرا العربية والأوبريت والاسكتش والديالوج والمونولوج والأغنية السينمائية والدينية والقصيدة والطقطوقة، كما قدم عدد من المؤلفات الموسيقية والتي بلغت 38 قطعة موسيقية ، وتعاون مع 120 شاعر من أكبر وأبرز شعراء الوطن العربي.
أبرز من تغنوا من الحانه أم كلثوم، منيرة المهدية، فتحية أحمد، صالح عبدالحي، عبدالغني السيد، أسمهان، هدى سلطان، فايزة أحمد، سعاد محمد، وردة، ميادة الحناوي، سميرة سعيد، ابتسام لطفي طلال مداح، عزيزة جلال.
لحن رياض السنباطي لنجاة الصغيرة واحدة من أشهر أغنياتها وهي الأغنية الدينية "إلهي ما أعظمك" من كلمات حسين السيد التي غنتها نجاة عام 1963، كما لحن لعبد المطلب أغنية "شفت حبيبي" من كلمات الشاعر عبد الباسط عبد الرحمن.
ومن الألحان الرائعة التي قدمها السنباطي أيضًا لحن أغنية "إن كنت ناسي أفكرك" للفنانه العظيمة هدى سلطان ومن كلمات محمد علي أحمد، كما قدم للمطربة الكبيرة وردة أعظم أغانيها وهي “لعبة الأيام”
وقدم الشحرورة صباح احلى اغانيها وهي أغنية:"راحت ليالي وجت ليالي":
ووصفها رياض السنباطي هي وشادية بأنهم أفضل الأصوات التي تغنت بالأغاني الخفيفة.
كان رياض السنباطي يحلم أن يقدم ألحان بصوت موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وكان من الأصوات التي يفضلها ويعتبرها في المقدمة وبنفس الترتيب على الساحة الفنية آنذاك، من الأصوات النسائية:
أم كلثوم .. سعاد محمد .. نجاة الصغيرة.. فايزة أحمد.
ومن المطربين الرجال
محمد عبد الوهاب.. عبد الحليم حافظ..محمد قنديل.. محمد عبد المطلب
نال الموسيقار رياض السنباطي العديد من الجوائز والتقديرات
، منها :
وسام الفنون من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1964 - وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس محمد أنور السادات - جائزة المجلس الدولي للموسيقى في باريس عام 1964
جائزة الريادة الفنية من جمعية كتاب ونقاد السينما عام 1977 - جائزة الدولة التقديرية في الفنون والموسيقى -
كما نال درجة الدكتوراه الفخرية لدوره الكبير في الحفاظ على الموسيقى من أكاديمية الفنون .1977
يعتبر رياض السنباطى هو الموسيقى العربى الوحيد الذى نال جائزة اليونسكو العالمية عام 1977، باعتباره الموسيقى المصرى الوحيد الذى لم يتأثر بأي موسيقى أجنبية وكانت ألحانه من أعظم الألحان تأثيرا على منطقة لها تاريخها الحضارى
دخل رياض السنباطي عالم السينما أيضًا عام 1952 وقدم فيلم "حبيب قلبي"، ورغم نجاح الفيلم، لكنه لم يكرر التجربة حيث رأى أن التلحين هو عالمه وليس التمثيل.
رحل بلبل الفن المصري الموسيقار رياض السنباطي عن عالمنا فى 10 سبتمبر 1981 تاركا وراءه إرثا عظيماً من الألحان البديعة الخالدة التي تعيش معنا حتى الآن.
رحم الله الموسيقار رياض السنباطي لن ننساك ابدا.