#الثائر
باتت القوى السياسية في لبنان مستسلمة لواقع عدم قدرتها على اجتراح حلول للأزمة الرئاسية المستمرة منذ خريف العام الماضي، وهي تنتظر ما سيحمله الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذي يصل إلى بيروت الأربعاء.
وبعكس ما يروج بعضهم، يبدو شبه محسوم أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ليس بصدد الدعوة لجلسة جديدة لانتخاب رئيس قبل عيد الأضحى، وهو ما أكدته مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط»، علماً بأن بري نفسه كان قد قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «سيتريّث في الدعوة إلى جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، بانتظار تبلور الحراك الإقليمي والدولي الجاري حالياً».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن لودريان، مبعوث الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي سيبدأ لقاءاته باجتماعات يعقدها مع رئيس مجلس النواب بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورؤساء أحزاب وكتل نيابية، سيلتقي يوم الجمعة المقبل مع عدد من نواب «التغيير» ونواب مستقلين في مقر السفارة الفرنسية في بيروت. ويقول أحد نواب «التغيير» الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن «المؤشرات لا توحي بانقلاب فرنسي على الموقف السابق ولا على المبادرة الفرنسية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «باريس لا تزال مقتنعة بأن الحل البراغماتي السريع هو السير بترشيح سليمان فرنجية مع دعوة المعارضة والقوى المعترضة لتحصيل مكاسب في مواقع أخرى». ويضيف المصدر «في كل الأحوال، سنستمع إليه يوم الجمعة ونبني على الشيء مقتضاه».
لودريان مع الرئيس إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت في زيارة لشمال غربي فرنسا يوم 5 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
وتشير معلومات «الشرق الأوسط» إلى احتمال أن يعدّل الفرنسيون مبادرتهم باضافة منصبي حاكمية مصرف لبنان (المصرف المركزي) وقيادة الجيش إلى سلة الحل. وفيما تحدثت بعض المعلومات عن أن قطر التي زارها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل مؤخراً، لا تزال تحاول إقناعه بالسير بقائد الجيش العماد جوزيف عون مرشحاً رئاسياً، قال النائب في تكتل «لبنان القوي» شربل مارون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة رئيس «التيار الوطني» لقطر «محطة من محطات التواصل القائمة» مع الدوحة، و«لا ترتبط بملف معين خصوصاً الملف الرئاسي الذي نعتبره ملفاً سيادياً بامتياز، ونرفض أن يتم التباحث بأسماء المرشحين الرئاسيين خارج الحدود». ولفت إلى أن رئيس «التيار» عرض في زيارته الوضع الاقتصادي في لبنان، وكيف يمكن لقطر أن تدعم الشعب اللبناني للنهوض من أزمته. وأشار مارون إلى أن مرشحهم الرئاسي لا يزال الوزير السابق جهاد أزعور لكنهم «منفتحون» على خيارات رئاسية جديدة إذا كان ذلك يفضي لانتخاب رئيس، لافتاً إلى أن «لودريان يأتي في مهمة استطلاعية للاستماع لكل الأفرقاء ونقل المواقف للقيادة الفرنسية بعد التجاذب الذي حصل والمعادلات الجديدة التي رسختها الجلسة الـ12 لانتخاب رئيس».
من جهتها، أشارت مصادر حزب «القوات اللبنانية» إلى أن «جولة لودريان الأولى بعد تسليمه مؤخراً الملف الرئاسي اللبناني ستكون استطلاعية»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «يأتي خالي الوفاض وسيذهب محملاً بمواقف القوى اللبنانية». وأضافت «ستكون له جولات مكوكية وسيأتي كثيراً إلى لبنان».
وكان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع قال إنه ينتظر ما سيقوله لودريان «لكنني لا أتوقع أمراً غير عادي، خاصة أن المشكلة تكمن في الزعماء المحليين. انطلاقا من هنا، أشك في تحقيق اختراق على هذا المستوى»، ما لم يتم الضغط على إيران «لتدفع (حزب الله) باتجاه تليين موقفه، وهو أمر غير محتمل».
وفي هذا الإطار، يبدو محسوماً أن «الثنائي الشيعي»، المتمثل بـ«حزب الله» وحركة «أمل»، ليس بصدد التراجع عن مرشحه سليمان فرنجية، وإن كانت مصادر نيابية تعتبر أن «تمسك رئيس المجلس النيابي نبيه بري (وهو رئيس حركة أمل) بفرنجية أقوى من تمسك (حزب الله) به».
ووفق المعلومات، فقد أبلغ هذان الطرفان من يعنيهم الأمر بأنهما ليسا بصدد القبول على الإطلاق بطروحات مثل الدعوة إلى التخلي عن فرنجية قبل الجلوس إلى طاولة حوار مع بقية القوى. وهو ما عبّر عنه مؤخراً عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق الذي أكد أن «حزب الله» وحركة «أمل» يجددان الموقف الوطني الداعي إلى حوار غير مشروط على مستوى المرشحين والمشاركين، لافتاً إلى أن الحزب والحركة «لم يفرضا الشروط على أحد، ولم يطلبا تخلي الآخرين عن مرشحهم من أجل الحوار، وإنما جماعة التحدي والمواجهة هم من يضعون شرطاً مسبقاً للحوار بأن يتخلّى (حزب الله) وحركة (أمل) عن مرشحهما، وهذا هو الفرض بحد ذاته».