#الثائر
آثر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إحياء الذكرى الـ18 لاغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري بصمت، رافضاً مخاطبة آلاف المناصرين الذين وافوه إلى الضريح بأي كلمة كي لا يضفي على المناسبة بُعداً سياسياً يخرجها عن رمزيتها.
وأوضح قيادي في «المستقبل» أن الحريري صارحهم، بأن «مكوثه في لبنان لن يدوم سوى أيام قليلة»، وأن «العزوف عن العمل السياسي ما زال قائماً».
القيادي، الذي رفض ذكر اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الحريري «سيعطي الأولوية في المرحلة المقبلة لمتابعة شؤون الناس، وتقديم الخدمات والمبادرات الاجتماعية والصحية للأسر المحتاجة سواء عبر تيار المستقبل، أو عبر الجمعيات الأهلية التي تتكفّل إيصال المساعدات للمحتاجين». وذكّر الحريري، وفق ما نقل القيادي نفسه، بأن «الناس عرفت والده رفيق الحريري من خلال خدماته في بناء المدارس والمؤسسات الاجتماعية وتقديم المنح التعليمية وتخفيف معاناة اللبنانيين إبان الحرب الأهلية وبعدها، وإن رفيق الحريري وصل إلى رئاسة الحكومة كرجل دولة وليس رجل سلطة»، معتبراً أن سعد الحريري «غادر العمل السياسي عندما أدرك أن مشروع بناء الدولة مستحيل في ظل الوضع القائم».
ويرجّح أن تحفل الساعات التي تسبق مغادرة الحريري بيروت، ببعض اللقاءات السياسية التي تطالبه بالعودة لممارسة عمله السياسي والوطني، وهذا ما برز من خلال اتصال الرئيس السابق ميشال عون به، حيث جدد التعزية باستشهاد والده. وتمنى عليه «العودة إلى لبنان بعد طول غياب، لأن الوطن بحاجة اليوم إلى جميع أبنائه وطاقاته». كما دعا الرئيس نبيه بري في المناسبة إلى «التحلي بالمناقبية السياسية التي آمن بها الراحل الكبير توافقاً وشراكة وقبولاً بالآخر، وبذلك نمنع اغتيال الطائف واغتيال لبنان الذي استودعه الشهيد رفيق الحريري والشهداء كل الشهداء أمانة في أعناق جميع اللبنانيين ونحفظه وطناً واحداً موحداً لكل أبنائه».
إلى ذلك، اعتبر القيادي في تيار «المستقبل» النائب السابق محمد الحجار، أن الحريري «لم يتخذ قراراً ارتجالياً عند تعليق عمله السياسي، بل جاء نتيجة مراجعة وقراءة متأنية لتجربته في الحكم». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الظروف التي أملت تعليق العمل السياسي ما زالت قائمة، إذ إن «الذهنية الحاكمة ما زالت قائمة، والأحداث التي يعيشها لبنان تثبت صوابية هذا الخيار».
وحول مطالبة الكثيرين الحريري بالعودة للعب دور سياسي «ليعود التوازن إلى الطائفة السنية»، شدد الحجار على أن «كل الطوائف اللبنانية تعيش المأزق في هذه المرحلة». وأشار إلى أن المواطن اللبناني «يحتاج إلى الكهرباء والمياه وإلى نظام صحي وأمن اجتماعي وحياتي، وبالتالي فإن سعد الحريري لا يتحمّل مسؤولية ما يسمى الإحباط السني»، مؤكداً أن «مشكلة لبنان تكمن في ارتهان أطراف داخلية للخارج، واتخاذ لبنان رهينة على طاولات المقايضات التي تحصل في الخارج».
وفي وقت أكّد فيه جمهور تيار "المستقبل" أنّه موجود، كان الحريري يمرّر الرسائل مباشرةً ومواربةً، إما من خلال الحشد الشعبي عند الضريح، وإما من خلال المواقف التي أطلقها من بيت الوسط، قبل وبعد زيارته الضريح وفقا ل"الأنباء" الالكترونية. اذ بعد عام وشهر على إعلانه تعليق عمله السياسي، كان للحريري أول موقف في السياسة، رأى فيه أن "سوء الإدارة" كان السبب خلف ما وصلت إليه البلاد، مشدّداً على أن الطائفة السنّية "لا تعرقل" استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، معتبراً أن كلّ من قرّر أن يحمي حقوق الطائفة "حرق دينها"، مؤكداً إكمال المشوار مع "ناسه".
هي المواقف الأولى من نوعها، لكن مصادر متابعة لم تر فيها مؤشراً جديًا على عودة الحريري الى السياسية، إذ تُشير هذه المصادر إلى أن "الأسباب التي أدّت إلى اعتكاف الحريري قائمة وتزداد، وبالتالي العودة دون أي تغيّر في المشهدية ستكون ضد مصلحة الحريري، وليست في صفّه".
وتلفت المصادر في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "مهاماً عدّة تنتظر الحريري بحال قرر العودة، لا شك أن أولها يكمن في إعادة تنظيم تياره السياسي خصوصاً بعد الانتخابات النيابية العام الماضي".