#الثائر
- " فادي غانم "
انتهت فرصة الأعياد، وعاد وسافر من جاء لقضاء العطلة، وعاود الدولار صعوده، والمسؤولون نكدهم، ومهاتراتهم، أما غالبية اللبنانيين لم يتغيّر عليهم شيء، سوى رقم واحد في رزنامة سنوات العمر.
"راحت السكرة واجت الفكرة" فالأيام القادمة تحمل برداً على الجبال، وعلى جيوب المواطنين، الفارغة مثل بطونهم الجائعة، والتي لا يشعر بها كبار القوم المتخمين بأفخر الوجبات الأجنبية، من سوشي وسلمون وكافيار مدعوم من حاكم البنك المركزي، وماركات الوسكي والنبيذ الفاخر والكاجو، وطبعاً بالهم مرتاح ومطمئن، على مليارات الدولارات التي هربوها إلى الخارج، ولن يقف أي واحد منهم ينتظر دوره أمام مصرف، ليتقاضى راتبه الذي لا يزيد على مئة دولار.
عاد الجميع إلى متاريسهم، فكل فريق يريد أن يحدد هو اسم الرئيس المقبل للجمهورية، ويضع له الشروط والمقاييس، مرة باسم الطائفة، ومرة باسم التمثيل النيابي، ومرة باسم المشروع الاقتصادي، ومرة باسم المصلحة السياسية وعدم الطعن بالظهر، والف شرط وشرط، حتى يتخيل المرء أن الرئيس المقبل، يحتاج الى شخص مغامر، يقدم على مهمة انتحارية.
فكيف لرئيس مقيّد ومكبل بكل هذا الكم من الشروط، ومجبر على إرضاء كل الأطراف، رغم تناقضات مصالحها وأهوائها، أن يتمكن من إداء دوره كرئيس يُنقذ الوطن من محنته؟؟؟
لا شك أن الرئيس المقبل عليه أن يكون "بسبعة أرواح" وسنكون من جديد أمام "ما خلونا"!
نعم هي ليست مزحة، فلبنان قائم على سياسة التعطيل المتبادل، فالرئاسة معطلة، ومجلس الوزراء معطل، والمجلس النيابي والمدارس والقضاء وكافة ادارات الدولة مشلولة، ولا تعمل، ووحده المواطن الفقير يجاهد منذ الصباح، بحثاً عن لقمة العيش، وبعض الحطب للتدفئة، وأي عمل ممكن لتوفير بعض المال، لدفع الفواتير المتعددة، والمحسوبة على سعر الدولار، من الهاتف، الى الكهرباء، وأقساط المدارس، وحتى رغيف الخبز.
"راحت السكرة واجت الفكرة" وعادت بلطجة المصارف، ومشاريع الكابيتال كونترول، الذي في صلبه القضاء على ودائع صغار المودعين، والحفاظ على ودائع كبار المودعين، عن طريق بدعة مودع مؤهل ( حوّل وديعته الى دولار قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩) ومودع "غير مؤهل" حوّل وديعته الى دولار، بعد يوم أو أكثر من هذا التاريخ، وهؤلاء جلّهم من صغار المودعين، من موظفين، ومغتربين هاجروا بحثاً عن عمل وادّخروا بعض المال.
يبشرنا المسؤولون بأيام قادمة صعبة وبطول امد الفراغ وكأنهم جماعة عرافين وليسوا هم من سبب هذه الأزمات التي باتت تخنق المواطنين ولا باعتبار أنهم هم المعني بإيجاد الحلول وإنقاذ الوطن.
تحول اللبنانيون إلى متسولين على أبواب المصارف، بفضل تعاميم سلامة العشوائية، وبفضل نواب ووزراء، جل اهتمامهم أين وكيف سيرفهون أنفسهم ويمضون ليلة العيد. نواب استنكفوا عن القيام بواجباتهم الانتخابية والتشريعية، وحولوا مجلس النواب إلى مسرح المدينة، لعروض هزلية، تقزز السامع والرائي. والأنكى من كل ذلك، أن بعض هذا الشعب المستكين الخانع، من الذين ما زالوا يطبلون ويزمرون، خلف من دمر الوطن، ويمجدونهم كأبطال ومنقذين.
"راحت السكرة واجت الفكرة" وكل يوم تغرق البلاد والعباد أكثر فأكثر في المذلة والمهانة، ونصحوا كل يومٍ على مزيد من المسؤولين الأفّاكين، يملؤون الشاشات، ويصدحون بالكذب والنفاق والرياء، فيما هم سبب البلية والبلاء.
"راحت السكرة واجت الفكرة" لنفيق كل يوم على كإرثة جديدة في هذا الوطن، ولا من يسأل ولا من يحاسب، والكل في غيبوبة وسبات، فلن يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بانفسهم.
يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.