#الثائر
- " فادي غانم "
الشعب في وادٍ والرعاة في وادٍ آخر، بل في عالم آخر، فبعد سرقة المال العام، وتهريب ودائع المسؤولين إلى الخارج، وإغراق الإدارات في المحسوبيات والفساد، جاء دور تصفية الحسابات والكيد السياسي، والإمعان في إطالة أمد الفراغ الرئاسي، وشل مؤسسات الدولة، بدءاً من مجلس الوزراء ومجلس النواب والقضاء، وحتى آخر دائرة رسمية.
المواطن يبحث عن قوت يومه وعن حبة دواء، ومرضى يموتون على أبواب المستشفيات، بعد أن فرغت جيوبهم من آخر فلس، فيما سطت المصارف على كل مدخراتهم وجنى العمر، وترفض إعطاء المودع حتى القليل القليل من أمواله، وذلك وفقاً لقرارات النهب والسرقة العلنية، بمباركة المسؤولين، وتعاميم ظالمة جائرة من حاكم المصرف المركزي، حيث يأخذ المودع دولاراته وفق سعر ٨ آلاف ليرة للدولار، فيما تجاوز سعره ٤٣ الف ليرة، ووصل الى ٤٨ الف ليرة، في السوق السوداء.
أما كبار القوم من المودعين، فهم طبعاً ليسو بحاجة إلى تطبيق تعاميم حاكم المركزي، وينفقون من أموالهم المهربة الى الخارج، بعد أن تقاضوا خلال ثلاث عقود، مبلغ أكثر من ٧٠ مليار دولار فوائد على ودائعهم في المصارف ولدى الدولة، وهؤلاء نسبتهم ٢٪ فقط من المودعين، أمّا باقي المودعين، أو صغار المودعين كما يحلوا للبعض تسميتهم، فهم تقاضوا فقط ٢٠ مليار دولار، كفوائد خلال ٣٠سنة الماضية، والآن يتم تحميلهم مسؤولية الانهيار، وتصفية ما تبقى لديهم من أموال جمعوها بعرق جبينهم، وما زالت محتجزة لدى البنوك.
رغم كل هذه المأساة، يبدو الشعب خاملاً، وحتى أن قسماً كبيراً منه يلهث خلف زعماء فاسدين، يمنّون عليه ببعض فُتات ما سرقوه من خزينة الدولة.
تداعت الثورة وتلاشت الصرخات، لأن الثورة الحقيقية تكون ثورة على الذات، وما لم ينتفض كل مواطن على هذا الفساد المستشري، في السياسة والإدارة وكل شيء، سيبقى القديم على قِدمه، والمسؤولون يتاجرون بالشعب، باسم الطائفية، وحقوق الطوائف الموهومة، التي سخّروها ويسخرونها لتنفيذ مآربهم ومصالحهم الشخصية.
رغم الغيوم السوداء فهناك دائماً بارقة أمل، فهذا الوطن الصغير يزخر بالكفاءات والمبدعين، الذين يبعثون رسالة أمل بنهوضه وعودته إلى الحياة، ويحافظون على بيئته وجماله الطبيعي، ويزرعون الإخضرار والفرح في ربوعه، ويبقونه على خارطة المحافل والنشاطات الدولية، من خلال الجمعيات؛ الانسانية، والبيئية، خاصة في اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لصون الطبيعة IUCN، وجمعية اندية الليونز الدولية LIONS اللتين تعملان بكل طاقاتهما، للحفاظ على ثرواتنا الطبيعية، من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا وشعبنا.
مع قدوم عام جديد، تبقى رسالة الأمل، وأطيب تمنياتنا لكم، بعام ملؤه الخير والصحة والسعادة، وعودة الإزدهار والطمأنينة إلى ربوع الوطن.
كل عام وأنتم بالف خير.