#الثائر
كشفت التحقيقات في تفجير شارع الاستقلال بميدان تقسيم في إسطنبول عن معلومات جديدة وقادت إلى القبض على أحد المتعاونين مع مخططي العملية الإرهابية التي وقعت الأحد الماضي وخلفت 6 قتلى و81 مصابا، فيما انتقد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو الموقف الأميركي ووسائل إعلام أميركية وغربية تناولت التفجير من منظور تأثيره على السياحة في تركيا.
وألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على تركي يدعى حسين غونيش، لمساعدته في تهريب بلال حسن الذي رافق منفذة التفجير الإرهابي أحلام البشير إلى ميدان تقسيم ومعها المتفجرات وغادر قبل الانفجار.
وحدد المتهم عمار جركس، السوري الذي وصفته السلطات التركية بالعقل المدبر لتفجير شارع الاستقلال، في إفادته هوية حسين غونيش، الذي ألقت السلطات القبض عليه بعدما أفاد جركس بأنه استقبل بلال حسن في ولاية أردنة الحدودية مع اليونان وبلغارياـ شمال غربي تركيا، ومكنه من الهروب إلى خارج تركيا.
وقالت مصادر أمنية إن التحقيقات الأولية مع جونيش كشفت عن أنه عضو في عصابة لتهريب البشر، وإنه من خلال إفادته تبين أن الخطة كانت تتضمن تهريب بلال حسن وأحلام البشير معا، لكن طرأت عليها تغييرات.
في الوقت ذاته، زعم عمار جركس، أمام محكمة الصلح والجزاء في إسطنبول لدى النظر في قرار توقيف المشتبهين، أنه لا يعرف بلال حسن الذي فر إلى ولاية أدرنة، قائلا إنه يعمل سائق سيارة أجرة غير مرخصة، وأن شخصا يدعى «خليل منجي» ويقيم في مدينة القامشلي السورية، طلب منه نقل أحلام البشير «من دون أن أدري أي شيء، والمكان الذي قبض عليها فيه هو منزل جارنا، وعندما كنا في ذلك المنزل أردنا إبلاغ الشرطة عندما شاهدنا صورتها لكن الشرطة جاءت قبل أن نقوم بالإبلاغ».
وقامت الشرطة التركية، الجمعة، بنقل 17 متهما، بينهم منفذة التفجير، إلى سجن مرمرة في إسطنبول عقب خضوعهم لمسح طبي، وذلك بعدما أمرت الدائرتان الثالثة والرابعة في محكمة الصلح والجزاء الثالثة والرابعة المناوبتين بإسطنبول، بحبس 17 مشتبها بهم بتهمة «تقويض وحدة الدولة وسلامة الوطن» و«القتل العمد» و«محاولة القتل العمد» و«المساعدة على القتل عمدا» والإفراج المشروط بالخضوع للرقابة القضائية عن 3 آخرين وترحيل 29 من المشتبه بهم.
وتولى 29 مدعيا عاما في نيابة إسطنبول استجواب 49 مشتبها بهم في قضية تفجير شارع الاستقلال عقب إتمام إجراءاتهم في مديرية أمن إسطنبول.
في الوقت ذاته، كشفت مصادر أمنية عن أن منفذة التفجير قامت في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بجولة استطلاعية في شارع الاستقلال، وأن أجهزة الأمن توصلت إلى لقطات كاميرا تظهر اللحظات التي قامت فيها بالتجول في شارع الاستقلال قبل 9 أيام من تنفيذ العملية الإرهابية.
وكانت البشير اعترفت بقيامها بعمليتي رصد واستطلاع في منطقة تقسيم، قبل التفجير، وأنها قامت بجولة رفقة «ياسر ك.» في منطقة «بي أوغلو» وسارا في شارع الاستقلال، ووصلت إلى منطقة تقسيم في يوم التفجير رفقة «ياسر ك.» و«بلال حسن»، حيث قام الأخير بتسليمها الحقيبة التي تحتوي المتفجرات وغادر بحجة أن لديه التزامات أخرى، مشيرة إلى أنها توجهت لاحقا إلى موقع التفجير وجلست على المقعد الذي تركت عليه حقيبة المتفجرات، لتغادر المكان فيما بعد باتجاه ميدان تقسيم، عقب تلقيها اتصالاً يأمرها بذلك.
واعترفت الإرهابية البشير بأنها تلقت الأمر بتنفيذ الهجوم من مسؤول كبير في الوحدات الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني يحمل الاسم الحركي «حاجي»، وأنها دخلت إلى تركيا عبر عفرين بعد أن مكثت في مدينة منبج لمدة شهرين.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في تصريحات الجمعة، إن أجهزة الأمن تواصل فك تشفير الهيكل الكامل الذي يقف وراء هجوم شارع الاستقلال، لافتا إلى أن الأمر بالتنفيذ جاء من منبج في شمال سوريا. أضاف: «وجدنا الجاني، والآن نقوم بفك تشفير الهيكل بأكمله الذي يقف خلفه… نواجههم كل ثانية، من قبل كان هجوم مرسين بأوامر من منبج، والآن هجوم شارع الاستقلال صدرت الأوامر به من منبج».
وكان صويلو انتقد دعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل غالبية قوام تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا، باعتبارها حليفا في الحرب على «داعش».
وأثارت مسألة السيطرة على منبج خلافا بين الولايات المتحدة وتركيا منذ العام 2018. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مايو (أيار) الماضي أن تركيا ستنفذ عملية عسكرية تستهدف منبج وتل رفعت لمنع الهجمات على تركيا، لكن الولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأوروبي وروسيا وإيران رفضوا أي تحرك عسكري جديد لتركيا في المنطقة.
في السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام تركية عن الرئيس المشارك السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، الذي تشكل الوحدات الكردية ذراعه العسكري، أن منفذة تفجير تقسيم مرتبطة بالجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، وأن التفجير هو «مؤامرة ضد أكراد سوريا نفذتها القوات الخاصة التركية، حيث يرغبون في الهجوم على مناطق سيطرة الإدارة الكردية في شمال سوريا بذريعة هجوم إسطنبول».
وقال مسلم: «لا أحد في منطقتنا يعرف منفذة الهجوم، وبالنظر إلى حسابات التواصل الاجتماعي، يتضح أن لها صلات مع مجموعات مثل الجيش الوطني السوري، وهناك صور التقطت لها مع شعارات تنتمي إلى فصيل «السلطان مراد» الموالي لتركيا… إنها ليست كردية وليس لها علاقات مع الأكراد والإدارة الذاتية الكردية في شمال وشمال شرقي سوريا».
إلى ذلك، انتقد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الطريقة التي غطت بها وسائل إعلام أجنبية التفجير الإرهابي في إسطنبول وتناولها له من زاوية السياحة في تركيا فقط.
وقال جاويش أوغلو، في تصريحات الجمعة عقب وضعه زهورا في موقع التفجير في شارع الاستقلال بمدينة إسطنبول تكريما للضحايا، إن بعض وسائل الإعلام الأجنبية، ومنها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تناولت الهجوم الإرهابي من زاوية تأثيره على السياحة فقط، مستنكرا ذلك بقوله: «طالما تتحدث عن حقوق الإنسان فلماذا تتناول التفجير من زاوية السياحة فقط».
الشرق الأوسط