#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
يهدد الرئيس ميشال عون بتوقيع مرسوم قبول استقالة حكومة تصريف الأعمال الحالية، لمنعها من ممارسة أي صلاحيات بعد انتهاء عهده الرئاسي، ويثور جدل حول مفاعيل ودستورية هذه الخطوة، فماذا يقول الدستور والقانون؟؟؟.
انطلاقاً من ضرورة استمرار الدولة وعدم جواز الفراغ في المرفق العام، نص الدستور اللبناني على كيفية ادارة السلطة التنفيذية، في حالتي: استقالة الحكومة، (وهذا يحدث عند؛ استقالة رئيسها، أو وفاته، أو فقدانها أكثر من ثلث أعضائها) أو حالة اعتبارها بحكم المستقيلة ( وهذا يحدث عند بدء ولاية مجلس نيابي جديد، أو بدء ولاية رئيس جديد للجمهورية، أو نزع ثقة البرلمان من الحكومة) .
ووفقاً للمادة ٦٤ من الدستور، عندما تصبح الحكومة في أحدى هذه الحالات، فهي لا تمارس أعمالها إِلَّا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ويتوجب على رئيس الجمهورية إصدار مرسوم، يكلّف فيه الحكومة بتصريف الأعمال، ولكن هذا المرسوم هو إعلاني وليس إنشائي أو تأسيسي، (يعترف بذلك ويؤكده النائب في تكتل لبنان القوي سيزار ابي خليل) وهذا يعني أن الحكومة عليها تصريف الأعمال، حتى ولو لم يُصدر رئيس الجمهورية مرسوم تكليفها بذلك، لأن تصريف الأعمال هو مبدأ دستوري، نصت عليه المادة ٦٤ بكل صراحة ووضوح.
فالدستور يفرض على الحكومة المستقيلة الاستمرار بتصريف الأعمال في إدارات الدولة، حتى تشكيل حكومة جديدة، عندها يقوم رئيس الجمهورية بتوقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة القديمة، ومرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، في نفس الوقت، منعاً للفراغ الدستوري في إدارة الدولة.
هذه المراسيم التي يوقعها الرئيس هي بمثابة إعلان عن الوضع القائم، ولا تغيّر في واقع حكومة تصريف الأعمال، ولا في صلاحياتها.
ضرورة إصدار المرسوم والنتائج المترتبة عليه:
استناداً إلى توزيع المسؤوليات بين الحكومات، فإن تاريخ توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، هو تاريخ انتقال المسؤولية من الحكومة القديمة إلى حكومة جديدة، ولا تبعة قانونية على أعمال الوزراء (القديم أو الجديد) إِلَّا اعتباراً من هذا التاريخ، فالمرسوم هو يحدد التاريخ الفاصل لانتقال المسؤولية عن المرفق العام وهذه المسؤولية لا تقبل الانقطاع أو الغياب أو الفراغ.
يمنع الدستور الفراغ في المرفق العام، وبالتالي فإن توقيع رئيس الجمهورية مرسوم قبول استقالة حكومة تصريف الأعمال، وإنهاء صلاحياتها، وإدخال المرفق العام في الفراغ، وشل مؤسسات الدولة وتعطيلها عن العمل، أمر خطير للغاية، يهدد مصلحة الدولة ووحدتها ووجودها ككيان سياسي، وهو مخالفة لنص الدستور، وقد يعرّض الرئيس في حال فعل ذلك، للملاحقة بتهمة خرق الدستور والخيانة العظمى.
فهل سيُقدم الرئيس عون على خطوة، تنطوي على ارتكاب مخالفة للدستور والمغامرة بمصير لبنان، في آخر يوم من عهده؟
لا شك أن توقيع الرئيس عون لهذا المرسوم سيخلق إشكالية سياسية ودستورية، لكن بقاء الدولة أهم من بقاء الأشخاص، واستمرار الإدارة وعدم جواز الفراغ في المرفق العام هو مبدأ عام، لا يمكن خرقه، لذلك فإن توقيع الرئيس عون لمرسوم استقالة الحكومة دون تشكيل حكومة جديدة، هو خرق ليس فقط للدستور بل أيضاً للعرف العام المتبع في لبنان، وخطوة مناقضة لمبدأ الدعوة إلى بناء الدولة، واحترام الدستور .
في الجانب السياسي ستُحرج خطوة رئيس الجمهورية، إذا حصلت، حلفاءه قبل أخصامه، فترك البلد دون إدارة مسؤولة هو خطوة انتحارية، لا يعلم أحد أين ستقود البلاد، ولن تكون في مصلحة الشعب اللبناني، ولا في مصلحة التيار، لا بل على العكس قد تُطيح بما تحقق في الايام الأخيرة من عهد الرئيس عون، باعتباره إنجازاً، في خطوة ترسيم الحدود البحرية، كما أنها ستجعل القوى السياسية تتكتل ضده، لأن لا أحد يستطيع الموافقة على دخول البلد في الفراغ التام، وانهيار الدولة ومؤسساتها، وقد تفتح هذه الخطوة الباب لفوضى عارمة، لن تكون في مصلحة لبنان، ولا المسيحيين، وخاصة التيار الوطني الحر.