#الثائر
فجّرت قضية عودة النازحين السوريين إلى بلدهم الخلاف بين وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، ووزير المهجرين عصام شرف الدين، الذي شنّ هجوماً بدوره على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقاطع الاجتماع الذي خصصه الأخير لبحث هذه القضية أمس، ليعود بعدها حجار ويعلن أن وزارته هي المعنيّة بالبحث في هذه القضية.
إذ بعد المعلومات التي أشارت إلى سجال حاد وقع بين الطرفين في اللقاء الوزاري الذي ترأسه ميقاتي أول من أمس، عاد حجار للحديث عن الموضوع أمس، مؤكداً أن وزارته هي المتابعة لهذا الملف بالتنسيق مع وزارة الخارجية، وهو ما ردّ عليه شرف الدين، مؤكداً أن توليه القضية وزيارته سوريا كانت بموافقة كلٍّ من الرئيسين ميشال عون وميقاتي. وقال وزير المهجرين عصام شرف الدين المحسوب على النائب طلال أرسلان، المقرب من سوريا لـ«الشرق الأوسط»: «وزير الشؤون مسؤول فقط على التواصل والتنسيق مع مفوضية شؤون اللاجئين، ونحن كنا أول من حرّك قضية عودة النازحين وتم تكليفي بالإجماع في شهر أبريل (نيسان) بحضور رئيس الجمهورية بمتابعة الملف، وزرت سوريا بعلم وموافقة الرئيس عون ورئيس الحكومة الذي كان يتواصل معي بشكل شبه يومي ويَطّلع منّي على كل المستجدات، كما كنت قد أرسلت -علماً وخبراً- إلى الأمانة العامة لرئاسة الحكومة عن زيارتي إلى سوريا ولم يتم رفضها، لكن اليوم وبعدما نجحت الخطة والزيارة لسوريا تغيّرت الأمور وبدأ رئيس الحكومة يقوّض صلاحياتي». وشنّ شرف الدين هجوماً على ميقاتي وبعض الوزراء قائلاً: «ميقاتي يبدّي مصالحه الخاصة مع الدول كرجل أعمال، على المصالح الوطنية ويستخدم بعض الوزراء ويضعهم في الواجهة وهم يحاولون إرضاءه لأنهم يريدون البقاء في الحكومة فيما أنا لست طامحاً للبقاء في حكومته».
لكن في المقابل، تقول مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بدء العمل على ملف النازحين كان من مهام وزارة الشؤون الاجتماعية وهو ما عمل عليه في الحكومة السابقة الوزير رمزي المشرفية، المحسوب أيضاً على أرسلان والطائفة الدرزية، لكن يبدو أن القضية تأخذ بعداً طائفياً بحيث إن الدروز رأوا أنه عليهم استكمال العمل على الملف، إنما المشكلة أن وزارة الشؤون اليوم لا يتولاها وزير درزي». وتضيف: «وعندما طرح الوزير شرف الدين على الرئيس عون استعداده العمل على الملف والذهاب إلى سوريا لم يرفض الأخير هذا الأمر»، موضحةً: «لكن الواقع العملي يقول إن هذه القضية من مسؤولية وزارة الشؤون لما لها من أبعاد إنسانية وقانونية وغيرها، والدليل على ذلك أن كل المؤسسات الدولية التي تبحث به تجتمع مع الوزير حجار».
وكان حجار قد قال بعد اجتماع أمس الذي غاب عنه شرف الدين لأسباب قيل إنها صحية، إنه تم استكمال «البحث في المقررات التي صدرت عن الاجتماع الذي عُقد في القصر الجمهوري في 11 أغسطس (آب) الحالي، وأطلعنا الرئيس ميقاتي وأعضاء اللجنة عليها وتمت مناقشتها، واتفقنا على تنفيذها ومتابعتها من الوزارات والإدارات المعنية، كما جرت قراءة شاملة لملف النازحين، وكانت الآراء متوافقة وتم التأكيد أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي المتابِعة لهذا الملف بالتنسيق مع وزارة الخارجية، والأمور تسير على الطريق الصحيح».
وفي رد على سؤال حول الخلاف على الصلاحيات بينه وبين وزير المهجرين في هذا الملف وعن السجال الذي حصل بينهما، أجاب: «السجال الذي حصل هو لتوضيح بعض القضايا الأساسية إن كان في موضوع الصلاحيات أو مقاربة الموضوع الذي يحتاج إلى مقاربة جماعية على مستوى اللجنة بسبب شموليته، وهذا هو محور الخلاف، لأن الملف غير مرتبط بوزارة واحدة على الرغم من أن وزير الشؤون الاجتماعية، حسب القانون، هو المسؤول عن هذا الملف الدقيق، لكنّ عدداً من الوزارات مرتبطة أيضاً بملف النازحين، وهو يحتاج إلى دقة في العمل، لأنه في جانب منه يتعلق بالمؤسسات الدولية والدول والجهات المانحة ومفوضية شؤون اللاجئين».
وأضاف: «لهذه الأسباب فإن الأمر يحتاج إلى التنسيق في اتّباع الخطوات برعاية رئيسَي الجمهورية والحكومة، من هنا نحن نعالج الخطة التي كانت قد عُرضت وأؤكد أنها لم تنل توافقاً من اللجنة، لكننا مع أي خطوة تحصل في لبنان تصبّ في خانة عودة النازحين، ونحن مع كل من يسهم بإعادتهم، ونتمنى القيام بعمل منسق ونابع من السلطات والدولة اللبنانية وبالتوافق بين أعضاء اللجنة والمجتمع الدولي».
وعن موقف المجتمع الدولي المعارض لعودة النازحين، قال حجار: «لدى المجتمع الدولي موقفه وأسبابه، أما موقف الدولة اللبنانية فهو معروف وواضح وتم إعلانه من بروكسل، ونحن في متابعة مستمرة لهذا الملف بطريقة حثيثة ودقيقة، لكن لا يمكن أن نتصرف كأننا وحدنا. الموضوع مرتبط بالوزارات اللبنانية وبالدولة السورية وبالمجتمع الدولي وبمفوضية اللاجئين، لذلك لا يمكننا اتخاذ أي خطوة منفردة، فالخطوات يجب أن تكون متكاملة رغم عدم التفاهم عليها كلها، ولكن يجب اتخاذ المسار النابع من الحوار للوصول إلى الغاية بالحد الأدنى وأن تبقى ضمن إطار القانون والعودة الآمنة».
وأكد حجار أنه يمكن إنهاء ملف عودة النازحين قائلاً: «هناك أمل بإنهاء هذا الملف ونحن كدولة لبنانية وكلجنة وزارية نعمل على استكمال المقررات»، مضيفاً: «نحترم آراء المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي ولكن في الوقت نفسه لدينا رأينا من خلال القانون اللبناني من أجل معرفة تطبيقه من دون الدخول في صراع قد يبدأ ولا ينتهي».
وعن عدد اللاجئين السوريين أوضح: «حسب المعطيات فإن العدد يتخطى المليون ونصف المليون نازح، ونحن نعلم أنه لدى حصول أي تغييرات في المنطقة لا سيما اقتصادياً، فإن أعدادهم ترتفع في لبنان، من خلال دخولهم عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية وهذا الموضوع عرضناه اليوم ونبحث في كل الأمور المرتبطة بموضوع دخولهم عبر المعابر غير الشرعية ومعالجته»، مشيراً إلى أنه تم البحث بضبط المعابر غير الشرعية مع وزيري الدفاع والداخلية «ونحاول أن نفهم جيداً كل التفاصيل المرتبطة بهذا الملف لمعالجته».
ويأتي كلام حجار بعد أيام على زيارة قام بها وزير المهجرين عصام شرف الدين، لسوريا لبحث خطة عودة النازحين التي قدمها لبنان لإعادة 15 ألف نازح كل شهر، وأكد حينها وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، أن هناك «توافقاً في الرؤية بين الجانبين السوري واللبناني لجهة عودة جميع اللاجئين».
كارولين عاكوم - الشرق الاوسط