#الثائر
أعرب البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي عن "ألمه وأسفه لحادثة الحريق التي حصلت في كنيسة القديس أبو سيفين في منطقة الجيزة في القاهرة والذي أدى الى وفاة اكثر من اربعين مؤمنا وسقوط عشرات الجرحى"، متوجها بالتعزية القلبية لقداسة البابا طوادروس والكنيسة القبطية وعائلات الضحايا.
كلام البطريرك جاء خلال ترؤسه الذبيحة الالهية في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، يعاونه المونسينيور فيكتور كيروز، القيم البطريركي الخوري طوني الآغا والاب هادي ضو، بحضور الوزيرة السابقة أليس شبطيني وحشد من المؤمنين، وتحدث عن "عظائم الله التي تجلت بمريم العذراء ام مخلص العالم وفادي الانسان"، آملا ان "يشكل عيد انتقالها دعوة لكل انسان كي يرتفع من أسر أهوائه ومصالحه الشخصية والفئوية الى قمم الروح".
وبعد تلاوة الانجيل المقدس ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان: "تعظم نفسي الرب، لأن القدير صنع بي عظائم" ( لو 1: 46 و 49).
وقال: "هذا النشيد أطلقته مريم العذراء، في بيت أليصابات، حالا بعد بشارة الملاك جبرائيل لها (راجع لو 1: 38-39). وقد أصبح صلاة الكنيسة وكل مؤمن ومؤمنة. إنه نشيد نبوي قالته مريم بوحي من الروح القدس الذي كان يملؤها. وراحت الكنيسة، بالإستناد إلى كتابات آبائها القديسين، والدراسات اللاهوتية، والتقليد المتكامل، تستخرج عظائم الله في مريم، وتعلنها عقائد إيمانية في مجامعها المسكونية. فها نحن اليوم في عيد انتقالها بالنفس والجسد إلى المجد السماوي، (نعظم معها الله القدير الذي صنع فيها العظائم) (راجع لو 1: 46 و 49)، هذا العيد الذي نحتفل به معكم ومع كل الشعب المسيحي في العالم، هو أعظم أعياد السيدة العذراء. فأهنئكم به جميعا ملتمسين من أمنا السماوية مريم أن تقود سفينة حياتنا وعائلاتنا ووطننا وكنيستنا، عبر البحر الهائج بأمواجه ورياحه، بأزماته ومفاعيلها السياسية والإقتصادية والمالية والأمنية إلى ميناء الأمان. إني أحييكم جميعا مع تحية خاصة لأنسبائي من بيت عمنا، وقد ودعنا معهم بالأسى الشديد والصلاة صهرنا المرحوم طوني أبو رجيلي، ودعناه مع والدته وزوجته عزيزتنا كارلا، وابنته وابنه وشقيقيه وأعمامه وعائلاتهم وبيت حميه وسائر أنسبائه الأحباء. نصلي في هذه الذبيحة المقدسة لراحة نفسه وعزاء أسرته".
أضاف: "كم آلمتنا حادثة الحريق في كنيسة القديس أبو سيفين في منطقة الجيزة في القاهرة، وقد أدى إلى وفاة أكثر من أربعين مؤمنا ومؤمنة وعشرات الجرحى. فإنا نعزي من صميم القلب أخانا المحبوب قداسة البابا تواضروس والكنيسة القبطية الأورثوذكسية الشقيقة وعائلات الضحايا فنصلي لراحة نفوسهم وشفاء الجرحى".
وتابع: "لقد تتوجت عظائم الله في مريم أم يسوع، إبن الله المتجسد، مخلص العالم وفادي الإنسان، بإنتقالها بالنفس والجسد إلى السماء، وبتكليلها من الثالوث القدوس سلطانة السماوات والأرض. وهذه عقيدة إيمانية أعلنها المكرم البابا بيوس الثاني عشر في أول تشرين الثاني سنة 1950. أما ما سبقها من عظائم كانت أساس إنتقالها فهي:
- إختيار الله لها في سر تدبيره الخلاصي لتكون أم ابنه مخلص العالم فعصمها من دنس الخطيئة الأصلية منذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشى أمها، وملأها نعمة مكنتها من التجاوب مع تدبير الله بكلمة "نعم" ومن تكريس ذاتها له بطاعة الإيمان. إن عقيدة الحبل بلا دنس أعلنها البابا الطوباوي بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854. هذا يعني أن كل كائن بشري يتكون بالحبل في بطن أمه، هو شخص بشري له فرادته، معروف من الله ومراد ومحبوب. لذلك، فإن التعدي على الاجنة كالتعدي على اي انسان، مع الفرق ان هذا الجنين لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
- بتولية مريم العذراء قبل ولادة ابنها وأثناءها وبعدها. إنها دائمة البتولية كما علمت المجامع المسكونية (المجمع اللاتراني سنة 649؛ المجمع الفاتيكاني الثاني في الدستور العقائدي في الكنيسة، 57). لقد كرست مريم نفسها وجسدها لإرادة الله الخلاصية، ولشخص إبنها وسر الفداء كأمة للرب (لو 1: 38). وحبلت بابنها، وهي عذراء بقدرة الروح القدس، كما أعلن المجمع اللاتراني سنة 649. وسبق أشعيا وتنبأ قبل 500 سنة: (هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا يدعى عمانوئيل اي الله معنا) (أش 7: 14؛ متى 1: 23)
- أمومة مريم الإلهية. علمت الكنيسة في مجمع أفسس المنعقد سنة 431 أن الذي حبلت به مريم كإنسان بقوة الروح القدس، وأصبح حقا ابنها في الجسد، هو ابن الآب الأزلي، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس وبالتالي مريم هي حقا أم الإله (Theotokos). ولأنها أم يسوع فهي أمنا نحن أيضا الذين أصبحنا بموته وقيامته أعضاء جسده، وإخوته بالنعمة.
- أمومة مريم الروحية للبشر. تسلمت مريم أمومتها الروحية لجميع البشر بشخص يوحنا، من ابنها يسوع من على الصليب: "يا امرأة هذا ابنك. يا يوحنا هذه أمك" (يو 19: 26- 27)؛ إن يسوع إبن مريم جعله الله بكرا لإخوة كثيرين (روم 8: 29)، وهم المؤمنون والمؤمنات الذين تعاون أم الإله بحب الأم في ولادتهم وتنشئتهم، كما يعلم المجمع الفاتيكاني الثاني (الدستور العقائدي في الكنيسة، 63)
- مشاركة مريم في آلام الفداء الذي يحققه ابنها يسوع لخلاص البشرية جمعاء. وهكذا في مخاض الآلام، وابنها معلق على الصليب، تسلمت أمومتها للبشر أجمعين. ولهذا السبب، مريم مكرمة في جميع الأديان".
وأردف: "كل هذه العظائم التي حققها الله القدير في مريم، جعلت منها، وهي البتول والأم معا، صورة الكنيسة. فالكنيسة بقبول كلمة الله بأمانة، هي أم. وتلد بالكرازة والمعمودية أبناء وبنات لحياة جديدة غير مائتة. وهي بتول تحفظ، بشكل شامل ونقي، الإيمان الذي أعطته لعريسها، كما جاء في تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني (الدستور العقائدي في الكنيسة، 63-64).
- يعدد بولس الرسول في رسالته لهذا العيد قواعد الحياة الجديدة، التي هي من ثمار ولادة المؤمنين الروحية بالإيمان وعمل الروح القدس. وهي:
- المحبة الصافية الأخوية لجميع الناس، وإكرامهم، وملازمة الخير، وتجنب الشر.
- الاجتهاد من دون تكاسل، والحرارة بالروح والعبادة لله.
- الفرح في الرجاء، والثبات في الضيق، والمواظبة على الصلاة، والبركة لا اللعنة للمضطهدين.
- تلبية حاجات الإخوة، واستضافة الغرباء.
- مشاركة الناس في أفراحهم وأحزانهم. (روم 12: 9-15)".
وختم الراعي: "ليكن عيد الإنتقال دعوة لكل إنسان، كي يرتفع من أسر أهوائه ومصالحه الشخصية والفئوية، إلى قمم الروح لينظر نظرة مريم إلى معنى تاريخ البشر ويعمل على دمجه مع تاريخ الخلاص. ومعها نرفع نشيد التعظيم والتهليل للثالوث القدوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
وبعد القداس استقبل الراعي وفدا من قيادة مخابرات الجيش في الشمال مع عائلاتهم، وقدم قائد المنطقة العقيد الركن نزيه البقاعي التهاني للبطريرك لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء.