#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
يقولُ البابا فرنسيس انهُ لا يمكنُ اخفاءُ الحقيقةِ في ملفِ إنفجارِ المرفأِ... هذهِ هي الثابتةُ التي علينا ان نقبلها نحنُ كلبنانيينَ. ولكنْ حتى ولو ظهرتْ الحقيقةُ فهلْ تُعلنُ؟
واليومَ أليستْ الحقيقةُ معروفةً، وثمَّةَ من يتجاهلُ عن سابقِ تصوُّرٍ وتصميمٍ تبيانها او اعلانها؟
بينَ المتواطىءِ والمجرمِ والمُسهِّلِ والمُهملِ والمدبِّرِ والشاحنِ والناقلِ، والذي افرغَ والذي انزلَ، سلسلةٌ واحدةٌ مترابطةٌ:
جريمةٌ متماديةٌ اوصلتْ الى تدميرِ مدينةٍ واغتيالِ شعبها...
كم هو حزينٌ مشهدُ المجتمعينَ في مستشفى القديس جاورجيوس حولَ المطران الياس عودة مستذكرينَ 4 آب الذي دمَّرَ ايضاً المستشفى، وقتلَ الكُثُرَ من مرضاهُ، ومنْ الممرِّضينَ والممرِّضاتِ فيهِ.. مع الذكرى تُستعادُ كلُّ الجروحِ، وكلُّ الصرخاتِ، وكلُّ الغضبِ الذي لنْ يُوصلَ الى مكانٍ..
تماسيحُ تحكمُ البلادَ... وتفتحُ فمها لتأكلَ الاخضرَ واليابسَ.
وإلا كيفَ يجرؤ بعضُ هؤلاءِ المشاركةَ في احتفالاتِ الذكرى؟
أليسوا همْ مشاركينَ في دفنِ الحقيقةِ وفي طمسها، وفي اختراعِ خزعبلاتٍ في القضاءِ والادارةِ لتعطيلِ التحقيقِ.
لم تجفَ دموعنا امس ولم تتوقفْ واستعدنا طوالَ النهارِ ونحنُ نشاهدُ من جديدٍ آلامَ العائلاتِ من قتلى وجرحى ذلكَ المساءَ الحزينَ في 4 آب،
حيثُ غابتْ الى الابدِ روحُ مدينةٍ، وحيثُ سالتْ دماءُ ابرياءٍ صدَّقوا انهمْ يعيشونَ في دولةِ رعايةٍ تحميهمْ وتخافُ عليهم.
***
منْ تابعَ الجدالَ بالامسِ بينَ رئيسِ الحكومةِ والتيارِ الوطنيِّ الحرِّ يشعرُ بالغثيانِ...
تبادلُ اتهاماتٍ ومستوى هابطٌ في الحوارِ يُوصلُ مكتبَ "النجيبِ" ليتحدَّثَ بلهجةِ "بنات الهوى"،
في ردٍ على كلامٍ واتهاماتٍ بالسياسةِ ساقها التيارُ الوطنيُّ الحرُّ لاتهامِ "النجيبِ" بالتعطيلِ...
ماذا استفادَ المواطنُ من هذا السجالِ الذي لا يرتقي الى مستوى آلامِ الناسِ،
الذينَ لا يعرفونَ من أينَ يأتونَ بالمالِ ليأكلوا ولا بحبةِ دواءٍ ولا بصفيحةِ بنزينٍ ولا بثمنِ كهرباءِ المولِّداتِ، ولا يعرفونَ كيفَ يحصلونَ على رغيفِ الخبزِ...
هؤلاءُ الناسُ هم انفسهمْ الذينَ لم يعرفوا بعدُ حقائقَ كلِّ الجرائمِ المرتكبةِ بحقهمْ في المرفأِ، في المصارفِ، في الكهرباءِ، في الاتصالاتِ، وفي الخبزِ... هلْ هناكَ جحيمٌ اكثرُ ايلاماً من هذا الجحيمِ الذي يعيشُ فيهِ الناسُ؟
تأتي شركةُ الكهرباءِ لتقولَ للناسِ أنها ستؤمِّنُ فقط الكهرباءَ للمرافقِ الحيويةِ، لكنَ المرافقَ الحيويةَ لا تشملُ المستشفياتِ...
المرافقُ الحيويةُ اولها مطارُ بيروت الدولي الذي يبدو ان المؤسسةَ مهتمةٌ فيهِ كثيراً لتسهيلِ هجرةِ من تبقَّى من ناسٍ...
***
منْ يسألُ عنا؟
لا احدَ... وسائلُ اعلامٍ تُطبِّلُ للسياحةِ... فيما اللبنانيونَ يسوحونَ في بلدهمْ من فرنٍ الى فرنٍ بحثاً عن رغيفٍ، ومنْ صيدليةٍ الى صيدليةٍ بحثاً عن علبةِ دواءٍ...
هلْ هذا هو لبنانُ الذي حلمنا بهِ، وايُّ جمهوريةٍ لا تزالُ لدينا لننتخبَ رئيساً عليها...؟