#الثائر
بقي الملف اللبناني على همة العواصم المنشغلة بحساباتها، بعد القمتين الكبيرتين في الرياض وطهران، بحضور الرئيس الاميركي جو بايدن في الأولى، والرئيس الروسي في الثانية.
وتحدث مصدر فرنسي عن زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان إلى باريس، لبحث جملة من القضايا الملحة، بما فيها القضية اللبنانية، قبل اسابيع قليلة من دخول الاستحقاق الرئاسي في المهلة الدستورية.
وشبهّت مصادر سياسية حسب "اللواء" ما يحصل بين الرئيس ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي، بالقطيعة شبه الكاملة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة ، فلا اتصال ولا اي محاولة خجولة لتحريك ازمة تشكيل الحكومة من جمودها ، وكأن عملية التشكيل لم يعد لها مكان في خضم فتح معركة الرئاسة بين بعض الطامحين واللاعبين الأساسيين، كما أن الازمة الضاغطة بكل تداعياتها،لاتستدعي إعادة التواصل وتحريك وتيرة المشاورات، بمن يفترض انهم يتولون المسؤولية الدستورية بادارة السلطة، للتخفيف قدر الامكان من الاثار السلبية لمعاناة الناس.
واشارت المصادر الى ان مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في اطلالته التلفزيونية من على شاشة المنار، وتصعيد هجومه على ميقاتي، وانتقاد اسلوبه بتقديم التشكيلة الوزارية لرئيس الجمهورية،وتظاهره المزيف، بعدم تعطيل تشكيل الحكومة، وتعففه الظاهري عن المطالبة بحصص وزارية ومن بينها وزارة الطاقة، زادت بحدة الخلافات،وقطعت الشك باليقين، بأن ملف تشكيل الحكومة الجديدة قد طوي البحث فيه،برغم تجنب اي طرف أو مسؤول الاعلان عن هذا الامر حتى الآن.
واعتبرت المصادر ان ترددات حادثة المطران موسى الحاج السلبية،بمعزل عن دوافعها، واسبابها، لا يمكن فصلها عن المؤثرات الضاغطة على موضوع الانتخابات الرئاسية، نظرا للصفة التي يمثلها المطران الحاج وعلاقته مع البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يسعى لتحشيد ماامكن من القوى،لتسريع إجراء الانتخابات الرئاسية بأقرب وقت ممكن، وضمن معايير ومواصفات، لا ترضي كثيرا الشخصيات المارونية التي تطمح للترشح لمنصب الرئاسة.
واشارت المصادر الى ان ظهور باسيل الاعلامي من على شاشة حليفه حزب الله، يأتي من ضمن الرسائل التي أراد أن يوجهها الحزب، لخصومه، وحلفائه في وقت واحد،اولها، ان باسيل مرشح مواجهة للحزب،حتى ولو اعلن هو انه غير مرشح ظاهريا بالوقت الحاضر، لمعرفة ردود فعل خصومه التقليديين من هذا الموقف، بينما هو مستعد لتغيير موقفه بأسرع من البصر،لو تلمس بادرة امل ملموسة بقدرته على الترشح للانتخابات الرئاسية والفوز فيها، في حين أن إعلانه رفض تأييد ترشيح خصمه السياسي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، يحمل في طياته،مؤشرات بتملص حزب الله من تأييد ترشحه كما وعد من قبل، لاسباب وتفسيرات غير معلومة،في حين يردها البعض الى استياء من ميول لعلاقته المميزة مع الرئيس السوري بشار الاسد على حساب علاقته بالحزب.
وقالت مصادر وزارية مطلعة لـ«الجمهورية»، أن لا تفسير بالمعنى السياسي ولا الحكومي ولا الاداري للمراوحة القائمة على مستوى التأليف، فالاتصالات معدومة وقد غاب الوسطاء نهائياً عن حركة الاتصالات بين بعبدا والسرايا. فلا الرئيس المكلّف عبّر عن اهتمامه بالموضوع ولا القصر الجمهوري سجّل أي خطوة في هذا الاتجاه، وبقي الملف مفتوحاً على سجالات متقطعة بين مسؤولي «التيار الوطني الحر» ومحيط ميقاتي.
واعتبرت المصادر، انّه «لا يجب التقليل من أهمية تأليف حكومة جديدة على رغم انّ الانتخابات الرئاسية باتت قريبة»، مشيرة إلى انّ الوقت ثمين جداً في مواجهة تداعيات الانهيار، «ولذلك فإنّ كل يوم له قيمته ويجب تفادي التفريط به». ولفتت إلى انّ مهمة الحكومة المقبلة لا تقتصر فقط على إدارة فترة ما قبل الاستحقاق الرئاسي، بل تغطي أيضاً مرحلة ما بعده، في انتظار ان يتمكن الرئيس المنتخب والرئيس المكلّف من تأليف حكومة العهد الأولى، «أما إذا لم تتمّ الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية فإنّ دور تلك الحكومة يصبح أهم بطبيعة الحال، في اعتبارها ستملأ الفراغ حتى إشعار آخر».
وفي الإطار نفسه، أكّدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، انّ الجمود يسود الملف الحكومي، وانّ اي خرق لم يحصل بعد في جدار المراوحة، «وحتى ليس من مساعٍ حقيقية تُبذل في اتجاه تشكيل الحكومة الجديدة، وكأنّ الجميع يسلّمون بالامر الواقع ويستسلمون له، فيما يبدو أنّ كلاً من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ينتظر ان تأتي المبادرة من الآخر». ولاحظت هذه المصادر، «انّ العواصم الدولية والاقليمية التي هي على صلة بالشأن اللبناني، لا تبدي بدورها أي اهتمام حقيقي بمسألة التأليف الحكومي، بل باتت تعطي ضمناً الاولوية لانتخابات رئاسة الجمهورية، التي ستكون حجر الزاوية في الحسابات الخارجية والداخلية للمرحلة المقبلة».
وأبدت المصادر نفسها تخوفها من استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى موعد الاستحقاق الرئاسي. محذّرة من انّ ذلك يعني تجميد المعالجات الجذرية للملفات الحيوية المتصلة بالأزمتين الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي استمرار النزيف الداخلي، إضافة إلى احتمال ان ينتج بقاء هذه الحكومة مأزقاً جديداً إذا وقع الفراغ الرئاسي ورفض البعض اعتبارها مؤهلة لتسلّم صلاحيات رئيس الجمهورية، «الأمر الذي سيدخلنا في نفق إضافي بعد 31 تشرين الأول المقبل».