#الثائر
- " الهام سعيد فريجة "
في الوقتِ الذي كانَ فيهِ اللبنانيونَ يتشاركونَ مع اهلِ طرابلس المفجوعةِ الحزنَ على ضحايا مركبِ الموتِ،
كانَ وزيرُ اللاطاقةِ في احدى حاناتِ بيروتَ يلاحقُ بالشتائمِ والضربِ من قبلِ ناسٍ هالهمْ،
أن يروا وزيرَ طاقةٍ غيرِ متوفِّرةٍ، ساهراً في يومٍ دعتْ فيهِ الحكومةُ الى الحدادِ الوطنيِّ.
بغضِّ النظرِ عن تسليمنا او عدمِ تسليمنا بصوابيةِ التعرُّضِ لأيِّ شخصٍ بالضربِ، السؤالُ كيفَ يفهمُ هذا الوزيرُ انهُ يعيشُ في لبنانَ،وانه يغرِّدُ خارجَ السربِ، وانه يعيشُ خارجَ همومِ الناسِ وضحاياهمْ،
وانه، وإن استسلمَ، امامَ واقعِ عجزِ الدولةِ عن تأمينِ الكهرباءِ،
فلا يحقُّ لهُ ممارسةَ هذا الكمِّ من العبثيةِ والخفَّةِ والاستهتارِ والتهوُّرِ والسهرِ اليوميِّ، فيما الناسُ لا تملكُ ثمنَ ربطةِ الخبزِ.
***
ها همْ ضحايا مركبِ طرابلسِ، ضحايا الفقرِ والعوَزِ والبطالةِ والجوعِ...
وكمْ حذَّرنا من تكرارِ هذهِ الحوادثِ، وكم خفنا من ان يبتلعَ البحرُ من جديدٍ فلذاتِ اكبادنا واطفالنا وشبابنا،
ها همْ اليومَ يلتحفونَ الليلَ نحو مستقبلٍ ظنوا انهُ لائقٌ، فإذا بمياهِ البحرِ تبتلعُ الاحبابَ:
اطفالاً وامهاتٍ وآباءَ وشباباً...
كم هو حزينٌ ومدمٍ للقلوبِ منظرُ ذاكَ الطفلِ الذي فقدَ امهُ واختهُ الصغيرةَ واختهُ الاكبرَ ووالدهُ... وهو يروي الخبرَ بعفويةٍ كاملةٍ تحتَ الصدمةِ من دونِ رفَّةِ جفنٍ.. صدمةٌ سترافقُ هذا الطفلَ طولَ العمرِ.
***
لا نريدُ ان نعرفَ من المسؤولُ عن الحادثِ، نريدُ ان نسألَ من أوصلَ الناسَ الى الهجرةِ في البحرِ.
ومن أكلَ خبزهمْ، ومن جوَّعهمْ، ومن هدرَ اموالهمْ، ومن تركهمْ بلا عملٍ ولا املٍ... ليسَ زعماءُ طرابلس وحدهمْ في المسؤوليةِ.
كلُّ من شاركَ في المنظومةِ الفاسدةِ مسؤولٌ، وهو مجرمٌ، وهو قاتلٌ، لا يكفي ان نعلنَ الحدادَ وأن نفتحَ التحقيقَ، وان نزيلَ صورَ المرشحينَ، وأن نُكسِّرْ مكاتبهمْ، وان نحاصرَ منزلَ "النجيبِ العجيبِ"،او "نزنِّرَ" يختهُ في "الكوت دازور" بالشعاراتِ.
المطلوبُ وقفةُ غضبٍ في كلِّ لبنانَ....
أينَ لبنانُ كلهُ لا يقفُ صارخاً غاضباً...
كلُّ طفلٍ، كلُّ طفلةٍ، كلُّ شابٍ غرقَ في البحرِ اغرقنا معهُ في القعرِ، وكلُّ امٍ بكتْ هي "امهاتنا"، وكلُّ ابٍ دمعتْ عيناهُ هو آباؤنا .
***
المطلوبُ ان نُحاسبهمْ ونُلحق بهمْ الى يومَ القيامةِ، الى يومِ الدينِ والدينونةِ، والمطلوبُ ان تنزلَ عليهم اللعناتُ وكلُّ ثوراتِ الغضبِ...
هذا شعبي يموتُ، وهم يلتهونَ بالبرامجِ الانتخابيةِ وبالشعاراتِ التافهةِ وبالخطاباتِ السخيفةِ...
اليومَ يومُ النقاشِ من جديدٍ حولَ الكابيتال كونترول، فكيفَ سيتعاطى المُودعونَ ونقاباتُ المهنِ الحرَّةِ مع مشروعِ قانونٍ يجمِّدُ اموالهمْ "اللولار" حتى اربعِ سنواتٍ...
وسطَ كلِّ هذهِ الفوضى من الشمالِ الى تلةِ الخياطِ الى التوتُّرِ جنوباً الى ارتفاعِ الدولارِ،هل هناكَ احدٌ يسعى لتطييرِ الانتخاباتِ تحتَ كلِّ هذهِ العناوينِ؟