#الثائر
يُرتقب أن يشهد الأسبوع الطالع تطوريْن بالغيْ الأهمية في الحدّ من تأجيج عوامل الصِدام والتدهور التي تحوط بالشؤون المالية والمصرفية، تَزامُناً مع استعادة المضاربات حماوتها ضد العملة الوطنية، ربْطاً بتضاؤل الاحتياطات من العملات الصعبة لدى البنك المركزي قريباً من عتبة 11 مليار دولار.
وأعلنت مصادر مواكبة لـ «الراي»، أن مسار التطور الأول سيَتَحَدَّد في ضوء تَقَدُّم مهمة وزير العدل هنري خوري بتأليف لجنة مشتركة من القضاة (بينهم وزراء) والمصرفيين (بينهم رؤساء مكاتب قانونية في بنوك كبرى).
أما المسار الثاني، فهو معلَّق على سرعة استخلاص الصيغة النهائية لمشروع قانون تقييد الرساميل (كابيتال) كونترول، وتحويله بصفة «المعجل المكرّر» الى المجلس النيابي الذي سيعقد أواخر جلسات هيئته العامة ضمن المهلة الضيّقة قبل الانتخابات النيابية المقرر موعدها منتصف شهر مايو المقبل.
ad
وقد وَضَعَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الإطارَ العام الذي يتوجب اعتماده توخياً لاحتواء الصِدام بين جهات قضائية وبين حاكمية البنك المركزي والجهاز المصرفي وخلاصتها أن «من حق القضاء أن يحقق في أي ملف مالي ومصرفي، إلا أن إستخدام الأساليب الشعبوية والبوليسية في مسار التحقيقات أساء ويسيء إلى القضاء أولاً وإلى النظام المصرفي ككل».
وينطلق ميقاتي في الخطوات المطلوبة من «أن مسار الأمور لدى بعض القضاء، يدفع باتجاه افتعال توتراتٍ لا تُحمد عقباها، وثمة محاولات لتوظيف هذا التوتر في الحملات الانتخابية، وهذا أمر خطير سبق أن حذّرنا منه. ومن هذا المنطلق نجدد مطالبة السلطات القضائية المعنية بأخذ المبادرة في تصويب ما يحصل، وفق الأصول المعروفة، والدفع في اتجاه العودة الى مبدأ التحفظ، وعدم ترك الأمور على هذا النحو الذي يترك انعكاسات مدمّرة على القضاء أولاً، وعلى إحدى الدعائم الاقتصادية في لبنان، والتي سيكون لها دور أساسي في عملية النهوض والتعافي».
بالتوازي عادت المساعي لإنشاء مظلة قانونية يتم الارتكاز عليها في تنظيم السيولة النقدية بالليرة وبالدولار وفي عمليات التحاويل، إلى دائرة الضوء والاهتمام عقب تَزَوُّد الفريق الاقتصادي الحكومي بملاحظاتِ فريق صندوق النقد الدولي الخاصة بمشروع قانون الكابيتال كونترول، حيث يجري استخلاص صياغة محدَّثة ونهائية تستجيب لطلب اللجان النيابية التي عانت من تعدُّد الطروحات في هذا الموضوع الحيوي. كما يُتوقع لاحقاً الاستجابة لطلب فريق الصندوق بإدراج موضوع السرية المصرفية ضمن الإصلاحات المطلوبة، ولا سيما لجهة ضرورة تعديل بعض المواد في القانون الحالي بما يسمح بتسهيل مكافحة التهرب الضريبي والفساد بشكل عام.
ويمثّل القانون الموعود، خشبة الخلاص للسلطة وللقضاء وللقطاع المالي على حد سواء. ذلك أن حيثيات الصِدام القضائي مع القطاع المالي كشفت المستوى الحاد للمَخاطر التي ينزلق إليها البلد، وبما يتعدّى التدمير المنهجي لنواة الاقتصاد الوطني إلى قطْعٍ تام لخطوط معاملاته المالية عبر الحدود التي تقتصر حالياً على بضعة بنوك أميركية يقلّ عددها عن أصابع اليد الواحدة.
والجدير ذكره أن الوصول إلى هذا الاستحقاق الحيوي، ومن غير تأكيدات صارمة بسرعة مواكبته، يأتي بتأخير طويل بعد 30 شهراً من استحقاق صدوره منذ بدايات انفجار الأزمتين المالية والنقدية خريف العام 2019. وذلك تبعاً لما تلوذ به الدول التي تتعرض لأزماتٍ اقتصادية وهيكيلة مفاجئة، وآخرها التدابير الصارمة التي أقرّتْها روسيا فور انخراطها في حرب أوكرانيا، وقبلها قبرص واليونان والارجنتين.
ويكتمل السياق العلاجي بنفحاته التفاؤلية والقابلةِ للتحول إيجابيات تُخالِفُ مسارَ الإمعان في الانهيار، مع المعادلة التي أفصح عنها نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي أخيراً والتي تكتسب أهميةً استثنائية في تصويب المقاربات. فهي تنص على «مساهمة الجميع في تَحَمُّل المسؤولية للتعامل مع خسائر القطاع المصرفي مع ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لحل هذه الأزمة. ولهذه الغاية تم الاتفاق على تحضير مشروع قانون للتعامل مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي بعد الاتفاق على استراتيجية التصحيح المالي».
الراي الكويتية