#الثائر
لا يبدو أن التوافق على إقرار مشروع موازنة العام 2022 قد صار في حكم المؤكد، إذ بات واضحاً أن مجلس الوزراء لن يتمكن من إقرار الموازنة نهاية هذا الأسبوع كما ألمحت مصادر حكومية، وأن حديث رئيس الجمهورية ميشال عون عن اتفاقه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على عقد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري يوم الخميس المقبل يؤكد أن مشروع الموازنة لن ينجز قبل ذلك التاريخ، وهو ما لفت اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام وفد نقابة الصحافة مستغرباً المطالبة بإعطاء سلفة خزينة لقطاع الكهرباء بدل الشروع في بناء معامل لتوليد الطاقة.
وفيما يفترض بالحكومة ثم بالمجلس النيابي الانتهاء من إقرار الموازنة قبل نهاية شباط، اذ تدخل البلاد بعد ذلك في سباق التنافس الانتخابي، فإن عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش شدد في حديث مع "الأنباء" الإلكترونية إلى ضرورة إقرار الموازنة من الحكومة خلال الأسبوع المقبل، موضحا أن "التأخير كان بسبب التعديلات التي أدخلت عليها والتركيز من قبل رئيس الحكومة والوزراء على عدم المساس بيوميات الناس، بما يفترض الانتهاء من دراسة الموازنة لتسيير شؤون الدولة، وضرورة استكمالها بخطة نمو شاملة من أجل التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على مبالغ اضافية لتكون الحكومة جاهزة لتنفيذ المشاريع الملحة والضرورية"، معتبرا إقرار الموازنة "خطوة باتجاه وضع الأمور في نصابها، إلا أنها ليست كافية ما لم تستكمل بخطة اقتصادية شاملة تساعد على استئناف المفاوضات مع صندوق النقد". ورأى درويش أنه "إذا تمكنت الحكومة من السير بهما مع بعض نكون قد قطعنا شوطا كبيرا باتجاه الاستقرار في البلد، والعمل على استعادة النهوض الاقتصادي".
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان الموازنة التي أقرّت «هي موازنة واقعية عقلانية توازي بين مسألتين: تأمين الايرادات من جهة وتقديم مساعدات اجتماعية للعاملين في الادارة العامة ضماناً لإمكانية استمرار المرافق العامة لتأدية دورها في الحد الممكن». واضافت هذه المصادر: «الاهم ان مجلس الوزراء انتهز فرصة درس مشروع الموازنة لإعادة النظر في بعض الرسوم المفروضة على كاهل المواطنين من الطبقتين الفقيرة والوسطى، فقد تم الغاء الرسوم عن المواد الاساسية والغذائية والادوية لأول مرة في تاريخ السياسة الضريبية وحتى عن الضروريات مثل البن والشاي، والانجاز الأهم الى حينه هو إجهاض محاولة استجرار سلفة كهرباء على غرار ما كان يجري في السابق فلعلها المرة الاولى التي تقر فيها موازنة من دون اعطاء سلفة للكهرباء وهذه تسجل للحكومة، فقد تم قطع الطريق على استمرار النزف في المالية العامة». ورأت المصادر «ان هذه النقاط هي ايجابية ولو كانت محدودة لكن لا شك ان الدول والحكومات في الظروف الاستثنائية تعمل على الخروج من الازمة وليس على طريقة الصمود، وهذا ما تفتقد له الموازنة التي غابت عنها الرؤية الاصلاحية لخلق الدينامية الانتاجية التي تسمح للاقتصاد ان ينهض من الدرك».
واضافت المصادر نفسها: «نحن سجلنا النقاط الايحابية، لكن هناك نقاطا سلبية لا يمكن التغاضي عنها فـ «الشغل حصل بالمقلوب» لأنه كان يجب ان نناقش خطة التعافي التي تحتاج الى اموال فكيف نعدّ موازنة قبل خطة التعافي والتعافي يتضمن رؤية شاملة للكهرباء والاتصالات والزراعة والصناعة ولاحقاً البنى التحتية والسياحة وغيرها من القطاعات وهذا كله مكلف، وما فعلناه الآن اننا أقرّينا موازنة «مكربجة» عبارة عن حسابات ولا ملامح لرؤية اقتصادية فيها تهدف الى انتشال البلد مما هو غارق فيه».
وعلمت «الجمهورية» ان الموازنة ستمر بسلاسة في جلسة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري الخميس المقبل من دون ادخال تعديلات جوهرية عليها، إلا اذا اعاد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه طرح سلفة الكهرباء للنقاش». واشارت الى ان لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري توجّهاً الى الاسراع في درسها في لجنة المال والموازنة واحالتها الى الامانة العامة لمجلس النواب حيث سيحدد بري جلسة للهيئة العامة على الفور لمناقشتها واقرارها.
وكان عون قد توافق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال اتصال هاتفي طويل بينهما امس على جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل لدرس مسودة الموازنة في صيغتها النهائية وبت البنود العالقة، على أن يضع فريق عمل وزارة المال اللمسات الأخيرة على المشروع إستنادا الى المناقشات التي حصلت خلال الجلسات الماراتونية لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان ميقاتي طلب من رئيس الجمهورية إمهاله ما يكفي من الوقت لنقل مشروع الموازنة الى الجلسة الختامية في القصر الجمهوري، كذلك تناول بعض التفاصيل المتعلقة بالمشروع حسبما تم التوصل إليه. وأبلغ ميقاتي الى عون ان الحكومة استكملت البحث في مشروع القانون شارحاً العناوين الاساسية التي أنجزت، ولافتاً الى الحاجة لبعض الوقت بغية ترجمة مجموعة القرارات التي اتخذت خلال المناقشات الطويلة على الورق وخصوصا تلك المتصلة بالأرقام النهائية المتوقعة للإيرادات المطلوبة ونفقات التقديمات الاجتماعية.
وقالت المصادر ان مجموعة من الاجتماعات ستبدأ من اليوم في وزارة المال لترجمة القرارات الخاصة بأرقام الرسوم الجمركية الجديدة والضرائب التي تم البت بها في الاجتماعات الاخيرة التي خصصت للرسم الجمركي وطريقة احتسابه وعلى أساس السعر المعتمد على منصة صيرفة للدولار. وسيشارك في هذه الاجتماعات، الى وزير المال، وزراء الاقتصاد والصناعة والاقتصاد والطاقة والصحة العامة والمؤسسات المعنية بذلك، كالمديرية العامة للجمارك والمؤسسات المالية والإدارية المعنية بالتصنيف الجديد الذي سيعتمد للتحديد بين المواد المستوردة التي تُعفى من الرسوم الجمركية كالمأكولات والمستلزمات الطبية والأدوية وتلك التي تتصل بالحاجات اليومية للعائلات اللبنانية وبين تلك الخاصة بالمواد الاولية للصناعات المحلية لإخراجها من اللوائح السابقة التي كانت فيها الضرائب والرسوم الجمركية شاملة باستثناء المحروقات التي ستبقى كما كانت في السابق بلا اي تعديل.