#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
هلْ تكتملُ فصولُ تغييرِ هويةِ لبنانَ نهائياً في الاقتصادِ بعدَ السياسةِ؟
على مدى سنتينِ، شهدَ اللبنانيونَ صفحاتٍ من تاريخِ لبنانَ الماضي،
تسقطُ صفحةٌ وراءَ صفحةٍ وتنهارُ معها معالمُ من قصَّةِ بلدٍ ضاهى الغربَ بحداثتهِ ورقيِّهِ وجمالهِ واناقتهِ...
سقطَ النظامُ المصرفيُّ، وتداعتْ معهُ ودائعُ الناسِ والثقةُ الخارجيةُ كما الداخليةُ،
سقطَ النظامُ التربويُّ، وهرَّبَ بعضُ الاثرياءِ وذوو النعمةِ الحديثةِ اولادهمْ الى الخارجِ بعدَ إنهيارِ المدارسِ واضراباتِ الاساتذةِ في المدارسِ والجامعاتِ،
سقطَ النظامُ الصحيُّ، بعدَ إنهيارِ المستشفياتِ وتوقُّفِ الدولةِ عن دفعِ مستحقَّاتِها، وعجزِ الناسِ عن الطبابةِ والاستشفاءِ،
وتَراجعِ شركاتِ التأمينِ، وهجرةِ الاطباءِ والممرضينَ والممرضاتِ.
سقطَ نظامُ الحمايةِ الاجتماعيةِ مع ارتفاعِ البطالةِ، وتخطي الفقرِ نسبةَ الثمانينَ بالمئةِ، وإنهيارِ العملةِ الوطنيةِ بنسبةِ تسعينَ بالمئةِ وارتفاعِ الاسعارِ.
سقطَ النظامُ السياحيُّ، مع تحوُّلِ بيروتَ الى عاصمةٍ سوداءَ مُوحشةٍ ومعتَّمةٍ وحزينةٍ، وتهدُّمِ مرفئها وتعثُّرِ مطارها وإنهيارِ بُناها التحتيةِ وسقوطِ فنادقها.
***
لم يبقَ شيءٌ... مِن "ذاكَ اللبنانَ".
اما الصورةُ من الخارجِ فهي البلدُ الذي يُهرِّبُ الكبتاغون، والسائبةُ حدودهُ، والفاقدُ سيادتهُ، وحيثُ السلاحُ غيرُ الشرعيِا والمتفلِّتُ إينما كانَ، وحيثُ عددُ اللاجئينَ والنازحينَ يُساوي نصفَ عددِ السكانِ ...
فهلْ هذا هو لبنانُ الذي تغنَّى بهِ الشعراءُ والرسَّامونَ والعالمُ؟
اليومَ وفيما ينتظرُ العربُ قراراً من لبنانَ يؤكدُ عروبَتهُ وانضواءهُ تحتَ رايةِ الشرعيةِ الدوليةِ، وليسَ طرفاً كما هو الان، مِما يُغيِّبُ عنهُ هويتهُ السياسيةَ الحضاريةَ،
يبدو ان ثمَّةَ محاولةً كبيرةً لتغييرِ هويةِ لبنانَ الاقتصاديةِ بشكلٍ نهائيٍّ بعدَ سلسلةِ الانهياراتِ التي حصلتْ...
فأشكالُ الرسومِ والضرائبِ والبهلوانياتِ والخزعبلاتِ الجاريةِ،
لا تهدفُ فقط الى انهاءِ الفقراءِ والطبقةِ المتوسطةِ، بل لتدميرِ ما ومَن تبقى مِن الذين صنعوا المجدَ اللبنانيَّ بالتجارةِ والصناعةِ والخدماتِ وغيرها...
موازنةٌ ستقضي على كبارِ المستوردينَ، وتقفلُ عشراتِ الشركاتِ، وتُهجِّرُ الموظفينَ وتُنهي الحدَّ الادنى من نموٍّ مطلوبٍ تحتَ عنوانِ التقشُّفِ مِما يزيدُ الانكماشَ والفقرَ...
فهلْ هذا هو المطلوبُ ارضاءً لصندوقِ النقدِ الدوليِّ في وقتٍ يقولُ رئيسُ الحكومةِ "الميقاتي" ان هذهِ الموازنةَ "صُنعت في لبنان" ،
وهو المسؤول الاولُ، والدليلُ سحبُ البندِ رقم 109 المتعلِّقِ بوزيرِ المالِ المغلوبِ على امرهِ، واعادتهِ الى مجلسِ الوزراءِ،
برئاسةِ وقيادةِ "النجيبِ العجيبِ" .
فإذا كانتْ الموازنةُ من نوع "صُنِعَ في لبنان"، من الواضحِ تغييرُ هويةِ الاقتصادِ اللبنانيِّ بعدَ ضربِ وجهِ لبنانَ السياسيِّ؟
ثمَّةَ اشباحٌ غيرُ مرئيةٍ، ربما تعملُ لتدميرِ ما تبقى مِن بلدٍ، ومن تبقى من شعبٍ...
الرهانُ على يقظةِ ضميرٍ في مجلسِ النوابِ غداً،
فالنوابُ قد لا يُريدونَ القيامَ بشيءٍ، ولكن املاءاتِ الانتخاباتِ قد تفرضُ عليهمْ اليقظةَ... فلننتظر...!