#الثائر
اليوم، في الأسبوعِ الأخيرِ، من عامِ العذابِ والجوعِ والمَذلَّاتِ، عاهدتُ نفسي أَلَّا أُدنِّسَ المقالَ بذكرِ هؤلاءِ الملوَّثينَ الملوِّثينَ…
وأساساً، لو كانتْ لهم عيونٌ تقرأُ، لشَاهدوا الضحايا وفكَّروا لحظاتٍ بالتوبةِ…
ولو كانتْ لهم آذانٌ تُصغي، لَسمعوا البكاءَ المكبوتَ بعزَّةِ نفسٍ داخلَ جدرانِ البيوتِ،
ولو كانَ لهم بقايا من ضميرٍ، لارتجفتْ قلوبهم أحياناً.
ولكنْ، هيهاتِ ثمَ هيهاتِ أن يؤتَمَنَ الذئبُ على الخرافِ،
الذئبُ هو الذئبُ.
فيا أهلنا الطيِّبينَ الصابرينَ،
يا شعبنا الصامدَ الصامتَ،
اعدُكمْ واعاهدكم بأننا باقونَ معاً في نضالنا المقدَّسِ للحياةِ والحريةِ والكرامةِ،
اعدُكمْ واعاهدكمْ: سيأتي يومُ الانتصارِ الكبيرِ... وسيأتي الحسابُ!
***
هذا المقالُ هو لكمْ، وكلُّ مقالاتي هي لكمْ، يا أهلي وأحبائي في هذا الوطنِ الرائعِ…
ولا شيءَ عندي أَثمَنُ من محبتكمْ، ومن ثقتكمْ التي بها تَطيبُ صفحتي على "فيسبوك" والاونلاين...
والتي غمرتني بسخاءٍ في التعليقِ على مقالي الأخيرِ، "سنبقى … سنصمدُ" سنعيشُ الأملَ برحيلكمْ!
كم يكبرُ قلبي وأنا أقرأُ تعليقَ اصدقاءٍ يقولونَ:
"سنبقى، كما بقيَ الأجدادُ الطيِّبونَ الشرفاءُ. الوطنُ لنا وليسَ لهمْ. هم الموسميُّونَ وسيرحلونْ".
"ميلادٌ مجيدٌ هني بس يحلُّو عنا ونحنُ منعرف كيف منحب بعضنا وكيف نرجع نحسِّنْ وضعنا".
"المجدُ للهِ في العلى وعلى الارضِ السلامُ وفي الناسِ المسَّرةُ...
ميلادٌ مجيدٌ وسنةٌ جديدةٌ مباركةٌ.. لبنانُ سيقومُ،حقاً سيقومُ،اما منظومةُ الفسادِ والإفسادِ فإلى زوالٍ...!"
وكمْ يزدادُ إيماني عندما أقرأُ صديقةً تقولُ:
"في قلبِ كلِّ مسيحيٍّ لبنانيٍّ شيءٌ من الإسلامِ ، وفي قلبِ كلِّ مسلمٍ لبنانيٍّ شيءٌ من المسيحيةِ.
فمسيحيو لبنانَ يختلفونَ عن بقيةِ المسيحيينَ في العالمِ، ومسلمو لبنانَ يختلفونَ عن بقيةِ المسلمينَ.
وقد يكونُ هذا ما قصدهُ البابا يوحنا بولس الثاني (القديس) عندما قالَ إن لبنانَ هو رسالةٌ للعالمِ اجمعَ".
وأكثرُ ما هزَّني هو التعليقُ الذي عادَ بي إلى والدي الحبيبِ الغائبِ الحاضرِ:
"رحمَ اللهُ الوالدَ سعيد فريحه رائدَ الصحافةِ اللبنانيةِ. فأنتِ ابنتهُ. أطالَ اللهُ بعمرِكِ".
فألفُ شكرٍ لكمْ، يا مئاتَ آلافِ الأصدقاءِ والإخوةِ في وطننا الضائعِ والغربةِ القاسيةِ.
أنتمْ لي البوصلةُ، وأنا معكم على عهدِ الوفاءِ… حتى يومِ الانتصارِ.
***
ولكنْ، أقولُ شكراً للهِ على نعمةِ التكنولوجيا التي سمحتْ بقولِ الحقائقِ حيثُ هي ممنوعةٌ...
نعم، أهلنا يفتحونَ قلوبهم لمواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ، لأنهم ممنوعونَ من قولِ الحقائقِ في الشارعِ،
ولأنهم قوبِلوا بالترهيبِ والقمعِ،
بالخراطيمِ وقنابلِ الدخانِ حيناً، وبالرصاصِ على العيونِ أحياناً…
ولكنْ، كونوا على ثقةٍ، الشعبُ الجائعُ المقهورُ لم يعدْ لديهِ شيءٌ يَخسرهُ، ولم يعُدْ يَخافكمْ.
***
يا منظومةَ الفسادِ، القديمةَ المتجدِّدةَ، الأنانيةَ والعاجزةَ، الحاقدةَ والفاشلةَ،
هذا صراخُ الأبرياءِ سيخرجُ من الجدرانِ يوماً لم يعدْ بعيداً،
سيحطِّمُ أسوارَكمْ الحصينةَ، وسيعلنُ إحقاقَ الحقوقِ وعودةَ الوطنِ إلى أبنائهِ الحقيقيين.
سيقفُ الشعبُ جريئاً، وسيصرخُ في وجوهكمْ:
أنتمْ لصوصٌ، ناهبو أموالِنا بهندساتكمْ ومزاريبِ فسادِكمْ،
وبالمحاصصةِ التي بها أوصلتمْ أولادَنا إلى الهجرةِ، والدولةَ إلى الإعدامِ!
يا جماعةَ "الشبعان الرايح ليأتي الجوعانُ"،
يا جماعةَ الـ"لا مَن يَسمعُ ولا مَن يجيبُ"،
يا جماعةَ السُخفِ والاستهزاءِ والفجورِ.
لكمْ نصيحتُنا: "لملِموا" بعضكمْ بعضاً وارحلوا.
ارحلوا إلى حيثُ أموالُنا التي نهبتموها وهرَّبتموها بالحرامِ،
أعيدوها الى مُودعيها الشرفاءِ كما كانتْ بالدولار،
واياكمْ ثم اياكمْ ان تحوِّلوها الى ليرةٍ لبنانيةٍ "لتسدُّوا" بها عجزَ خزينةِ الدولةِ،
بتلاعبكمْ وقرفكمْ وجشعكمْ وفسادكمْ وهدركمْ، يا افسدَ "فاسدي العالمِ"...
واتركونا نُلملمُ جروحنا ونداوي البلدَ...
ارحلوا… وإلاَّ فالآتي أعظمُ!