#الثائر
كتب راجح خوري في النهار:
عندما دانت الجامعة العربية تدخّل إيران في أحداث دوّار اللؤلؤة في البحرين عام 2011، رفض وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل الموافقة على البيان قائلاً: “إذا خُيّرنا بين الوحدة الوطنية وعلاقات لبنان العربية، نختار الأولى ولا نفرط بالثانية”، ولكن لبنان منذ ذلك الحين، لم يحفظ أو يكسب الوحدة الوطنية، لكنه فرّط لا بل دمّر علاقاته مع الدول العربية، وآخر فصول هذا التدمير الممنهج، هذا الإنهيار الكارثي المتصاعد للعلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
لا داعي للتذكير بكل المحطات المخجلة والمعيبة التي سجلتها الديبلوماسية اللبنانية حيال الدول العربية الشقيقة، والتي وصلت إلى حد اضطرار الدولة اللبنانية إلى إقالة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السابقة شربل وهبي، الذي وجّه اتهاماً على الهواء إلى المحلل السياسي السعودي سليمان الانصاري، ربما يليق به لا بأهل الخليج، وأربأ شخصياً حتى عن ذكره في هذا السياق.
ربما لأننا امام سياق مضاعف، بدأ بتصريح وزير الاعلام عن حرب اليمن، التي كان يفترض أنه مطّلع على تاريخها، وتفاصيل الإدارة العسكرية الإيرانية لوقائعها الحوثية والانقلاب على الشرعية اليمنية، من منطلق السعي لجعلها شوكة مسمومة في خاصرة السعودية ودول الخليج، ثم وصل إلى تصريحات وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وهو سفير سابق يفترض ان يكون عليماً وحريصاً على قواعد اللياقات الديبلوماسية الحساسة والضرورية، وخصوصاً وسط الأزمة العاصفة الآن وغير المسبوقة في تاريخ العلاقات بين لبنان والدول الخليجية واستطراداً العربية.
لكن بو حبيب بعد نشر تصريحاته الهمايونية سواء في صحيفة «عكاض» التي قالت رغم نفيه، أنها تملك تسجيلات لكلامه، وسواء في وكالة «فرانس برس»، بدا وكأنّه ينزلق أو أنّه مدفوع إلى إلقاء المازوت الإيراني في نار الأزمة الملتهبة مع الدول الخليجية، ولعل الأسوأ من تصريحاته التي شكّلت طعناً متهوراً موجّهاً إلى السعودية، أوحى فعلاً أنه على غير دراية بتاريخ طويل من التهديدات والافتراءات التي يوجّهها «حزب الله» إلى السعودية ودول الخليج، إضافة إلى ما نُشر عن قيامه بتدريب المقاتلين الحوثيين في لبنان وإدارة محطتي «الساحات» و «المسيرة» الحوثيتين في الضاحية الجنوبية.
الغريب أن بو حبيب صوّر لبنان بلداً مصدّراً للمخدرات، عندما برر تهريبها إلى السعودية بقوله أن سوقها للمخدرات هو الدافع الرئيسي خلف التهريب لا تجار المخدرات في بيروت وضواحيها! غريب... هذا منطق لا يتلفظ به حتى «آل تشابو» في كولومبيا، والأنكى أنه خفف أهمية الدعم المالي الخليجي، الذي لطالما أغرق لبنان، خصوصاً بعد عدوان «عناقيد الغضب»، وفي مؤتمرات الدعم ولكأنّه وزير يهبط من الفضاء الخارجي، ولم يستمع ولو إلى نشرة أخبار واحدة تتحدث عن الكارثة المالية والاقتصادية التي ستعصف بلبنان إذا ما أوقف أبناؤه ال 400 الف في الخليج تحويلاتهم إلى بلدهم!.