#الثائر
علي عواد -
لأن مصائب السكّان في لبنان لا تأتي فرادى، ظهرت في الساعات الماضية منشورات على وسائل التواصل تعلن خسارة أشخاص ملايين الدولارات استثمروها في موقع «باينانسز فاند»
أمام أرباح خيالية يغري بها المستثمرين، لهث البعض خلف موقع يحمل اسم «باينانسز فاند» (binancesfund.com)، معتقدين أن أموالهم ستتكاثر بسحر ساحر، فقاموا بتبديل ما لديهم من دولارات «كاش» إلى عملة «يو أس دي تي» (USDT) الرقمية (كل عملة تساوي دولاراً واحداً)، وأنشأوا محافظ إلكترونية في الموقع واختاروا مشاريع للاستثمار فيها. في البداية، كانت المشاريع تعود إليهم بالفعل بما وعدهم به الموقع، وكان باستطاعة المستثمر أن يحوّل أمواله التي جناها داخل الموقع، إلى محفظة رقمية خارجه. الأمور بدت مثالية، حتى أن أحدهم «حوّل» 300 دولار إلى 10 آلاف دولار في أسابيع.
كيف سرقت الأموال؟
انتشرت «الخبرية» بين بعض اللبنانيين، فهرعوا لتحويل أموالهم إلى الموقع. منهم من وضع جزءاً يسيراً من مدّخراته، ومنهم من باع سيارته وممتلكات أخرى أو استدان المال طمعاً في تحصيله مضاعفاً. لكن، فجأةً، توقّف كل شيء. ولم يعد باستطاعة أحد تحويل ما تم جنيه داخل الموقع إلى خارجه؛ أعلن الموقع أنه يقوم بعملية صيانة ستستغرق من 24 إلى 48 ساعة، انتظر الجميع تلك الساعات وكأنها دهر، لينتهي الأمر بمأساة.
عندما سأل المستثمرون الشركة عبر حساب «تلغرام» عمّا حصل، لم يأتهم رد. حاولت «الأخبار» التواصل مع الحساب أيضاً من دون جدوى، قبل أن يتم محوه. أمّا حساب الـ«واتساب» الخاص بالموقع، فتحوّل من حساب «بيزنس»، أي خاص بشركة، إلى حساب عادي، ولا من مجيب.
تقدّمُ الشركة نفسها على أنها خبيرة في مجال تداول العملات الرقمية، علماً أن لا علاقة لها بتاتاً بمنصة «باينانس» حيث يتم تداول العملات الرقمية بصورة شرعية وحقيقية. وبحسب الموقع، هناك عدة خطط يمكن للمستثمر الاختيار بينها، وتتراوح الفوائد من 0.5 في المئة يومياً إلى 6.2 في المئة يومياً بحسب المبلغ الذي تم استثماره. علماً أن الموقع يتيح للمستخدم الذي يأتي اليه بزبائن جدد الحصول على 15 في المئة من الفوائد، أي أنها «بونزي» علنية (شكل من أشكال الاحتيال الهرمي).
يقول جو، وهو مستثمر سابق في الموقع، لـ«الأخبار»، إنه كان على علم بأن الشركة تدير عملية «بونزي»، لكنه خرج منها بأرباح مالية قبل أن يتوقف كل شيء. هادي الذي وضع مبلغ 3500 دولار قبل نحو 12 يوماً، يؤكد أنه كان متيقناً بأنها عملية «بونزي» أيضاً، لكن لم يتوقّع أن ينتهي الأمر بهذه السرعة.
لا يمكن فعلياً تحديد حجم المبالغ التي تبخّرت. قد تكون الخسارة 200 ألف دولار وقد تكون 300 مليون دولار كما قيل في وسائل التواصل الاجتماعي. لكن يمكن تقدير المبلغ الكلي إذا ما تقدّم «المستثمرون» للإبلاغ عما حصل معهم إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية.
«باينانسز فاند» وأخواته
على واجهة الموقع الإلكتروني لـ«باينانسز فاند»، تقول الشركة إنها مسجلة في سنغافورة، وأن لها «رقم كيان فريد» EUN شرعي هو: (201705188N). بالبحث في موقع رسمي تابع للحكومة في سنغافورة، يتبيّن أن الرقم يعود إلى شركة (CRYPTOCURRENCY FINANCIAL SERVICES PTE. LTD). في حساب الشركة على «تلغرام» كثر يسألون يسألون المشرف على الحساب عن أموالهم التي ضاعت! فيما هناك رسالة مثبّتة (pinned) من قبل المشرف تقول إن «كل المواقع الإلكترونية التي تطلب منكم تحويل أموال بغية التداول بها، وتقوم باستخدام اسم شركتنا هي عمليات احتيالية. نحن لا نشترك بمثل ذلك، ولا علاقة لنا بهم. أرجوكم توقّفوا عن سؤالنا، وتقدّموا ببلاغاتكم إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. مع الأسف كل موقع نقوم بإيقافه، يختفي ليعود ويُخلق باسم جديد».
في بحث على موقع «سكام ديتكتور» scam-detector المتخصص في تحديد المواقع الاحتيالية، يشار إلى «binancesfund.com» على أنه موقع احتيالي، حصل على درجة 0.9 من 100 في الثقة. تم تأسيسه في السابع من نيسان الماضي، ولا يُنصح بالتعامل معه. ويظهر البحث عن اسم نطاق الموقع أنه معروض للبيع، وأن الشركة غيّرت الـIP Address الخاص بالموقع ثلاث مرات منذ تم خلقه!
إلى ذلك، يدرج «سكام ديتكتور» موقع (bitplam.com)، الذي يقدّم نفسه على أنه متخصّص في التداول، ويقدّم من 4 إلى 5 في المئة أرباحاً مضمونة على قيمة الاستثمارات، في خانة مواقع الاحتيال. فيما تفيد معلومات بأن بعض اللبنانيين استثمروا أموالهم بالفعل في هذه المنصة، في محاولة لتعويض ما خسروه!