#الثائر
كتبت الكاتبة ولاعلامية نادين خزعل تقول:
التاسعة صباحًا..
طريق المطار خالية تمامًا من السيارات التي بات مشهد ركنها ليلًا على محطات البنزين مألوفًا..في جل الديب أيضًا..وفي الجية..وفي صور..وفي عكار..وفي بعبدا..كل المحطات خالية.
في الليلكي، بسط أبو علي غالونات البنزين التي اعتاد بيعها ( عشرة ليتر ب 200 ألف) ولكن عجبًا، لا أحد يشتري اليوم..في البداوي أيضًا، وفي صيدا وفي النويري وفي الرمل العالي…
من جهته، إتصل خليل برئيس لجنة بناية كان قد طلب منه ألف ليتر مازوت وفق سعر السوق السوداء ليخبره أنه جاهز لتسليمه إياها لكن الأخير قال له أنه عدل عن الشراء.
السوبر ماركت حيث كيلو اللبنة ب55 ألف واللحم ب180 ألف والنسكافيه ب 90 ألف والجبنة ب85 ألف لم يدخله أحد..
منذ ساعة وهاتف صاحب المولد الذي سعّر ال5 أمبير ب900 ألف لا يهدأ، كل المشتركين طلبوا منه أن يرسل أحد العمال لفك الديجونتور…لم يعودوا يريدون الإشتراك..
محلات الدجاج والمتبلات حيث كيلو الطاووق سعره 60 ألف ليرة لبنانية وكرتونة البيض ب45 ألف خالية من الزبائن.
سوق الخضار حيث سعر كيلو الخيار 10 آلاف واللوبياء 23 ألف والتفاح 18 ألف خالٍ من الحركة..
الأفران التي ارتفع فيها ثمن ربطة الخبز إلى 4500 فارغة من الزبائن..
المتلاعبون بمنصّة سعر صرف الدولار حيث يرفعونه إلى 19500 ثم يخفضونه إلى 18509 مستغربون..لا تداولات..ولا حركة بيع أو شراء..
تداعت مجالس الوزراء والنواب والدفاع الأعلى إلى اجتماع طارئ تحت عنوان: أين الشعب؟
وصلوا إلى الأونيسكو، تعقموا، توزعوا على المقاعد وفق التباعد الإجتماعي..ماذا يجري؟
دخل أحد الحرس، القلق أخفى ملامح وجهه: يا سادة نحن محاصرون من قبل 45 ألف مواطن قطعوا الطريق من كل الاتجاهات وسيطروا على سياراتكم ومرافقيكم وصادروا أسلحتهم!!!
مرَّ يومٌ…يومان…أسبوعٌ…
كل الدوائر الرسمية مغلقة..
كل المؤسسات الخاصة مقفلة..
السوبر ماركات والأفران ومحطات البنزين خالية…الشوارع مشلولة..
في اليوم العاشر…أُعلن أن سعر صفيحة البنزين عاد إلى سعره الأساسي 20 ألف..بائعو السوق السوداء اختفوا وأعادوا المحروقات الى الشركات التي اشتروها منها..
بادر أصحاب السوبر ماركات إلى إطلاق حملة ( مع كل غَرَض غَرَض):
كيلو اللبنة انخفض سعره إلى 8000 ومع كل كيلو كيلو آخر مجانيّ..اللحمة التي خسر تجارها انخفض سعر الكيلو منها إلى 20 ألف والجبنة إلى 12 ألف..
صاحب المولد الذي خسر كل مشتركيه أرسل رسالة إلى هواتفهم: إشتراك ال5 أمبير ب45 ألف..
كيلو الطاووق : 15 ألف..كرتونة البيض: 7000…كيلو الخيار 2000..ربطة الخبز 1250..
الدولار انخفض بشكل دراماتيكي…
إختفت المنصات…
حُذفت التطبيقات..
تلاشت السوق السوداء..
3900 سعر صرف الدولار…
ولكن مهلًا….
المحاصَرون في الأونيسكو يستجدون المحاصِرين..
أُنهِكوا…تعبوا…كل مناصريهم تخلوا عنهم..كل السفارات تخلت عنهم..أرسل المحاصَرون موفدين ليتحاوروا مع المحاصِرين: المطلب واحد: سن تشريعات فورية:
1- سعر صرف الدولار 1500.
2- تثبيت سعر المحروقات كما كان قبل 17 تشرين 2019.
3- مصادرة فورية لكل ما هو مخزن من غذاء ودواء ومحروقات.
4-و……
5-و……
6-و……
بصفة العجلة أقرت القوانين…
عاد لبنان…
ضحك الأطفال…
عادت الكهرباء..
عاد الدواء…
رخص سعر الغذاء…
كل محطات البنزين مفتوحة والازدحام حده الأقصى 3 سيارات على كل محطة…
ممثلو وسائل الإعلام العالمية وصلوا إلى لبنان…المهنؤون يتوافدون إلى منازل المواطنين…عادت الحياة تدب في أروقة اللبنانيين…
عاد إلى الحياة شعبٌ أغرقه الذل واليأس والاستسلام…
ما سبق ليس مشهدًا من مسرحية سوريالية ولا ضربًا من خيال….هو فعلٌ يتحقق متى ما أراد الشعب أن يعيش….
وبعد…
منعًا لتكرار الحصار، أقر المحاصَرون بعد تحريرهم أنهم سيهدون الشعب هدية: سعر صرف الدولار 1250