#الثائر
=== خاص الثائر ====
كتب السفير الروسي السابق في لبنان الكسندر زاسبيكين :
بعد لقاء القمة الروسية الأمريكية تبين بشكل جلي أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يريد ممارسة نهج مزدوج تجاه روسيا، فهو يقوم بإجراء الحوار من جهة ومن جهة ثانية يواصل الضغوط عبر العقوبات، والتدخل في الشؤون الداخلية لروسيا، تحت عنوان حقوق الإنسان المختلق. وفي الواقع لم يكن الرئيس بوتين يتوقع شيئاً آخر، وهو يدرك تماماً أن المواجهة ستبقى هي جوهر العلاقة مع أمريكا. وليس الرئيس الروسي وفريقه فقط يفهمان هذه الحقيقة بل إن الرأي العام الروسي يقف أيضاً موقفاً واضحاً من المحاولات الأمريكية التخريبية ، التي سوف تستمر وتزداد حدةً مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الدوما في الخريف القادم.
وبالعودة إلى الحوار مع أمريكا، يجب التأكيد بكل وضوح، على أن إثارة موضوع حقوق الإنسان واختلاق الذرائع لن يفيد الإدارة الأمريكية بشيء، سوى للاستهلاك الإعلامي المحلي والغربي. أمّا داخل روسيا، فعدد مؤيدي «الليبراليين» المعارضين قليل جداً ، ولقد اعتبر الرأي العام الروسي، أن تركيز الصحافيين الغربيين على مسألة المعارض نافالني، أثناء المؤتمر الصحافي للرئيس بوتين، بعد القمة في جنيف، دلالة واضحة على وجه سخيف للإعلام الغربي.
إن الجانب الروسي قادر على عرض قضية حقوق الإنسان بكل جدية، والإشارة إلى جرائم عديدة ارتُكبت في سياق عدوان أمريكي ومن قبل دول الناتو، ضد عددكبير من دول العالم، إضافة إلى مسألة السجون السرية، وسجن غوانتانامو، وانتهاكات متعددة لحقوق الإنسان في أمريكا.
لقد أصبح الاستقرار الاستراتيجي في خطر، نتيجة لخروج أمريكا من المعاهدات الدولية . وفي نفس الوقت حاول الأمريكيون تشويه صورة روسيا عبر نشر الأكاذيب والأضاليل، مثل قصة تسميم "المعارضين " والحديث عن وجود قوات روسية في أوكرانيا ، وموضوع تفجير المستودع في تشيكيا، وكل هذا يشبه القصة الملفّقة عن استخدام السلاح الكيماوي في سوريا.
وتجدر الإشارة إلى موضوع القرصنة الإلكترونية، الذي يشكّل خطراً حقيقياً للأمن القومي، في أمريكا وروسيا والدول الأخرى، إلّا أن هذا الموضوع تم استخدامه كوسيلة في لعبة الحزب الديمقراطي والمخابرات الأميركية ضد روسيا، وضد الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. واليوم إذا استمر حكام أمريكا في نفس النهج، فسوف يؤدي هذا حتماً إلى نتائج مأسوية للجميع، بما في ذلك لأمريكا . وإذا كان موضوع الأمن السيبراني مطروحاً للنقاش مع روسيا، فيجب أن يرتكز النقاش على الاعتراف بضرورة التعامل والتنسيق، وليس على استخدام إعلامي لغايات الدعاية وتضليل الرأي العام.
صحيح أن نتائج لقاء القمة الروسية الأميركية سوف تتبلور في سياق الحوار الخاص بالاستقرار الاستراتيجي، والمشاورات التي تم أو سيتم الاتفاق عليها، لكن الأجواء الدولية لم تتحسن في ضوء اللقاء الأخير في جنيف، ولقد سارع الأمريكيون إلى تأكيد عدم تعديل مواقفهم من روسيا، وعادوا إلى ساحة الحرب الباردة.
واكد اجتماع رؤساء دول الاتحاد الأوروبي، أن صوتهم الموحد لا يمكن أن يكون إلّا روسوفوبيا، وهناك عدد من الدول الأعضاء، وخاصة الشرق أوروبية، تعتبر العداوة مع روسيا أساساً لسياستها الخارجية. وبهذا الصدد فشل الاقتراح الألماني الفرنسي لعقد لقاء القمة الأوروبية الروسية. ومن جانب آخر أقدمت بريطانيا على استفزاز روسيا في البحر الأسود قرب القرم، من خلال ارسال سفينة حربية واختراق الحدود الإقليمية الروسية مسافة ٣ كلم. ومجدداً نلاحظ محاولات استعراض التضامن الغربي المعادي لروسيا.
إن الغرب يتصرف وفقاً لقواعد خاصة يخترعها كي يستخدمها لمصلحته حسب الحاجة الذاتية، وعادةً يتهم أخصامه بالجرائم التي يرتكبها هو، ويزوّر الحقائق ويضلل الرأي العام . وهذا الواقع سوف يستمر حتماً، وبكل وقاحة يجري الحديث اليوم عن احتمال قيامهم بهجمات ألكترونية، وعن التدخل في الأوضاع الداخلية لدول أخرى، منتهكين بذلك كافة الأعراف والقوانين الدولية.
وتقع بيلاروسيا في ذروة الاهتمام الغربي، وتتم ممارسة ضغط غير مسبوق عليها، خاصةً عبر العقوبات، بهدف تغيير النظام في البلد، و انضمامه إلى المعسكر الغربي، الذي يريد محاصرة روسيا وزيادة الضغط عليها. أما روسيا فهي ستستمر في زيادة التنسيق والتعاون مع بيلاروسيا وتنفيذ كافة الاتفاقات بخصوص قيام دولة الاتحاد بين البلدين.
أما في أوكرانيا فالنظام النازي الحاكم في كييف، يواصل سياسة تدمير البلد، خدمةً لمصالح الولايات المتحدة. ولكنه يجب التأكيد على أن الحرب لن تندلع مع روسيا، لأن الحرب سوف تؤدي إلى نهاية أوكرانيا، وهذا مفهوم ويعرفه جيداً الحكام في كييف، وأصدقاؤهم في واشنطن. وروسيا من جانبها ، لن تتورط في هذه المغامرة بإرادتها الذاتية، ولو أنها تعتبر الحالة القائمة حول دونباس غير مقبولة، بسبب المآسي التي يعانيه الشعب هناك نتيجة للقصف الأوكرانى المستمر.
من الواضح أن روسيا تتخذ كافة الإجراءات اللازمة على الصعيد الدولي، لتعزيز مواقفها في وجه الضغوط والدسائس الغربية، والأهم في الظروف الراهنة، هو توطيد العلاقات مع الصين، ولقد تم تمديد معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون بينهما، وتؤكد هذه الوثيقة توافق الدولتين على مبادئ أساسية للشراكة والتحالف.
أما في الشرق الأوسط، فروسيا تواصل نهجها السياسي السابق بدون تغييرات، لأنه يعتمد بالدرجة الأولى على التعاون مع الدولة السورية، ومع حلفائها، من أجل تحقيق الأهداف التي تم الاتفاق عليها منذ البداية، ولقد مرت عدة مراحل أسفرت عن هزيمة الإرهابيين واستعادة الأمن ، وصولاً إلى هذه المرحلة التي تتطلب تركيز الجهود على إعادة البناء والإعمار، وأظن أن تعديل الموقف الأمريكي حيال الأوضاع هناك غير وارد الآن، وبالتالي من الصعب افتراض تعديل مواقف حلفاء واشنطن في المنطقة أو في أوروبا.
وتكشف المفاوضات الجارية في فيينا مع إيران ، محاولات الجانب الأمريكي والغرب، فرض شروط جديدة على إيران، وهذا ما يعيق الوصول إلى نتائج ملموسةحتى الآن. أما الموقف الروسي فهو واضح، ويطالب بالعودة إلى الاتفاق كما كان ، ودون إدخال أي تعديلات أو مواضيع وشروط جديدة عليه.