#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
ليس خافياً على أحد أن الأطراف اللبنانية تستعمل كافة أنواع الأسلحة المتاحة في معركة تثبيت المواقع، استعداداً للمعركة الانتخابية القادمة. وقد شكّلت انتخابات نقابة المهندسين أمس، بطاقة حمراء رفعها الثوار والمستقلون في وجه أحزاب السلطة، التي لم تخجل من التحالف، متجاوزةً خلافاتها على الحصص، في وجه الحركة الشعبية الأعتراضية، على الفساد وفشل الحكم في الإدارة السياسة والاقتصادية للبلاد.
في علم الاقتصاد لا يمكن فهم الارتفاع السريع لسعر صرف الدولار ، أما لناحية استخدام ذلك كسلاح ضغط في السياسة، عن طريق المضاربات والإشاعات، فمن السهل طبعاً فهم ما يحصل . لكن المشكلة أن كل هذا يتم على حساب الشعب، الذي يدفع وحده الثمن، أكان عبر فقدان قدرته الشرائية، أم عبر الوقوف في طوابير الذل ، للحصول على مواد حياتية أساسية، كحليب الأطفال، والبنزين، والدواء، وغيره.
لقد بدأت حركة الشارع تتصاعد، وهذه لعبة خطرة جداً في هذه الظروف المادية المأساوية. وصحيح أن الشعب ما زال بقسمه الأكبر صامتاً، لكن هذا لن يبقى لفترة طويلة، ومن لم يسمع صرخة الناس ، والضابط الموجوع المكلف بحفظ الأمن في صيدا، فهو جاهل غير متبصر في علم السياسة. فالإنفجار الشعبي بات قاب قوسين أو أدنى، والغضب لن يوفر أحداً من المسؤولين المشتركين في التعطيل والمحاصصة، والمختبئين خلف كذبة الصلاحيات، ولا حتى أولئك الذين يدّعون الوقوف على الحياد.
يقول مصدر مطّلع للثائر: أنه جرت في اليومين الماضيين اتصالات حثيثة بين الفرقاء المعنيين لتسهيل تشكيل الحكومة، وأن أفكاراً جديدة تم طرحها وجرى التوافق عليها، بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وحزب الله الذي يبذل مساعي مكثّفة لإنجاز التسوية عن طريق الحاج وفيق صفا، والرئيس نبيه بري الذي يرفض سقوط مبادرته، وتم البحث بهذه الأفكار مع الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي وعد بالعودة اليوم الأثنين إلى بيروت ، ويتوقع المصدر أن يقدّم الرئيس المكلف هذا الأسبوع تشكيلة حكومية جديدة من ٢٤ وزيراً . أما عن توزيع الحصص وما تم تداوله عن تشكيلة أربع ستات، يقول المصدر: أنها طُرحت كحل ، وأنه تم تجاوز عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين اللذين لم يعد التيار الوطني الحر متمسكاً بتسميتهما، باعتبار أن الوضع يحتاج إلى التسوية والتضحية لانقاذ ما بمكن انقاذه. كما أن الإفساح في المجال لقوى المجتمع المدني للمشاركة في الحكومة، يُشكّل مخرجاً لا يُحرج أي من الفريقين، كما يمكن أن يُسهم في امتصاص النقمة الشعبية على الحكم والحكومة القادمة.
أما النقطة الأهم في الموضوع هي أن القوى السياسية أدركت أنه يستحيل تأجيل الانتخابات النيابية، وبالتالي فإن أي حكومة باتت مهمتها الأولى وقف التدهور، ومنع الانفجار، والإعداد للانتخابات المقبلة، التي ستجري بعد أقل من تسعة أشهر، أي في موعدها في الربيع القادم، مع احتمال تقديمها لمدة شهر أو أكثر.
وبالتالي بات السباق الآن بين خيارين : فإما أن تتشكل الحكومة هذا الأسبوع ، وإمّا الذهاب إلى المجهول والإنفجار الكبير، الذي سيفرض واقعاً جديداً، يُجبر الجميع على تغيير قواعد اللعبة، بما يتناسب مع مصلحة ورغبة الراعي الجديد للبنان، والذي لم يُحدد بعد أكان امريكا أم إيران أم فرنسا أم روسيا ، فهذا سيتضح لاحقاً مع التسوية الكبرى وتوزيع الأدوار في المنطقة ككل.