#الثائر
فادي عيد -
بات الدور الروسي يطغى على ما عداه متقدّماً على المبادرة الفرنسية، والتي تعتبر الورقة الأساسية المتكاملة لحل الملف اللبناني، حيث تشير معلومات ديبلوماسية، إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، يتحضّر لزيارة لبنان، ولكن وفق أحد أصدقائه اللبنانيين، لن يحصل ذلك قبل أن تظهر بوادر إيجابية على صعيد تشكيل الحكومة، وخصوصاً بعد الزيارة المتوقّعة لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
وبمعنى أوضح، فإن الروس يسعون من خلال حراكهم لدعم لبنان، إلى عدم تجاوز المبادرة الفرنسية، وعلى هذه الخلفية كانت زيارة بوغدانوف الأخيرة إلى باريس، وحيث كان الملف اللبناني الطبق الأساسي، وربما الوحيد، الذي جمع نائب وزير الخارجية الروسي بالمسؤولين الفرنسيين، وفي طليعتهم المعنيون بالملف اللبناني والمقرّبون جداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لذلك تفيد المعلومات، أن موسكو باتت تملك صورة متكاملة وشاملة عن موقف كل الأطراف في لبنان، ومن كافة الإتجاهات، ويدركون مكامن التعطيل ومن يعطّل تأليف الحكومة، ولهذه الغاية ينسّقون مع المسؤولين الفرنسيين ويتواصلون مع طهران، حيث لها دور وعلاقات مع قوى أساسية في لبنان، وبمقدورها أن تساهم في إنضاج الحل.
وتكشف المعلومات نفسها، عن دور روسي فاعل سيعمل على خطوط عدة، إن على صعيد زيارات سيقوم بها عدد من القيادات اللبنانية، إضافة إلى مشاورات وزارة الخارجية الروسية مع عدد من الدول ذات الصلة بالملف اللبناني، ومن ثم الزيارة المرتقبة لبوغدانوف، وإن كان موعدها لم يحددّ بعد بعدما تم تأجيلها سابقاً، كيلا تُفسَّر أنها تدخّل في الشأن اللبناني الداخلي.
وفي هذا الصدد، لا يُخفى وجود تململ روسي من أداء بعض العواصم الغربية تجاه الوضع في لبنان، والذي لا يصبّ في خانة الحلحلة باعتقادهم، وخصوصاً لجهة العقوبات الأميركية أو من الإتحاد الأوروبي تجاه عدد من الشخصيات اللبنانية، وهذا ما فاتح به بوغدانوف المستشارين في الإيليزيه، أي أن روسيا، لا تتوافق كلياً مع المبادرة الفرنسية أو مع الدور الأميركي، بل لديها سلسلة ملاحظات، ورغم ذلك هي تُماشي المبادرة الفرنسية في الشقّ المتعلّق بتأليف الحكومة برئاسة سعد الحريري ومن وزراء اختصاصيين، وألا يكون فيها أي ثلث معطّل لأي مكوّن سياسي ولأي جهة انتمى.
وفي الإطار نفسه، يعتقد أحد المطلعين على السياسة الروسية منذ سنوات طويلة، بأن ما تقوم به موسكو، يصبّ في خانة الحماية الإستراتيجية لمصالحها، وإيجاد مظلّة واقية لها وتحديداً لوجودها العسكري في سوريا، ويشير إلى أن الساحة اللبنانية قد تكون أبرز عناصر الحماية لهذا الوجود، ولكن ذلك يستدعي غطاءً أمنياً واقتصادياً وسياسياً، ولفت إلى أنه عندما وجد الروس أن لبنان ذاهب إلى الانهيار، وقد يؤدي ذلك إلى اهتزازات أمنية في المنطقة، فعّلوا هذا الدور حتى أضحى الدور الأبرز، متخطّياً الدورين الأميركي والأوروبي وحتى العربي.
وفي المحصلة، هناك توقّعات بأن تظهر الأيام القليلة المقبلةالصورة، أكان على صعيد تأليف الحكومة، أو لجهة تقريب المسافات بين المتخاصمين، بغية الشروع في حلول سياسية وإصلاحية، وقبل كل ذلك وقف الإنهيار الإقتصادي. وهنا تضيف معلومات مؤكدة، أن الروس، وخلال لقاءاتهم الأخيرة في موسكو مع مسؤولين لبنانيين، أكدوا لهم أن روسيا، وفي حال شُكّلت الحكومة في وقت قريب، قادرة على أن ترسل شركات روسية عملاقة متخصّصة في كافة المجالات لإعادة بناء وإعمار المناطق التي دُمِّرت جراءانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب المنصرم، وحتى الدخول في مجالات طبية وعلمية، إنما ذلك في حاجة لهدوء سياسي في لبنان وحكومة موثوق بها من قبل الجميع.